في مثل هذا اليوم 12 اكتوبر 1973م..
القوات الجوية الإسرائيلية تخسر سبعة من طائراتها في بورسعيد بعد أن فوجئت بصواريخ الدفاع الجوي المصري التي كانت تعتقد أنها قضت عليها تمامًا في مساء اليوم السابق، وقد شبهت جولدا مائير كتائب الصواريخ المصرية بعش الغراب.

معركة الدفاع الجوي في بورسعيد، هي احدى معارك حرب أكتوبر، وقعت في 11-16 أكتوبر 1973 بين سلاح الجو الإسرائيلي وقوات الدفاع الجوي المصري في مدينة بورسعيد.

كان قطاع بورسعيد خلال حرب اكتوبر يعتبر من حيث الواقع قطاعا منفصلا عن باقي قطاعات الجبهة. ورغم تبعيته من الناحية الرسمية لقيادة الجيش الثاني فانها تبعية كادت تكون اسمية بحكم موقعه وطبيعة تكوينه. اذ ان القطاع يشكل جزيرة دفاعية يحيط بها الماء من جميع الجهات، فمن الشمال يحد القطاع البحر المتوسط، ومن الشرق والجنوب منطقة الملاحات ، ومن الغرب والجنوب بحيرة المنزلة.

ويمتد القطاع شرقا لمسافة 11 كيلو مترا شرق بورفؤاد، وغربا بامتداد الطريق الساحلي (طريق دمياط) حتى عزبة البرج. وتخترق القطاع قناة السويس من مدخلها الشمالي وتمتد جنوبا حتى منطقة التينة، ويطلق على المنطقة ما بين بورسعيد وبور فؤاد شمالا حتى التينة جنوبا اسم "رقبة الإوزة".
وتقع بحيرة المنزلة في الحد الغربي من القطاع، ومساحتها 750 فدانا، ولا يفصلها عن البحر المتوسط سوى شريط ضيق من الأرض توجد به فتحة واحدة تصل مابين البحر المتوسط والبحيرة في منطقة الجميل غرب بورسعيد مباشرة، وقد أقيم كوبري على هذه الفتحة وأنشئ طريق يربط بين بورسعيد ودمياط يبلغ طوله 75 كيلو مترا. وتكاد الحافة الشرقية لبحيرة المنزلة تلامس قناة السويس في المنطقة ما بين بورسعيد ورأس العش، ثم يبدأ ساحل البحيرة في التباعد عن قناة السويس في اتجاه الجنوب الغربي. وتكثر ببحيرة المنزلة الجزر التي يعيش بها بعض الصيادين وكانت تستغل لتمركز نقاط الانذار ونقاط المراقبة بالبصر التابعة لحرس السواحل (أصبح يسمى حرس الحدود حاليا). ومياهها على وجه العموم ضحلة وتخترقها قناتان ملاحيتان: الأولى بين بورسعيد والمطرية (قرية تابعة لمحافظة الدقهلية)، والثانية بين المطرية ودمياط . والسواحل الجنوبية والشرقية لبحيرة المنزلة تكاد تكون غير محددة المعالم نظرا لانتشار المناطق السبخية المنخفضة التي تغمرها المياه وقت هبوب الرياح أو أثناء المد العالي.

وتعتبر المنطقة التي تضم بورسعيد وبورفؤاد هي المركز الرئيسي للقطاع من جهتي الموقع والأهمية. ولا تتصل هذه المنطقة بما يحيط بها من أراض الا عن طريق الكباري بحكم احاطة المياه بها من كل ناحية، فتتصل ببورفؤاد بلسان رمانة شرقها عن طريق كوبري القطع، وتتصل المنطقة بجنوبها عن طريق كوبري قناة الملح، وتتصل بورسعيد بالجنوب عن طريق كوبريين عند الرسوة وبالغرب عن طريق كوبريين عند أشتوم الجميل (أحدهما كوبري بيلي). ويتضح من ذلك مدى سهولة عزل منطقتي بورسعيد وبورفؤاد في حالة ضرب هذه الكباري. وكان هذا يحتم ضرورة وجود كبار تبادلية عائمة ومخاضات لاستخدامها في حال تدمير الكباري. ولكن بفضل هذا الوضع، اكتسبت منطقتا بورسعيد وبورفؤاد موقعا حربيا حصينا نظرا لاحاطتهما بالموانع الطبيعية المائية من كل جانب، وهي: البحر المتوسط من الشمال وقناة السويس التي تمتد بين بورفؤاد شرقا وبورسعيد غربا ويبلغ اتساعها (200 متر) عند مبنى الحجر الصحي (على بعد 7 كم جنوب بورفؤاد) ، ثم تتسع كلما اتجهنا شمالا حتى تصل الى أكثر من 400 متر عند مدخلها الشمالي من جهة البحر. وتعتبر المسطحات المائية وهي الملاحات شرقا وبحيرة المنزلة غربا موانع طبيعية حول القطاع.

