أحمد الاشقر
لوسي هو اسم المسبار الفضائي الجديد الذي انطلق يوم ١٦ اكتوبر الماضي من قاعدة الناسا في امريكا، في طريقه الي كوكب المشتري (Jupter) لدراسة بعض الكويكبات الصغيرة التي تدور حوله. وقد اطلق اسم لوسي علي هذا المسبار تيمناً باسم الهيكل العظمي الذي عثر عليه في افريقيا منذ مدة طويلة ويرجح انه لامراءة عاشت منذ ملايين السنين ويعتبره العلماء اقدم هيكل عظمي عثر عليه حتي الان، حيث كان بداية الانسان في افريقيا، اما السبب في اختيار هذا الاسم بالذات فهو ان هذا المسبار انطلق في رحلة تستمر ١٢ عاماً يجمع خلالها المعلومات عن كيفية بدء ونشاءة نظام المجموعة الشمسية وتطوره بالشكل الذي نعرفه اليوم. يقطع المسبار طوال رحلته حوالي ٦،٥ مليار كم ويدور حول الشمس ٣،٥ مرات بسرعة ٦٣ الف كم في الساعة وذلك لفحص سبع كويكبات حول كوكب المشتري، واحد كبير بشكل رئيسي وستة اقل حجماً، عند الاقتراب منها يخفض سرعته الي ٢٤ الف كم في الساعة. يعتقد العلماء ان هذه الكويكبات موجودة قبل بدء تكوين النظام الشمسي وبالتالي فهي تمكن من معرفة تاريخ بدايته كما ان المسبار سوف يبحث عن اصل المواد العضوية الموجودة علي كوكبنا العزيز، ان كانت قد جاءت من الفضاء الخارجي اومن اين اتت. وهذا المسبار الجديد مزود بكاميرات حديثة جداً تستخدم الاشعة تحت الحمراء للتصوير ليلاً ونهاراً كما انه مزود باجهزة قياس درجات الحرارة المختلفة المنبعثة من هذه الكويكبات. علي ان هذا المسبار سوف يحتاج الاقتراب بين الحين والاخر من كوكب الارض وذلك لاكتساب بعض الجاذبية منها والتزود بالطاقة ويواصل رحلته. منذ بدء الخليقة يبحث الانسان عن حقيقة الحياة علي الارض وفي اسرار الكون الذي يعيش فيه وبدايته ونشاءته، وهذه الابحاث ليس لها نهاية وذلك لان نتائج اي ابحاث يصل اليها الانسان بعد بدايتها واكمالها تقود الي انواع جديدة من الاسئلة والابحاث ومن اجلها يتم انفاق المليارات لزيادة معرفة الانسان عن الكوكب الذي يعيش عليه وكيف وصل اليه ومن اين اتي اليه والي اين يذهب بعد الموت وكذا علاقة هذا الكوكب بالكواكب الاخري.
 
صديقي العزيز، هل ساءلت نفسك مرة او فكرت لماذا لاتصطدم الكواكب والنجوم والشموس والاقمار ببعضها بالرغم من وجود المليارات منها في الكون؟ بين الحين والاخر نسمع ونقراء عن اقتراب شهب ونيازك وغيرها من الارض ولكنها تمر بدون ان تصيب الارض او تصطدم بها. ايضاً في الكون الفسيح هناك ملايين الاجسام السماوية والكونية المختلفة تدور في مجراها ولكن احداث التصادم قليلة للغاية، اقل كثيراً من حوادث السيارات في الطرق المزدحمة علي الارض. وذلك لان مسارات ومدارات الكواكب المختلفة محسوبة بدقة متناهيه وان صانع هذا الكون قد حدد له مساراته ومستقبله. كما انه منذ قديم الزمان كان الانسان يساءل نفسه، هل هناك كائنات او مخلوقات اخري تعيش علي الكواكب المجموعة الشمسية الاخري؟ وان كانت فهل تشبه هذه المخلوقات والكائنات مثيلتها علي الارض ام لها شكل مختلف وخواص مختلفة؟ ( علماء الافلام العلمية Science fiction يقدمون لنا بين الحين والاخر تصورات مختلفة لشكل هذه المخلوقات في الكون وخارج كوكب الارض في افلام عديدة). كان تفكير الانسان يتصور امكانية وجود حياة علي كوكب الزهرة وكوكب المريخ نظراً لقربهما من كوكبنا الارض وظروفهما الجوية التي قد تسمح بوجود كائنات او مخلوقات اخري عليهما. في المقالة الرابعة السابقة كتبت عن كوكب الزهرة، Venus، الذي يقع بين الشمس والارض واليوم اكتب عن كوكب المريخ، Mars، الذي يلي كوكب الارض في المجموعة الشمسية. ونظراً للابعاد الكبيرة جداً بين كواكب المجموعة الشمسية، تصل الي ملايين الكيلومترات، فان السفر او بمعني ادق ارسال سفن او كبسولات او مسبارات لدراسة هذه الكواكب تحتاج شهوراً واعواماً حتي تصل الي الكوكب المراد دراستة بالرغم من تقدم صناعة سفن الفضاء والتي اصبحت تطير بسرعات فائقة تصل الي الاف الكيلومترات في الساعة.
 
