في مثل هذا اليوم - ( 7 اكتوبر 1973م..

سامح جميل

كان للفريق سعد الدين الشاذلي دور كبير في المعركة ,عمل توجيه اسمه التوجيه 41كان توجيه شامل للمعركة
كان توجيه لكل شئ الجندي يعرف من مواقيت التحرك والمهمات ومن علي يمينه ومن علي يساره .
صحيح كان العدو يملك احدث المعدات العسكرية   ويملك العديد من الطائرات المتطورة وقتها   ,ولكن العقل المصري كان مبتكر  
ابتكر عدة ابتكارات كانت عوامل   هامة ومساعدة لتسهيل عمل القوات
فابتكر جاكت كان عبارة   عن جاكت خفيف من مادة كالفيبر يشبه جاكت النجاه به العديد من الجيوب   للذخيرة والمياه .
الابتكار الثاني وهو ابتكار   العقيد باقي زكي يوسف المهندس العبقري الذي ابتكر فكرة ازالة الساتر الترابي بواسطة خراطيم المياه .
ابتكار مصري اخر وهو سلالم الحبال علي طول الساتر الترابي لتتمكن الافراد في الموجة الاولي من الصعود علي الساتر الترابي.
فكان الجندي المقاتل المصري   هو معجزة حرب اكتوبر والبطل الاول للمعركة.  
 
كانت براعة التخطيط تكمن في اختيار الموعد وبهذه الدقة ولعلك تسأل لماذا هذا التوقيت بالذات
كان المعهود ان وقت العمليات الحربية هو اخر ضوء اواول ضوء .
 
ولكن حرب اكتوبر بدات بعد الظهر اولا ليستطيع جندي المشاة الذي يقوم بالعبور تنفيذ المهمة المباشرة خلال اربع ساعات علي ضوء النهار –ثانيا لتكون اشعة الشمس في اتجاه العدو لتكون عائق امام نقط الملاحظة والطيارين .
صاحب ذلك عمليات الخداع والتمويه والاعلان عن عمرة للقوات المسلحة وتسريح بعض المجندين والاعلان عن ذلك وكانت تصرفتنا علي القناة لاتدل ابدا علي حرب .
 
ولتقرا ذكريات اللواء محمد حسن الصول - الفرقه 19 مشاه::
"في الساعة العاشرة صباحا أمرني قائد الكتيبة بتجميع قادة السرايا في نقطة الملاحظة تحت الارض وكنا متخيلين انه وقت العودة من المشروع
فتح   ظرف   بامر القتال وبدء في تلاوته علينا
"بسم الله الرحمن الرحيم   علي هدي من الرحمن وتوكل عليه قررت قواتنا المسلحة عبور قناة السويس واقتحام النقطة الحصينة رقم 151 ((كانت هذه النقطة هي مسئولية كتيبتي )
مواعيد العبور   1405 الطيران المصري سيعبر لضرب مراكز القيادة والسيطرة ومرابض المدفعية .
عندما سمعنا هذا الامر كنا في غاية السعادة .. وفي داخلي كنت اخشي ان يتم الغاء العبور
 
في تمام الساعه ( 1405 ) ظهرا - 2:05
رأينا الطيران المصري   وكان يطير علي ارتفاع منخفض جدا لدرجة ان هواء الطائرة حرك الرمل من حولنا وبعدها بدأت المدفعية في الضرب
في تمام 2:20
بدأنا في التحرك بالقوارب ونزلنا بها لمياه القناة وعبرنا في نصف الزمن الذي تدربنا عليه كان بجانبي الكتيبة 19 مشاة والكتيبة 21 مشاة وكنت انا في الكتيبة   524 (اللواء السابع )
وبجانبنا اللواء الاول مشاة ,والخامس   (الفرقة 19 مشاة)
كانت الكتيبة 524 مشاة بها 3 سرايا مشاة وسرايا اخري مساعدة سرية م.د,وسرية قاذف اللهب......)
المهمات داخل الكتيبة لمهاجمة النقطة الحصينة 151   :
سرية الرائد عبد الستار الرواي حمادة ابو سحلي مهمتها مهاجمة النقطة من الوسط   وفتح ممرات امنه وكان معنا مهندسين عسكرين   عليهم قطع الاسلاك الشائكة والتأكد من عدم وجود الغام .
 
