بث رفع حالة الطوارئ في مصر حالة من التفاؤل في البلاد، بعدما ظل هذا القانون مُطبقًا لسنوات طويلة، وسبقه الأحكام العرفية، والأحكام العسكرية، التي بدأ استعمالها لأول مرة قبل نحو 140 عاما.

ويُعرِّف رجال القانون، حالة الطوارئ بأنها تخضع لقانون ينظمها، وهو نظام استثنائي مُحدد في الزمان والمكان تعلنه الحكومة، لمواجهة ظروف طارئة وغير عادية تُهدد البلاد أو جزءًا منها، وذلك بتدابير مستعجلة وطرق غير عادية؛ بشروط محددة ولحين زوال التهديد.

وفي مصر يُخول قانون الطوارئ للقوات المسلحة والشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.

وفي أبريل الماضي، تم تجديد حالة الطوارئ للمرة الأخيرة، قبل أن يُنّهي قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 25 أكتوبر الجاري هذا الفصل المضطرب من تاريخ البلاد؛ في ظل ما أعلن عنه مرارًا "أن مصر تبني جمهورية جديدة".

قبل 140 عاما
في يوم 11 يوليو 1882 بدأ الفصل الأول من الإجراءات الاستثنائية في مصر، بعدما أعلنت الحكومة المصرية الأحكام العسكرية لأول مرة، أثناء هجوم القوات البريطانية على مصر، قبيل احتلالها مباشرة.

وبحسب عماد أبو غازي، أستاذ الوثائق المتفرغ بجامعة القاهرة، ووزير الثقافة المصري الأسبق، فرضت الحكومة الأحكام العسكرية حينها من خلال برقية أرسلها راغب باشا رئيس مجلس النظار إلى جميع المديريات ونشرت بالوقائع المصرية.

وجاء في البرقية: "حيث ابتدأت الحرب بيننا وبين الإنجليز وبمقتضى القانون تكون الإدارة تحت أحكام العسكرية، والخيول والبغال الموجودة جميعها بالمديريات والمحافظات ترسل لديوان الجهادية بأثمان موافقة على الجهادية فليسرع بالمبادرة في إرسالها".

ويقول أبو غازي إن هذا الإجراء يعتبر الواقعة الأولى التى تُعلن فيها الأحكام العسكرية فى البلاد بعد أن عرفت النظام الدستوري مع الثورة العرابية، واصفا الأمر بأنه إلى إعلان التعبئة العامة، ومع احتلال بريطانيا لمصر أُلغي الدستور وقيدت الحريات العامة دون إعلان رسمي لحالة الطوارئ.

عصر الأحكام العرفية
مع الاحتلال البريطاني لمصر، ظلت الحريات مقيدة دون إعلان رسمي للطوارئ، إلا أن يوم 2 نوفمبر عام 1914 ومع اشتعال الحرب العالمية الأولى، أعلن الجنرال مكسويل قائد جيش الاحتلال بمصر، خضوع البلاد للحكم العسكري، وبعدها بأسابيع قليلة تم إعلان الحماية البريطانية على مصر.

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، تصدّر مطلب إلغاء الأحكام العسكرية، مطالبات السياسيين المصريين حينها، وعلى رأسهم سعد زغلول، ففي ظل الأحكام العرفية فُرضت الرقابة على الصحف، وتم التنكيل بالمصريين على نطاق واسع.

ومع ثورة 1919 زادت مطالبات إلغاء الأحكام العرفية، إلا أنها لم تلغ إلا بعد إقرار دستور 1923، الذي تضمن أول نص دستوري ينظم حالة الأحكام العرفية، وعقب إقرار الدستور وإصدار قانون التضمينات، أمر اللورد أللنبي القائد العام للقوات البريطانية في مصر بإلغاء نظام الأحكام العرفية، بعد إقراره لنحو 9 سنوات.

ومع الحرب العالمية الثانية، أُعيد فرض الأحكام العرفية عام 1939 من جديد، كما شهد عام 1948 إعادة لفرض تلك الحالة مع حرب فلسطين، ثم أُعيدت أيضًا في أعقاب حريق القاهرة يوم 26 يناير عام 1952، وامتد حتى بعد قيام ثورة يوليو.

قانون الطوارئ
في عام 1958 صدر قانون الطوارئ المعمول به حاليا، وتم تفعيله منذ نكسة عام 1967 حتى أواخر عهد الرئيس الراحل أنوار السادات، وأُعيد فرضه من جديد عقب اغتياله عام 1981، وظل مفعلًا منذ ذلك العام حتى تم إلغاؤه في مايو عام 2012.

وفي يناير عام 2013 فُرض قانون الطوارئ بمحافظات قناة السويس، لمدة شهر، ثم أُعيد فرض حالة الطوارئ بعد ثورة 30 يونيو لمدة شهر واحد فقط، ومع تصاعد الأعمال الإرهابية فرض الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ في سيناء من نهاية عام 2014.

وفي أبريل 2017 اتسعت دائرة حالة الطوارئ لتشمل جميع الأراضي المصرية، وبين 17 تجديد وتمديد، ظل قانون الطوارئ مُطبقًا حتى أنهاه قرار الرئيس السيسي الأخير المؤرخ بـ 25 أكتوبر 2021.