ونظرا لوجود قناة السويس والقنوات المائية العديدة داخل القطاع، فقد استلزم الأمر توفير تجهيزات ووسائل للعبور لتحقيق سرعة المناورة والقدرة على عمليات الامداد والاخلاء بين وحدات القطاع.

وقد ظهرت صعوبة في عملية الدفاع عن القطاع بسبب خلوه من الهيئات الأرضية الحاكمة من جهة، وبسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية مما يتعذر معه القيام بأعمال الحفر من جهة أخرى. ولذا استلزم الامر اقامة النقاط القوية للدفاع عن المواقع الحيوية فوق الارض بواسطة تجهيزات هندسية مجلوبة من خارج القطاع. وقد اقتضت طبيعة المواجهات الواسعة والمسافات الكبيرة بالقطاع ان يعتمد الدفاع بصفة أساسية على عدد من النقاط القوية الموزعة على طول المواجهة بقوة سرايا او فصائل مع تأمين الفواصل بين هذه النقاط باعمال الدوريات والكمائن ونقاط الملاحظة، وكذا بالنيران والمواقع، مع الاحتفاظ باحتياطيات قوية خفيفة الحركة ومدعمة بعناصر مجنزرة للقيام بالهجمات المضادة بسرعة وبقوة صدمة عالية في اتجاه المواقع المهددة. كما وزعت نيران المدفعية والدفاع الجوي لتغطية مواقع التجميع الرئيسي للقطاع (منطقتي بورسعيد وبورفؤاد).

ونتيجة لاحتمال عزل الاطراف الخارجية بالقطاعات الفرعية، تم توفير احتياطيات محلية لكل قطاع وكذا تزويده بالاحتياجات الادارية اللازمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الاداري بكل موقع.

كما ان احتمال عزل المدينة بضرب الكباري حولها في اي وقت جعل من الضروري وجود تكديسات من كل الاحتياجات العسكرية والادارية بداخلها بكميات كافية، وكذا ضرورة زيادة مستوى الخدمات الطبية والفنية سواء بدفع اقسام متقدمة من ورش الجيش او بتبعئة المستشفيات المدنية أو بتزويد بحيرة المنزلة وميناء بورسعيد ببعض اللنشات للقيام عند الضرورة باعمال الامداد والاخلاء. وقد استلزم ذلك الوضع أيضا ضرورة أن تكون مصادر الامداد والاخلاء قريبة ما أمكن من بورسعيد، ولذا كانت مدينة دمياط وقرية المطرية مناسبتين تماما لهذا الغرض.

على أثر انتهاء حرب يونيو 1967، استطاعت إسرائيل احتلال شبه جزيرة سيناء باكملها عدا جزء صغير من الارض شرق وجنوب مدينة بورفؤاد تمركزت فيه وحدات صغيرة من الصاعقة. وفي أول يوليو 1967، حاول العدو التقدم من القنطرة شرق الى بورفؤاد شمالا بسرية دبابات مدعمة بقوة من المشاة والمهندسين وبمعاونة سرب طائرات مقاتلة قاذفة، فاشتبكت معه قوة الصاعقة المتمركزة في منطقة الكيلو متر 14 شرق القناة وكانت هذه هي أولى مواجهة بين القوات الاسرائيلية والمصرية عقب معارك يونيو 67. وقد توقف العدو ست ساعات امام الموقع ولم يتمكن من اقتحامه، ودمرت له ثلاث دبابات وقتل بعض أفراده. وبناء على اوامر القيادة، ارتدت قوة الصاعقة الى موقع دفاعي افضل عند منطقة الكيلو متر 10 راس العش، وتم ايقاف العدو أمام هذه المنطقة نهائيا. ولم يجرؤ العدو بعد ذلك على محاولة ازالة هذا الموقع، بل اصبح هذا الموقع بفضل صمود مقاتليه هو القدم الوحيدة لمصر في سيناء. ونتيجة لمعركة راس العش، وحفاظا على مدينتي بورسعيد وبورفؤاد تم دفع اللواء 14 المدرع لتدعيم الدفاع عن المدينتين، وصدرت الأوامر بالدفاع عنهما الى آخر طلقة وآخر رجل، وقد تم سحل اللواء 14 المدرع من قطاع بورسعيد فيما بعد.

