هاني لبيب
وافق مجلس النواب فى جلسته يوم الإثنين الماضى على اعتماد التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان، وقد حمل التشكيل الجديد مفاجأة مبهجة، وهى اختيار السفيرة مشيرة خطاب كأول سيدة ترأس المجلس، وما يتبع ذلك من دلالات تمكين المرأة المصرية لتولى المناصب الرفيعة، فضلًا عن اختيار الصديق السفير القدير محمود كارم نائبًا لرئيسة المجلس.

ولاهتمامى الشديد بمتابعة حالة حقوق الإنسان فى مصر، سأطرح هنا بعض الأفكار المتعلقة بالرؤية المستقبلية لعمل المجلس.

أولًا: شفافية آلية عمل داخل المجلس، والتأكيد على تفعيل مهام كل عضو فى المجلس سواء كان عضوًا عاديًا أو رئيس المجلس، وعدم الانفراد بالقرارات، والبحث عن آلية لتسجيل جميع آراء أعضاء المجلس، وفى مقدمتها الآراء المخالفة لأخذها فى الاعتبار، لتجنب التباعد فى المواقف الذى ظهر فى الدورات السابقة، ومحاولة تفويض السلطات داخل المجلس بما لا يُخل بهيكله التأسيسى.

ثانيًا: تجنب استخدام المجلس فى «توصيل» رسائل سياسية من خلاله، والحرص على الحياد فى تصدير رأى المجلس للرأى العام والمجتمع المصرى، لكى يكتسب المجلس ثقة رجل الشارع العادى، الذى يأتى ضمن أولويات عمل المجلس، وما يترتب على ذلك من ضبط نشر المعلومات الصادرة عن المجلس، والتواصل مع وسائل الإعلام بشفافية شديدة، وليس ببعضهم من فئة «المحظوظين».. كما كان يحدث سابقًا.

ثالثًا: تفعيل دور المجلس مع الوزارات.. خاصة وزارة العدل ووزارة الداخلية.

.. وألا يقتصر ذلك على المخاطبات الرسمية بقدر ما يكون هناك تأثير ملحوظ فى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، خاصة مع الأجهزة الأمنية التى دائمًا ما تكون فى صدارة الانتقاد على مستوى المواطن المصرى العادى، والحرص على ترسيخ مساحة الثقة فى الأجهزة الأمنية وفى تنفيذ القانون من خلال التركيز على ما يتم اتخاذه من إجراءات «تحقيقات وعقوبات» من قبل وزارة الداخلية لكل من يهدر حق أى مواطن مصرى.. حتى ولو كان من أجهزة الشرطة من جانب.. وترسيخ فكرة أن تنفيذ القانون على الجميع هو الأساس من جانب آخر.

رابعًا: تفعيل التعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى المصرى ومنظماته، وألا يكون ضمن أولويات عمل المجلس الانشغال بالبحث عن تمويلات وكتابة مشروعات؛ لكى لا تضيع الفكرة الأساسية التى من خلالها تم إنشاء المجلس.. وأن يستقطب المجلس الكفاءات للتعاون معها سواء كانوا أفرادًا أو هيئات ومؤسسات معنية بشكل مباشر بقضية حقوق الإنسان.. لأن فى هذا التعاون أو الشراكة قوة للمجلس وعمله.

خامسًا: تأكيد اهتمام المجلس بقدر أكبر بشكل إصدار تقاريره وتصنيفها وتبوبها لكى تكون تعبيرًا فعليًا عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، وما يتطلب ذلك من رصد تأثير المؤسسة الدينية فى مصر على ذلك بحياد شديد، وما يحتاجه ذلك من الحرص على استقلالية المجلس الفعلية والحفاظ عليها، فالمجلس هو الجهة المنوط بها دائمًا «تنبيه» الدولة لدعم كل ما يمس ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان فى شتى مناحى الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية المصرية، ورفض كل ما من شأنه أن يعوقها.

نقطة ومن أول السطر..
تفعيل دور المجلس القومى لحقوق الإنسان ودعمه من شأنه أن يساند جهود الدولة، خاصة بعد إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى تغيير بنية الثقافة المصرية فى نظرتها لمفاهيم وآليات حقوق الإنسان. وهو ما يقوم بتحميل المجلس وأعضائه وقياداته مسؤولية تفوق بكثير مجرد عضويتهم فى المجلس، وهو ما سيتم لو قام أعضاء المجلس بتقييم معلوماتى حقيقى لأدائهم ولأداء المجلس العام، والاستفادة من النتيجة فى التخطيط للمجلس منذ بداية انعقاده الجديد.
نقلا عن المصرى اليوم