منذ مدة طويلة تجري الابحاث علي قدم وساق حول وعلي كوكب المريخ، الكوكب الاحمر، والذي يبعد عنا حوالي ٢٠٠ مليون كم، للبحث عن اي اثر للحياة عليه، والتي يمكن ان تشابه الحياة علي كوكب الارض والاتجاه يسير في تحديد منطقة الهبوط علي الكوكب التي يتصور العلماء وجود نوع من الحياة عليها، ثم جمع اكبر كمية من عينات التربة في هذه المنطقة علي اعماق مختلفة وارسالها الي الارض كما يتم تحليل الاحجار الموجودة علي الكوكب والبحث داخلها عن اثار الحياة ويشارك في هذه التجارب علماء من تخصصات مختلفة لانه لو وجدت اثار مياه علي المريخ فهذا يعني وجود حياة. وكوكب المريخ يشبه كوكبنا من حيث التضاريس   فهناك جبال ووديان وكثبان رملية وربما محيطات وانهار وبحيرات سابقة. منذ مدد مختلفة هبطت عدة سفن فضاء وسارت عدة كيلومترات علي الكوكب كما ان الصورالتي ارسلت توضح بقايا انهار وبحار واثار رياح قوية علي الكوكب. ويرجح العلماء انه كان هناك ماء علي المريخ منذ ملايين السنين كما ان التربة في الكوكب تحتوي علي العناصر اللازمة للحياة: الكربون، الهيدروجين والنتروجين والاوكسجين والفسفور والكبريت. 
 
كما وضحت الصور اثار دلتا كبيرة ونهر يصب فيها منذ حوالي ٣ مليار سنة ومعها تحولت الدلتا الي بحيرة. اما اسباب تفاؤل العلماء عن وجود حياة علي المريخ هو ان هناك بكتريا تعيش منذ مليارات السنين في قاع البحور والمحيطات علي كوكب الارض كما ان هناك انواع من البكتريا تعيش ملايين السنين داخل الحجارة وخاصة في قارة استراليا وحيث يمكن متابعة ترسيبات او طبقات الحجارة والبكتريا الموجودة فيها. هناك في العديد من جبال العالم توجد انواع من البكتريا قد تحجرت منذا ملايين او مليارات السنين ومازالت موجودة داخل الحجارة حتي اليوم. وربما وجد العلماء بكتريا مماثلة لها في احجار كوكب المريخ.
 
ونظراً للمسافة الهائلة بين الار ض والمريخ فان ارسال السفن الي المريخ يتطلب ظروف خاصة منها ان العلماء ينتظرون دورة المريخ في مداره وحيث يكون قريب من الارض وهذا الاقتراب يحدث كل سنتين مرة وذلك لان سنة المريخ تعادل سنتين علي الارض. وحتي في حالة اقتراب الكوكبين من بعضهما فان السفر الي المريخ يحتاج الي ٧ اشهر للوصول اليه. 
 
وفي الاونة الاخيرة نجح العلماء في صناعة طائرة هليوكبتر صغيرة تنفصل عن المسبار ويمكنها الطير والهبوط علي الكوكب بسهولة واجراء بعض التجارب علي الكوكب نفسه وليس فقط جلب عينات الي كوكب الارض كما انها ستقوم بارسال نتائج هذه التجارب الي الارض بدلا من ارسال كل العينات الي الارض كما سبق وكثير من هذه التجارب تهدف الي توفير الاوكسجين علي الكوكب وذلك من خلال فصل الاوكسجين من ثاني اكيد الكربون الموجود بكثرة هناك حتي يتمكن الانسان من السفر الي المريخ، فبعض الشركات الخاصة تخطط حالياً لمشروعات سياحية خارج كوكبنا العزيز وقد شارك فعلاً عدد قليل من البشر، حوالي عشرة اشخاص، في اول رحلة سياحية خارج الارض الي الفضاء الفسيح حولها.