زهير دعيم
يلَذّ لي أن اتعثّر في شِعاب الأيام، واتمرّغَ فوق ثرى الوطن، وأملأ أنفي من شذىً يتضوّع مجدًا وعرقًا وحياةً ، تربّصَ لها الموتُ الزؤامُ مرة في الزوايا الحالكة ، وعاد لا يلوي على شيء.... عادَ يجرّ ذيل الخيبة ، ويلعق دمًا ينزف من جراح الهزيمة . ...
اوّاه...
 
الدرب الطويل ينكمش وينكمش ، والافق الغربيّ يتضرّج ، بينما تدبّ الحياة في القمر الشاحب  المُعلّق في مدارج السماء ، فيروح يغمز بمُقلة شهلاء نجمة تبرّجت على شُرفة الفضاء .
 
مهلاً يا لوحةً مسائية أخذت بمجامع نفسي !!
عُذرًا ...لن يخيفني الدّرب القصير !!
ولن تخيفني عقبة كأداء تقتعد دربي ، ولن أتشاءم من بومٍ هنا او بومة هناك  تسكن جذع شجرة عجوز ، وتندب فوق الحطب حظّ العابرين .
سأنفضُ الغُبارَ عن ثيابي  وأُلملمُ نفسي ، واُغنّي أغنية المحبة ، وأروح وعشق ربّ الحياة السرمديّ ، يستوطن عظامي ،أسير والإنسانية المُعذّبة ، أسير وأنا أبكي أطفالًا عضّهم الجوع واليُتم وحصاد الاقتتال، وهدّهم جوى التّرحال والشمس تحرق منهم البشرةَ والآمال .
أنّى لي غير ذلك ..أنّى لي فهذا ناموسي الأزليّ.
 
فأنا – وأستميحكَ  يا مَنْ تقرأني ألف عُذر- مفطور على حُبّ الناس ، وعلى الذَّوْبان في عُصارة الحِسّ البشريّ ، فلا لوْن عندي للون ولا عِرق ولا قبيلة .
أُغنّي الأنسان - أيّ انسان- قصيدة عِشقٍ أزليّ ، حكتها وحاكتها السماء للأرض ، وسقتها الغيوم المُنهمرة مطرًا نميرًا ، فاخضرّت في كَنَفٍ دافئ  ينسى قاموسه العِداء ، ويزركشه التحنان بهمسات حميمة وأريج عَطِرٍ.
 
هكذا أنا؛  أحبابي أطفالٌ تطلّ الحياة الشاحبة من عيونهم الباكية  فابكي ..... أبكي ظلمًا تجبّرَ ، وأملاً  ذرته الرّيح فوق خارطة القُطب .
هكذا أنا ...
 
أعبدُ الربَّ الحنّان ، وقلمًا يخُطّ الجمال والأحلام والآمال . وأقدّر المعول والفلاح والرّاعي يسوق الغنمات ، أعشق بلبلاً يشدو وديكًا يصيح على شُرفةِ الصباح ، والأهم إنّي أعبد الهًا عنوانه المحبة، طريقه المحبة ، الهًا هو المحبة بعينها .