ومنذ أول سبتمبر 1967، تم تدعيم القطاع بعناصر متكاملة من الأسلحة المشتركة. وعلى ضوء التجميع الجديد بدأ تنفيذ خطة التجهيز الهندسي والاعداد للمعركة المنتظرة، وامتدت مسئولية القطاع لتشمل مدينة دمياط وبحيرة المنزلة بأكملها. واعتبارا من سبتمبر 1969 تولى قيادة القطاع اللواء عمر خالد حسن كامل الذي بذ جهدا دائبا من أجل انجاز الاعمار المطلوبة لاعداد القطاع للحرب والتي كان من اهمها تدريب القوات على اعمال العبور ومهاجمة النقاط القوية في ميادين تدريب تشبه مناطق العمليات المنتظرة، وكذا

القيام باستكمال الانشاءات والتجهزات الهندسية اللازمة في القطاع خاصة في منطقة قطاع بورفؤاد ومنطقة الكيلو متر 10 شرق (راس العش) ومنطقة جنوب بورسعيد وعلاوة على ذلك، تمت أعمال التجهيز الهندسي لكل عناصر الدفاع الجوي سواء لكتائب المواسير أو لكتائب الصواريخ (أرض-جو) سام. وكان من أهم الأعمال الهندسية التي أجريت أيضا، تأمين شاطئ مدينتي بورسعيد وبورفؤاد ضد الابرار البحري وتجهيز مركز قيادة رئيسي للقطاع وآخر تبادلي، وكذا تجهيز مركز قيادة مشترك محصن للدفاع الجوي علاوة على مركزين تبادليين.

وكان قطاع بورسعيد مقسما الى اربعة قطاعات فرعية، هي: قطاع بورفؤاد، ويتمركز فيه اللواء 135 مشاة مستقل وأسلحة دعمه بقيادة العميد أ. ح محمد صلاح الدين عبد الحليم. وقطاع بورسعيد، ويتمركز فيه اللواء 30 مشاة وأسلحة دعمه بقيادة العقيد أ. ح مصطفى جودت العباسي. وقطاع طريق بورسعيد دمياط، وتتمركز فيه الكتيبة 14 حرس السواحل. وقطاع المنزلة، وتتمركز فيه الكتيبة 15 حرس السواحل. وبناء على تعليمات عمليات الجيش الثاني الصادرة في مارس 73، والتي نظمت عملية اعادة التجميع لتشكيلات ووحدات الجيش الثاني، والتي كانت تتضمن اعادة تجميع وحدات قطاع بورسعيد على ثلاث ليال، تمت عملية اعادة التجميع الداخلية في كل من قطاع بورفؤاد وبورسعيد الفرعيين لاحتلال المنطقة الابتدائية للهجوم، وفقا لقراري قائدي اللواءين 30 مشاة مستقل و135 مشاة مستقل اللذين سبق التصديق عليهما. كما تم احتلال مراكز القيادة المقدمة الخاصة بالقطاع وبالقاطعات الفرعية. وبنهاية هذه المرحلة، اصبحت وحدات القطاع بأكملها مستعدة لتنفيذ المهمة المخصصة لها من أوضاعها في المنطقة الابتدائية وفقا لقرار قائد القطاع المصدق عليه من قائد الجيش الثاني. وكانت المهمة المخصصة للقطاع تشتمل على شقين هما:

أ‌- تدمير قوات العدو على الضفة الشرقية للقناة في مواجهة القطاع، مع مهاجمة وتدمير وتصفية نقاط العدو القوية الثلاث في الكيلو متر 19 والكيلو متر 10 وشرق بورفؤاد والتمسك بالمناطق المستولى عليها وتنظيم الدفاع، مع الاستعداد لصد وتدمير احتياطيات العدو التي تحاول نجدة النقاط القوية. ب‌- تنظيم الدفاع وتأمين الساحل حتى قطاع بوفؤاد ضد الابرار البحري والجوي المعادي وضد مدفعية العدو، مع تأمين الضفة الشرقية للقناة في منطقة (رقبة الإوزة) بالقوات والوسائل الاخرى.

