كتبت - أماني موسى
تحدث أحمد الغندور المعروف إعلاميًا بـ "الدحيح" عن النجاح والتميز، قائلاً: في عام 2012 وقف مدرس اللغة الإنجليزية ديفيد ماكهوم ليلقي خطاب على تلاميذ المدرسة الثانوية وعلى عكس خطابات التحفيز واستخدام عبارات أنت فريد ومميز، فاجئ ديفيد تلاميذه بحملة أخذ يكررها مرارًا وتكرارًا وهي "أنت لست مميز"، فإذا كنت الأول على صفك، فالمدينة التي نعيش بها فيها نحو ألف طالب يكون الأول أيضًا على الصف، وإذا كنت مميز جدًا في مجال ما لا ينافسك أحد بمدينتك فالأرض بها 8 مليار إنسان ولذا بينهم أيضًا مميزين في مجالات عدة ولست وحدك المميز.
 
وأضاف الغندور، فكرة التميز والتفرد تلعب عليها شركات الإنتاج الضخمة للترويج لمنتجاتها، كبعض شركات المواد الغذائية المتنوعة التي تقنع المشاهد أنها تنتج الأفضل لأجله خصيصًا، وشكرات أخرى تلعب على الترويج لفكرة أنك فريد من نوعك، وهذه الأفكار تساعدهم في كسب المزيد من المال والترويج لمادتهم.
 
مشيرًا إلى أن الترويج لفكرة الشخص الاستثنائي جعل من الكثيرين يشعرون بالذنب لكونهم "أشخاص عاديين"، كما أنها رفعت سقف التوقعات وجعلت الجميع يلهث وراء أن يكون متفرد، ولم يعد يقنع بكونه ناجح في مجال ما، أو أن لديه أسرة وحياة عادية، كله يسعى لأن يكون من نسبة الـ 1% حول العالم الاسثتنائيين ويسعون إلى المجد والشهرة والمال، وتصور أن هذه هي الأهداف الأسمى للحياة.
 
وقالت دراسة أجرتها مؤسسة clapit أن هناك 1 من كل 12 شخص مستعد أن يتبرأ من أهله في سبيل أن يصبح مشهور، وواحد من كل 9 أشخاص على استعداد أن يضحي بفكرة الزواج وإنشاء أسرة ليكون شخصية عامة معروفة، هذا بخلاف الأسر التي حولت حياتها إلى مقاطع فيديو عبر الإنترنت فيما يعرف باسم "البلوجر" بما يعني أن منظومة الأسرة بكامل أفرادها تتحول إلى "شخصيات عامة ومعروفة".
 
موضحًا أن هذه الفكرة جاءت من تصور أن التميز والثروة والشهرة يجلبون السعادة على طبق من ذهب، وهذا بخلاف الواقع كما أن كل هذه الأمور لا تجلب التفرد والتميز، مشيرًا في الوقت ذاته إلى عدة نماذج لأشخاص متفردين بابتكارات غيرت العالم لكنهم على المستوى الإنساني كانوا يعانون الاكتئاب ، وبعضهم انتحر، مؤكدًا: جميعنا ينظر إلى الصورة الخارجية فقط فيرى المال أو الابتسامة فيشعر أن هذا الشخص سعيد ولا يوجد ما يشوب حياته، وهذا بخلاف الحقيقة.
 
وتابع، لماذا يوجد هذا الارتباط الواضح بين الإنجاز والتميز وبين بعض البؤس؟ مشيرًا إلى أن أول فصل من فصول التميز هو المنافسة ومحاولة الوصول للأفضل، وأن تكون دائمًا في الصدارة وهو أمر مستحيل، لأن الفشل والسقوط جزء من الرحلة الإنسانية.