سرية النقيب حسن بحر هتهاجم من يسار النقطة وكان عليها مهمة بعد العبور وهو احتلال مصاطب الدبابات القريبة من النقطة علي الساتر الترابي لمنع تقدم احتياطات العدو القادمة من عيون موسي وبالفعل وصل حسن بحر الي مصاطب الدبابات قبل وصول سرية الدبابات القادمة من عيون موسي وعمل حزام الغام حول المصاطب لو نجت الدبابات من الاربي جي يصطدم بحزام الالغام   والحمد لله تمكن من تدمير السرية وهرب منها دبابتين وبعد ذلك عليه التقدم لمهاجمة النقطة من اليسار .
سرية النقيب حسين السروجي وعليها عمل التفاف من الخلف لمهاجمه النقطة من الخلف .
 
تحصينات النقطة :
كانت عبارة عن ثلاث ادوار تحت الارض
الدور الاول عبارة عن مخازن للذخيرة والاسلحة وماكينات لتشغيل الاجهزة والتكييف .
الدور الثاني عبارة عن اماكن النوم والرحة ومطاعم الاكل
الدور الاخير عبارة عن مزاغل   بها رشاشات واسلحة لصد اي هجوم.
كانت النقطة محصنة تحصين شديد   والابواب فلاذية   كانت تحصينات الموقع شديدة ومحاطة باسلاك شائكة والغام
وبدا الضرب وبدات المعركة   كانت معركة صعبة جدا
(( وانا طالع علي الساتر الترابي كان معي 2 مجندين (محمد فتحي –قليني) جالي هاتف في بالي اني انزل ابوس الارض وانا نازل ولاقيت دفعة رشاش فوق رأسي ، غرست دماغي في التراب بمجرد سكوت صوت الرشاش لاقيت محمد فتحي وقلليني استشهدوا كان قليني قابض علي تراب سيناء في ايده .
وفي اثناء الضرب قفز مجندين مع بعض في نفس الحفرة وجاءت دانة مدفعية مباشرة عليهم استشهدا صبحي حنا والمجند احمد
هجم النقيب حسين السروجي علي النقطة ومسك القنابل اليدوية وهو يردد الله اكبر الله اكبر ووصلنا للابواب وبدأنا في الضرب حتي سيطرنا علي جميع المزاغل ماعدا مزغل واحد لايكفعن الضرب ومحدش قادر يوصل ليه .
 
وبدون اي أمر كان معي مجند من المنوفية اسمه مرزوق الصغير قلع الخوذة والجاكت وجري زجزاج ووصل للمزغل ودخل فيه بجسمه   سد المزغل بعد ذلك سقط الموقع   ورفعنا العلم المصري عليه وقبضنا علي 18 اسير من النقطة .
 
بعون الله عزوجل وبإرادة الجندي المصري تم الاستيلاء علي النقطة ورفعنا العلم المصري وكان لنا الشرف انا اول علم مصري يرفع علي الضفة الشرقية للقناة كان للواء السابع مشاة .
 
كنت سعيد جدا بعد 15 سنة من الحرب وانا بسمع المذيع في التلفزيون وهو بيقول "وكان اول علم يرفع علي الضفة الشرقية للقناة كان اللواء السابع مشاة ".
 
بعد الاستيلاء علي النقطة الحصينة ,كان جنوب النقطة الحصينة نقطة للامم المتحدة وطبعا مافيش اي ضرب عليه ))
(( حدث   شي غريب جدا ,المعبر اللي هيتعمل للفرقة 19 مشاة كل مايتعمل يضرب من المدفعية ودقة الضرب كانت غريبة جدا تؤكد ان ضابط التوجيه
المدفعية وسطنا وبيدير نيران المدفعية ))
وكانت ملاحظة من العقيد الزاكر رئيس اركان اللواء السابع مشاة دخل الي نقطة الامم المتحدة وجد الضابط الاسرائيلي الذي يدير نيران المدفعية داخل النقطة وسط اعضاء الامم المتحدة وتم القبض عليه.
 
تقدمنا بعد ذلك   لانشاء راس كوبري للفرقة 19 مشاة كانت بمشاركة كتائب اللواء السابع مشاة .
 