التجهيز للهجوم
أوضاع العدو على مواجهة قطاع بورسعيد: كان العدو أمام قطاع بورسعيد يدافع بنظام النقط القوية على الحد الأمامي للدفاعات، مع احتفاظه باحتياطيات تكتيكية قريبة على مستوى الكتيبة واللواء . وكانت النقط القوية التي تواجه القطاع عبارة عن ثلاث نقاط قوية كما يلي:

1- النقطة القوية عند الكيلو متر 10 شرق القناة (الاسم الكودي لدى الاسرائيليين أوركال من حصون خط بارليف)، وكانت محتلة بقوة سرية مشاة وفصيلة دبابات وبعض أسلحة الدعم، وكانت تضم 9 ملاجئ، ويحيط بها حقل ألغام وأسلاك مختلط بعمق حوالي 150 مترا. 2- النقطة القوية عند الكيلو متر 19 شرق القناة (الاسم الكودي لدى الاسرائيليين لاهتزانيت من حصون خط بارليف)، وكانت محتلة بقوة فصيلة مشاة وفصيلة دبابات وبعض اسلحة الدعم، وكانت تضم 7 ملاجئ، ويحيط بها حقل ألغام وأسلاك مختلط بعمق 600 متر. 3- النقطة القوية عند قطع رمانة شرق بوفؤاد (الاسم الكودي لدى الاسرائيليين بوادبست من حصون خط بارليف) ، وكانت محتلة بقوة سرية مشاة وفصيلتين من الدبابات، وكانت تضم 9 ملاجئ، ويحيط بها حقل ألغام وأسلاك مختلط بعمق 600 متر.

وكانت احتياطيات العدو التكتيكية متمركزة في الخلف في مناطق تل الحير ورمانة ورابعة وقاطية، وكانت عبارة عن كتيبة مشاة وسرية دبابات.
طرق الاقتراب المفتوحة لقواتنا في اتجاه العدو: كانت طرق الاقتراب المفتوحة أمام قواتنا في مواجهة القطاع شرق القناة محصورة في طريقين هما:
1- طريق لسان رمانة – وهو طريق أسفلتي عرضه حوالي خمسة أمترا، ويمتد من بورفؤاد شرقا بحذاء البحر مخترقا سهل الطينة الى مسافة 40 كيلو مترا، حيث ينحرف في اتجاه الجنوب الشرقي الى رمانة (على بعد حوالي 5 كيلو مترات جنوب الشاطئ). ورغم أن المياه تغطي الطريق في بعض الامكنة، فانه صالح لسير المدرعات والمركبات. 2- مدق الكيلو متر 19 ، ويبدأ الكيلو متر 19 شرق القناة ويمتد باستقامة تقريبا من الغرب الى الشرق مخترقا سهل الطينة الى مسافة حوالي 25 كم، حيث يلتقى بوصلة بالوظة التي تمتد من بالوظة جنوبا الى طريق لسان رمانة شمالا. والمدق ضيق، ولا يسمح بتحرك المركبات خارجه بسبب وجود المياه والمستنقعات.

خطة الهجوم على النقطة القوية عند الكيلو متر 19: كانت المهمة المخصصة للواء 30 مشاة مستقل واسلحة دعمه، هي مهاجمة النقطة القوية في الكيلو متر 19، وتدمير قوة العدو البشرية، وأسلحته ومعداته والاستيلاء عليها كمهمة مباشرة، ثم تأمين تقاطع المدقات الشرقي كمهمة تالية، مع الدفاع عن قطاع بورسعيد الفرعي لمنع العدو من الاستيلاء على مدينة بورسعيد.

وقد تم لقائد اللواء 30 مشاة مستقل العقيد أ. ح مصطفى العباسي تخصيص المهام لوحداته الفرعية كما يلي:
1 – كتيبة مشاة، ومعها أسلحة الدعم تقتحم بجزء من قوتها قناة السويس في المنطقة من الكيلو متر 20.500 الى الكيلومتر 17.500 في ثلاث معابر، وتعزل النقطة القوية للعدو في الكيلو متر 19 من الجنوب والشرق والشمال، على أثر ذلك تقتحم باقي القوة النقطة القوية من المواجهة والأجناب، وتدمر قوة العدو البشرية وأسلحته ومعداته وتستولي على النقطة.

2 – كتيبة مشاة ومعها أسلحة الدعم تدافع عن منطقة جنوب بورسعيد حتى بحيرة المنزلة، لمنع العدو من عبور قناة السويس وتطوير هجومه شمالا في اتجاه بورسعيد، وفي الوقت نفسه تعاون هجوم عناصر اللواء 135 مشاة مستقل من الضفة الغربية للقناة بنيران أسلحة الضرب المباشر.
3 – كتيبة مشاة (عدا سرية)، ومعها سرية دبابات تدافع عن المنطقة الدفاعية بين حاجز الأمواج الغربي ومزرعة المجاري لمنع العدو من الابرار البحري والاختراق الى داخل بورسعيد. والسرية الباقية تعمل كاحتياطي للواء للقيام بالهجمات المضادة وصد الاختراق. 4 – سرية صاعقة (عدا فصيلة) من الكتيبة 203 صاعقة تقتحم قناة السويس عند الكيلو 20.500 وتندفع بسرعة على المدق الشرقي للاستيلاء على منطقة تقاطع المدقات (على بعد حوالي 8 كيلو مترات شرق القناة)، وتدمير أي عناصر معادية بمنطقة التقاطع، ومنع أي احتياطيات للعدو من التقدم من العمق في اتجاه القناة..

