هاني صبري - المحامي
يحاول الاستاذ / رجائي عطية كثيراً اقحام المسيحية والسيد المسيح في تصريحاته وكثيراً من أحاديثه في هذا الشأن قد جانبه الصواب فيها وقمنا بالرد علي سيادته في حينها في بعضاً منها ، ربما تكون آراءه ناتجة عن عدم دراية كفاية بالمسيحية وبتعاليم السيد المسيح ، ولا نعلم ما قصده من ذلك.

وقد اعتاد علي التعرض للمسيحية حيث صرح منذ يومين في لقاءه مع شباب معهد محاماة في المنوفية وقال بحصر كلماته ( أن كل اهتمامي بالشباب مش بس علشان أني محامي إنما شفت في التاريخ أن كل الحركات والدعوات إنما قامت علي الشباب والذين التفوا حول المسيح كانوا من الشباب ونهضت المسيحية علي اكتاف هؤلاء الشباب).

هذا التصريح  قد جانبه الصواب فيه وينم عن عدم معرفة بالكتاب المقدس ولا بطبيعة السيد المسيح ، ويحاول علي خلاف الحقيقة إيهام الناس أن رسالة المسيح قامت ونهضت بالحواريين وقد يتوهم الكثيرين من هذه الإدعاءات أن رسالة المسيح فيها ضعف وغير كاملة والحواريين أقاموها ونهضوا بها وهذا غير صحيح.

أننا لا نعلم من أين أتى بهذا التصريح وأن القرآن الكريم يشهد للحواريين أنصار المسيح بقوله في سورة المائدة 111، وسورة  آل عمران 52 : {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون}، وقد أكد القرآن امتثال الحواريين للحق المبين الذي جاءهم به المسيح ، ولَم يقل القرآن أن المسيحية قامت علي الحواريين أو نهضت بهم.

تجدر الإشارة أنه لم يقل الكتاب المقدس ولا القرآن الكريم أن المسيحية قامت ونهضت علي الشباب (أنصار المسيح من الحواريين ) كما يرغم هذا فهم خاطئ ومغلوط عن المسيحية وفيه ازدراء واضح للمسيحية وللسيد المسيح ، فالدين علاقة خاصة بين الناس وربه ويجب علي الجميع احترام معتقدات الآخرين.

إن ما يدَّعيه الأستاذ / رجائي عطية يمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له ، والإضرار بالوحدة الوطنية وتعكير السلم والأمن العام.

حسب الإيمان المسيحي أن المسيحية لم تقم إلا علي الرب يسوع المسيح وحده وليس لاحد أحد أيا من كان أيّ دوراً في عمل المسيح الكفاري من أجل خلاص البشرية ، "ليس بأحد غيره الخلاص" وأن السيد المسيح أكمل كل شئ علي الصليب وعمله وخدمته ورسالته كاملة غير منقوصة ولا تحتاج أن ينهض بالمسيحية تلاميذه أو غيرهم ، وأن دور تلاميذه والمؤمنين به قاصر علي الإيمان به ونشر تعاليمه فقط ، فقد قال بفمه الطاهر «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا." (مرقس 16: 15).

فالمسيح هو المحور المركزي للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد "لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا." (أعمال الرسل10: 43).

نوضح ما هي نظرة العهد الجديد لحياة يسوع المسيح ولد في بيت لحم حسبما تنبأ عنه الأنبياء ، كانت ولادته معجزية من غير أب، إذ حل الروح القدس على مريم العذراء، فحبلت به، ثم ولدته في بيت لحم، كما جاء في الكتاب المقدس ، ويؤمن المسيحيون أنه صُلب ومات من أجل دفع ثمن خطايا جميع البشر، كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. ثم قام من الموت بقوة ذاته في اليوم الثالث كما في الكتب، قاهرا الموت بقيامته،. ثم ظهر لتلاميذه ولكثيرين ثم صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب وسوف يأتي في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات وملكه لن يكون له انقضاء.

جدير بالذكر أن السيد المسيح لم يفرق بين كل البشر ويحب الجميع بنفس القدر والكل متساوون أمامه ، واهتم بكافة الفئات العمرية وليس فئة بعينها ، نحن لسنا ضد الشباب وندعمهم وندعم حقوق الأطفال وكبار السن والمرأة ولسنا في معرض الحديث عن ذلك لكن ليس من المقبول أو المتصور أن ننسب للشباب أو لغيرهم من الفئات العمرية المختلفة أن المسيحية قامت عليهم حاشا لنا أن نقول ذلك.  

 في تقديري أن ما أقترفه الأستاذ / رجائي عطية يعد جريمة ازدراء أديان مكتملة الأركان وهذا ثابت من خلال تصريحاته والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي. .

ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".

والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.

أن حرية الإعتقاد والرأي مكفولة بمقتضى الدستور، إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه،.. فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون.

وبناء عليه فأنني أناشد السيد الأستاذ المستشار النائب العام بصفته صاحب الاختصاص الأصيل تحريك الدعوي الجنائية أن يطلب من  المجلس الأعلي للقضاء لرفع الحصانة عن السيد الأستاذ / رجائي عطية أعمالاً لنص المادة ١٠٣ من قانون المحاماة رقم ١٤٧ لسنة ٢٠١٩  " وذلك للتحقيق معه بتهمة ازدراء الدين المسيحي.

كما نطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨م مواجهة مثل هذه الدعاوي التي تنال من سلامة واستقرار الوطن لمنع حدوث حالة من الاحتقان تضر بالمجتمع ومواجهتها وقفاً للقانون بكل حزم للمحافظة علي الوحدة الوطنية وسلامة وأمن البلاد.