كانت مهمة اللواء السابع بعد ذلك هي موقع عيون موسي
(( وحابب في النقطة دي اقول شئ لم تدر اي معارك   في عيون ابوموسي   لان العدو الصهيوني الجبان ترك الموقع وهرب قبل وصولنا اليه بساعات )).
وكان في الموقع ست مدافع ذاتية الحركة وكنا بنسميها ابو جاموس لشدة صوت الدانة في الهواء .
كنا جميعا نأمل لو كنا وجدنا العدو في النقطة لكنا انتقمنا منه ومن ضربه للسويس والزيتيات بالمدافع من هذا الموقع
قتال رجل لرجل وليس قتال من وراء دشم وسواتر ونقط حصينة..
وجاء امر من القيادة اللي العقيد فوزي محسن بضرورة ابطال المدافع الستة خشية ارتداد العدو واستخدامها مرة اخري ضد القوات المصرية
العدو اللي هرب من موقعه انا لو مكانه في دشم بمثل هذه التحصينات ومعي فصيلة مشاة اوقف فرقة كاملة ولا اتراجع ولو بعد 1000 سنه .
كان الصهاينة عندهم امل في ان الهجوم المضاد يوم 9 اكتوبر سيبيد القوات المصرية ويخرجنا من سيناء.
 
الاصابة :
(( حوالي الساعة 3 صباحا كان فيه قصف من دبابة مسمعتش غير مرزبة بتضرب علي دماغي ولاقيت الدم نازل علي وجه
الشظية جت علي الخوذة وقطعتها والحمد لله ان ليا عمر اني اعيش ))
تم اخلائي الي المستشفي ,اتذكر زميلي النقيب محمد عاشور وو بيقولي "متقلقش   ياصول هتكمل معانا "
وانا كنت اتمني عدم اخلائي واني اكمل مع زملائي ,نقلت لمستشفي كوبري القبة العسكري واخدت 18 غرزة وكانت الاصابة في راسي
كانت الزيارات لاتنقطع من شعب مصر وشباب الجامعات   كانت اجمل الزيارات ورد وهدايا .
 
لم ابلغ اهلي واخواتي بالاصابة خوفا عليهم من التأثر بالخبر
 
وارسلت جواب لخالي ابلغه اني بخير واني في سيناء   وساعدني في ارساله احد الشباب ممن كانوا يقومون بزياراتنا في المستشفي .
وخرجت من المستشفي نصف علاج (( عشان اسيب مكان لجريح او مصاب اخر )) وركبت القطار وكنت ارتدي ملابس ملكية وبمجرد ان عرف الكمسري والركاب اني   ممن حاربوا وسادت الفرحة القطار كنت حاسس اني وسط اهلي ..
 
وصلت دمنهور وكان اخواتي وامي في البلكونة في انتظار ضرب المدفع كان في اواخر رمضان   .
 
الحمد لله بعد الاجازة رجعت الي القاهرة وكانت كتيبتي ضمن القوات المحاصرة .
 
وتشكلت مجموعات جديدة من الضباط العائدين من الاصابة ودفعات الرديف وبعض ضباط الوحدات الادارية وتم تشكيل مجموعات "اقتناص الدبابات "
وكنا بندرب في الهايكستب وكنا مستعدين لدخول سيناء كنا نتمني ان نبيد القوات الاسرائيلية .
 
كانت الخطة قيد التنفيذ لولا تدخل كسنجر كانت هي اخر ورقة لاسرائيل لو ابيدت هذه القوات كنا دخلنا الي تل ابيب.
حصلت علي اربعة اوسمة من الرئيس السادات
-وسام الشجاعة .
-نوط الواجب العسكري من الطبقة الاولي.
-ميدالية جرحي الحرب .
-ميدالية السادس من اكتوبر.
وحصلت علي نوط الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من الرئيس مبارك.
كنت ضابط عادي من ضمن الضباط ولكن كان عندي طموح وشغف في التفوق   حصلت وانا في الكتيبة 524 مشاة وكان جميعهم امتيازعلي فرق (اشارة –وفرقة م.د-فرقة هاون )
لا يمكن ان انسي تكريمي من اللواء محمد بكري الشاذلي عندما حصلت علي المركز الاول في الرماية بالهاون .::!!