موقف الجانبين
الموقف المصري
فى مساء هذا اليوم كان مسرح العمليات الحربية في بورسعيد على النحو التالى:
الكتيبة خسرت أربعة شهداء وبعض المعدات التى كان لها بديل.
سلاح الجو الإسرائيلى خسر إثنا عشرة طائرة متناثرة حول الكتيبة.
نسبة خسائر الكتيبة الى خسائر سلاح الجو الاسرائيلى في الأفراد كانت 1 : 4 أو 1 : 5.
قطاع بورسعيد مقبرة السلاح الجوى الإسرائيلى.
الموقف الإسرائيلي
المعركة
وكان الإسرائيليون يثقون بقدرتهم على الانتصار في معركة بورسعيد لإنعزالها عن شبكة الصواريخ المصرية بسبب وجود بحيرة المنزلة وإستغلالها كثغرة يدخل منها لمهاجمة القوات المصرية من جميع الاتجاهات. وفي 10 أكتوبر بدأ الجيش الإسرائيلي بعملية قصف عنيف على مدينة بورسعيد بهدف تدمير كتائب الصواريخ المصرية. حدث أول اشتباك بين سلاج الجو الإسرائيلي وقوات الدفاع الجوي المصرية صباح 11 أكتوبر ونجحت القوات المصرية في اسقاط ثلاث طائرات إسرائيلية.

بدأ سلاح الجو الاسرائيلى دخول منطقة بورسعيد معتقدا أنه لا توجد قواعد صواريخ وفوجئ الإسرائيليون بإنطلاق الصواريخ المصرية وتم إسقاط ثلاث طائرات إسرائيلية. وكانت القوات المصرية تطلق قنابل الدخان وتشعل الحرائق بهدف جذب الصواريخ الحرارية بعيدا عن أماكن تمركزها، كما كانت تستخدم وسائل للتشويش الراداري والصاروخي بهدف تشتيت الطائرات والصواريخ التي تستخدم الرادار لتحديد أهدافها. وبدأ سلاح الجو الإسرائيلى يدور حولنا في دائرة نصف قطرها اربعين كيلومتر ليكون في أمان من الصواريخ المصرية وكان هناك أكثر من أربعين هدفا وبدأ الكر والفر.[2]
ونجحت قوات الدفاع الجوي المصري في إغلاق المجال الجوي لمدينة بورسعيد في وجه سلاح الجو الإسرائيلي فجر يوم 17 أكتوبر.
خفت حدة المعركة الجوية نوعا ما عدا تلك الدائرة في منطقة بورسعيد. في الفترة من 8-12 أكتوبر وقع مجموعة من الغارات الجوية على المنشآت الصاروخية بما في ذلك أربع بطاريات صواريخ أرض-جو، ثم وقعت مجموعة أخرى من الغارات في 13 أكتوبر.

بعد التحقق من بدء الهجوم الإسرائيلي، ووصول القوات بورسعيد من الجنوب. خرجت الطائرات في مجموعتين، الأولى في اتجاه الشمال الشرقي للهجوم على مواقع الصواريخ، والأخرى في اتجاه الشمال الغربي للهجوم على المواقع الدفاعية الأخرى الموجودة هناك. . بعض الأسلحة SA-7 personnel- borne كانت موجهة على الخط المتوقع لوصول الطائرات. وانطلقت الصواريخ فور وصول الطائرات الإسرائيلية، مما اضطر الطائرات للاسراع في التحليق على ارتفاع أعلى، تماما كما كان مخطط له. مما سهل عمل بطاريات الصواريخ المصرية سام-2 وسام-3 في تحديد أهدافها. واستمرت المعركة الجوية حتى الساعة 1700. وكان عدد الطائرات الإسرائيلية أكثر من 94 طائرة. وكان الدفاع ضد هذا العدد من الطائرات يفوق عمل البطاريات الأربعة المصرية المضادة للصواريخ، حيث تقوم البطارية بالتصدي لطائرة واحدة في كل مرة. وافلات واحدة من تلك الطائرات، يمكن أن يعرض مواقع الصواريخ للتدمير وتعطيل قدرتها على العمل. وبهذا التكتيك، نجح الإسرائيليون في تدمير البطاريات المصرية الأربعة. لكنهم في الوقت نفسه فقدوا 12 طائرة. بعد حلول الظلام، بدأ الإسرائيليون المرحلة الثانية من غارتهم الجوية، مستخدمين الكشافات القوية لاضاءة الأهداف على الأرض. وكان هدفهم هو منع المصريين من نصب بطاريات صواريخ جديدة أثناء الليل. وكثفت الطائرات طلعاتها الجوية بهدف التأكد من تدمير جميع المنشآت الصاروخية، بعدها استمرت الغارات المكثفة لتمدير الصواريخ المضادة للطائرات نفسها. وكان هدفهم التأكد من أنه حتى في حالة احضار صواريخ جديدة بدلا من تلك التي دمرت، فلن تتمكن البطاريات من تشغليها. منعت الطائرات الإسرائيلية وصول أي امدادات للمدينة، عن طريق القاء القنابل الموقوتة، زرع الألغام، وخاصة المصممة بطريقة الشراك الخداعية، وذلك لضمان عدم وصول المهندسون المصريون لاصلاح بطاريات الصواريخ. وفي النهاية قامت القوات الإسرائيلية بقطع الطريق المؤدي إلى ميناء بورسعيد لمنع وصول التعزيزات العسكرية للمدينة. وتكررت هذه الخطة مرة أخرى في يومي 9 و10 أكتوبر. عندما تجد الطائرات الإسرائيلية نفسها في مواجهة الصواريخ المضادة للطائرات أو الصواريخ الصغيرة المحمولة، تقوم بالتحليق على ارتفاع منخفض وتلقي وابل من القنابل والصواريخ.

على مدار يومين، ألقت 214 طائرة إسرائيلية قرابة 1.500 طن من المتفجرات على مدينة بورسعيد والقاعدة الجوية. وسببت تلك الغارات الرعب لسكان المدينة الذين رفضوا مغادرتها.

شهادة جندي دفاع جوي:
عبد الله المصري ورفاقه في معركة بورسعيد للدفاع الجوي 1973-10-12.
تابع قصة جندى مصرى من أبطال الدفاع الجوى الذين ساهموا في كتابة حرب أكتوبر:

تمكنت مد فعيتنا من رفع وابعاد طائرات العدو (صواريخنا لا تستطيع اصابتها إذا كانت فوقنا) لتصبح مرة أخرى في مرمى صواريخنا واستعدنا السيطرة على الموقف واسقطنا طائرتين.
فى هذا اليوم سقط أربع شهداء من الكتيبة وكان من بين الجرحى صديقى فكرى عامل الديزل الذى يمدنا بالكهرباء و لم تكن اصابته خطيرة بعض جروح بسيطة في صدره ولكنها كانت على ما يبدو صدمة عصبية و تم ارساله الى مستشفى بورسعيد.»

سلاح المهندسين وتطهير الموقع
فى مساء هذا اليوم صدر الامر لنا بفك الكتيبة والعودة الى القاهرة لتعويض المعدات المفقودة ولإعطاء الوقت لسلاح المهندسين لتطهير الموقع من القنابل الزمنية الموجودة به و لتحل مكاننا إحدى الكتائب الأخرى وبدأنا بحل المعدات و لم تكن هناك اصابات جوهرية في المحطة لقد اصيب إحد الديازل الذى يمدنا بالكهرباء (واخر احتياطى دخل في الخدمة على الفور) وقررنا أخذه معنا لاصلاحه و كنا نقوم بدفعه من الخلف للمساعدة و كنت اقف على حافة إحد الحفر التى حدثت بفعل القصف وتحت قدمى احد القنابل الزمنية وكنت اعتقد انها أحد الصخور الناتجة عن القصف فالظلام يملأ المكان وانفجرت القنبلة بعدها بدقائق عندما تم سحب الديزل إلى الخارج.

الطوق الحديدى للقضاء على الثغرة
عدنا الى القاهرة لإستعواض المعدات ، وبعدها تحركنا في اتجاه مدينة السويس ولم نكن وحدنا كانت هناك أعدادا هائلة من الدبابات والمصفحات وناقلات الجنود والقوات الخاصة (الصاعقة) والمدفعية متجهة إلى القطاع الجنوبى من الجبهة لقد كان حشدا هائلا لم أشاهد مثله من قبل . انه الطوق الحديدى الذى يحيط بالقوات الإسرائيلية غرب القناة لقد كانت قوات حديثة لم تشترك بعد في القتال إنه الجيش الثالث والذى كان جزء منه في سيناء يحيطون بالقوات الإسرائيلية المتسللة غرب القناة نصب كمين للطائرات الإسرائيلية فوق الثغرة وصلنا إلى الموقع الجديد ، وتم نصب الكتيبة . ثم وصل أمر من القيادة بتحرك طاقم أفراد من محطتنا (نظرا لخبرتنا في القتال) لتدعيم أحد كتائب الصواريخ - كتيبة فولجا وهى صواريخ أبعد مدى من صواريخنا - لنصب كمين للطائرات الإسرائيلية فوق الثغرة وذالك على ما يبدو لإعلام الإسرائيليين بحرمانهم من الغطاء الجوى في حالة تجدد القتال وليمتد ذراعنا الطويل ليحمى سماء الجيش الثالث في سيناء ثقتنا في قيادتنا كبيرة وصلنا أنا والعريف حمدى والنقيب حمدى إلى الكتيبة المكلفة بعمل الكمين و بدأنا التحرك في مساء نفس اليوم في اتجاه القوات الإسرائيلية و كانت الأنوار مطفأة و ظللنا نتقدم حتى شعرت أننا في وسط العدو وكان هذا خطرا لأننا سنصبح هدفا سهلا لقصف الدبابات و المدفعية من الأرض ولكن كانت ثقتنا في قيادتنا كبيرة أنها تعلم ما تفعل وكانت قواتنا تقوم بقصف الإسرائيليين طوال الليل و تم نصب الكتيبة وفى الصباح شاهدت حولنا وعلى بعد عدة كيلومترات عددا من كتائب الصواريخ بعضا منها هيكليا لخداع العدو طائرة بدون طيار كان حولنا اعداد كبيرة من الدبابات التى كانت تخرج من مواقعها في الليل لمهاجمة العدو. وكان يوجد أيضا بعضا من المدرعات الجزائرية أو المغربية بالقرب منا وتم اسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية بدون طيار(شيكار) صديق طفولتى مصطفى فى الكتيبة فولجا وجدت صديق طفولتى و دراستى مصطفى لقد كان يقوم بنفس العمل الذى اقوم به في محطة الرادار و هو التعامل مع الأهداف المعادية على شاشات الرادار بالإضافة الى إصلاح المحطة في حالة الأعطال الألكترونية في اسرع وقت ممكن ، وكان من واجبنا ايضا التغلب على الاعاقة و الشوشرة الألكترونية التى كان يقوم بها العدو تم تنفيذ الأمر واقتربت طائرتان استطلاع إسرائيليتان من طراز فانتوم . وانطلقت صواريخنا واهتزت الارض وتطاير الغبار و تم اسقاطهم و أسر الطيارين . وعدنا بعد ذلك إلى الكتيبة (التى كانت في النسق الثانى) فقد كان الامر الصادر لنا هو البقاء معهم حتى يتم اسقاط طائرات للعدو وتم تنفيذ الامر.

دور هيئة قناة السويس في خدمة المجهود الحربي:
يقتضينا واجب الانصاف والامانة التاريخية أن نسجل الدور الوطني المشرف الذي اسهمت به هيئة قناة السويس في خدمة المجهود الحربي على مستوى الجبهة، مما كان له أثره الكبير في احراز النصر.

لقد حرص المهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس أن يضع كل امكانات الهيئة: من ورش ومعدات ومنشآت وخبرات فنية في خدمة القوات المسلحة، سواء خلال حرب الاستنزاف، أو في خلال المرحلة التحضيرية لحرب أكتوبر 73 – فاشتركت الهيئة في اقامة الدفاعات والتحصينات والمصاطب على طول الضفة الغربية للقناة من بورسعيد شمالا حتى السويس جنوبا. ومن أجل تهيئة الفرصة امام وحدات الجيشين الثاني والثالث غرب القناة للقيام باعمال الاستطلاع بكفاءة ومقدرة، أعدت الهيئة محطات الاشارة الموزعة على طول القناة (عددها 12 محطة) وكانت تستخدم قبل اغلاق القناة في اغراض عبور السفن لكي توجد بها عناصر الاستطلاع التابعة لهذه الوحدات، للحصول على المعلومات المطلوبة عن قوات العدو على الضفة الشرقية للقناة، والاستفادة بشبكة الاتصالات الممتازة بين المحطات وبينها وبين رئاستها في مقر رئاسة الهيئة بالاسماعيلية، للربط بين عناصر الاستطلاع وبينها وبين قيادتها. كما تم كذلك وضع عناصر استطلاع اخرى داخل السفن المحجوزة في مجرى القناة وفي البحيرات، للعمل كنقاط ملاحظ متقدمة، لمراقبة أعمال وتحركات العدو عن كثب.

ومن أجل الاعداد لعمليات العبور، قامت ورش الهيئة بتصنيع عدد من البراطيم (وفقا للتصميم السوفيتي) وامداد سلاح المهندسين بها لسد النقص الموجود في عدد البراطيم اللازمة لكباري الاقتحام التي استخدمت في عبور المركبات والمعدات الثقيلة الى الشاطئ الشرقي للقناة، عند نشوب القتال. وفضلا عن ذلك، قامت ورش الهيئة بتصنيع عدد من البراطيم العائمة للتغلب على الميول الحادة لأجناب القناة بتوفير ميول مناسبة على شاطئ القناة، كي تسمح للمركبات البرمائية بالنزول الى مياه القناة والخروج منها بسهولة الى الشاطئ الآخر. وقد ظلت محطات المياه التابعة للهيئة في بورسعيد، والاسماعيلية والسويس من بعد حرب يونيو 67 مستمرة في العمل بكل طاقتها وامكاناتها لامداد القوات المسلحة ومواطني مدن القناة بالمياه العذبة، رغم تعرض العاملين بها للغارات الجوية المدمرة، وقصف المدفعية العنيف ، مما أدى الى استشهاد بعضهم.

وفي قطاع بورسعيد، بذلت هيئة القناة جهودا جبارة لخدمة المجهود الحربي. ونظرا للاهمية الكبرى للكباري بالنسبة لمدينتي بورسعيد وبورفؤاد، حيث انها الوسيلة الوحيدة للاتصال البري بينهما وبين الطرق الممتدة اليها من الخارج، فقد قامت ورش الهيئة بتشغيل نطاقات معدنية، تم وضعها حول الحوامل والاعمدة التي تحمل هذه الكباري من جميع النواحي عند قواعدها في المياه، لحمايتها من الالغام والمفرقعات العائمة التي قد يحاول العدو تعويمها في اتجاه الكباري بقصد نسفها وتدميرها. وقد تولى مهندسو وعمال الهيئة تشغيل المعديات لنقل الافراد والمعدات عبر القناة بين مدينتي بورسعيد وبورفؤاد دون توقف، رغم غارات الطيران وقصف المدفعية، وقد استشهد عدد منهم في اثناء قيامهم باداء واجبهم.

وعندما عجزت هذه المعديات عن نقل المعدات الحربية الثقيلة من بورسعيد الى بورفؤاد، نظرا لانها كانت تزيد على حمولتها، تولت الاوناش الضخمة التابعة لهيئة القناة هذه المهمة الحيوية، فقامت بنقل الدبابات والمدفعية المتوسطة ومدفعية الميدان الى منطقة بورفؤاد قبل التوقيت المحدد لبدء الهجوم.

وقد أسهمت الترسانة البحرية في بورسعيد في معاونة القوات المسلحة بالقطاع بكل ما لديها من امكانات ومعدات وخبرات فنية. فقامت بعملية اصلاح وصيانة الاسلحة والمعدات وتصنيع قطع الغيار الخاصة باجهزة الاتصال، سواء الهاتفية أو اللاسلكية. كما قامت باعمال الصيانة والاصلاح للقطع البحرية الراسية في ميناء بورسعيد، وبعض القطع البحرية التي كانت تحضر خصيصا من الاسكندرية، ليتم اصلاحها في الترسانة البحرية في بورسعيد. وعلاوة على ذلك، قام مهندسو وعمال الترسانة البحرية بتصنيع الاسلحة والمعدات الهيكلية، وتجهيزها بالطريقة السليمة في مواقع الوحدات، في مختلف أرجاء القطاع كوسيلة من وسائل خداع طيران العدو وعناصر استطلاعه. وعندما تعرض كوبري الرسوة الذي يربط بورسعيد بالطريق البري في الجنوب لقصف جوي مركز عام 1970 مما أدى الى الحاق تلفيات جسيمة به وتعطيله عن العمل، قام طاقم من الترسانة البحرية في بورسعيد باصلاحه واعادته للعمل في زمن قياسي، ضمانا لاستمرار التحركات العسكرية بين بورسعيد والمنطقة الواقعة في جنوبها.

وقبل نشوب الحرب مباشرة، أمر المهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس بتعبئة كل امكانات الهيئة من أفراد ومعدات وورش ومعديات واوناش واحواض سفن ومستشفيات، استعدادا للمعركة الفاصلة المقبلة، ووضع كل ما تملكه الهيئة من طاقات وموارد سواء بشرية أو فنية تحت صرف القيادة العسكرية . وبهذا ضربت هيئة قناة السويس برئيسيها ومهندسيها وعمالها اروع الأمثلة في تدعيم المجهود الحربي، ومساندة القوات المسلحة، مما يجعلهم يستحقون جميعا تقدير الوطن.

وقد شبهت گولدا مئير كتائب الصواريخ المصرية بعش الغراب .!!