فاروق عطية
   7ـ يقول أنصار عبد الناصر أنه هو من إنهى عقودا طويلة من المرض بالتأمين الصحي: وهذه مغالطة مضحكة لأنه في عهد عبد الناصر لم يكن هناك أي تأمين صحي للمواطنين المصريين، بل يمكننا القول أنه حتى الآن لا يوجد بمصر تأمين صحي بمعناه الحقيقي. لم يضع عبد الناصر قانونًا خاصا للتأمين الصحي، وإنما أصدر قانونًا بإنشاء هيئة التأمين الصحي، وذلك فى عام 1964م، لم يكن غير نظام لتقديم خدمات الرعاية الصحية للعاملين بالشركات الصناعية (إصابات العمل وتعويضاتها).حتى في هذا الإطار لم يكن رائدا فقد سبقه صدور العديد من التشريعات في العهد الملكي (حكومات الوفد)، موجّهة بصفة أساسية للقوى العاملة من عمال وموظفي المصانع والشركات التجارية فقط دون موظفي الحكومة. أضاف عبد الناصر موظفي الحكومة لحظيرة قوانين التأمينات.
 
   وفيما يلي عرض موجز لهذه القوانين:
ـ قانون 64 لسنة 1936م: حدد مسئولية أصحاب الأعمال تجاه العاملين فيما يخص إصابات العمل، إنحصر تطبيق هذا القانون على العمال في الصناعة والتجارة دون التطبيق في المجالات الأخرى.
 
ـ قانون 86 اسنة 1942م: ألزم صاحب العمل بالتأمين الإجباري على عماله ضد إصابات العمل لدى إحدى شركات التأمين التجارية.
 
ـ قانون 117 لسنة 1950م: للتأمين ضد أمراض المهنة، بقيام صاحب العمل بتعويض عماله في حالة الإصابة بأحد الأمراض المهنية. 
 
ـ قانون 203 لسنة 1958م: للتأمين والتعويضات ضد إصابات العمل الذي تم بموجبه نقل مسئولية تمويل والتزامات إصابات العمل إلى مؤسسة عامة وانشاء الصندوق القومي لإصابات العمل للتغلب على تجاوزات شركات التأمين التجارية في حقوق العمال المصابين في ظل القوانين السابقة.
ـ قانون العمل الموحد91  لسنة 1959م: وضع هذا القانون معايير الرعاية الصحية اللازم توفيرها لعمال المؤسسات المختلفة طبقاً لعدد العاملين بها من جانب صاحب العمل ونتيجة لهذا القانون بدأت الشركات والمصانع في إنشاء الأقسام والإدارات الطبية بها أو التعاقد مع شركات التأمين التجارية بعقود تأمين جماعية لعمالهم أو التعاقد مع المؤسسة الصحية العمالية التي تم انشائها بقرار رئيس الجمهورية رقم 571 لسنة 1961م طبقاً لهذا القانون لتقديم الرعاية الصحية للعاملين بالمصانع والشركات والمؤسسات الصناعية وبخاصة إصابات العمل.
 
ـ قانون 75 لسنة 1864م: تقضي أحكام هذا القانون بتطبيق التأمين الصحي على موظفي الحكومة والهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات الإدارة المحلية مقابل اشتراك قدره 3 % من أجور العاملين شهرياً يسددها صاحب العمل (الحكومة)، بالإضافة إلى 1 % من الأجر الشهري يسدده العامل أو الموظف. وبناءً على هذا القانون صدر قرار رئيس الجمهورية 1209 لسنة 1964 بإنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحي لتنفيذ ما جاء به. 
 
ـ قانون 63 لسنة 1964م: يقضي بتطبيق التأمين الصحي على العاملين بالقطاعين العام والخاص الخاضعين لقانون التأمين الاجتماعي مقابل اشتراك 4 % من الأجور الشهرية يسددها صاحب العمل بالإضافة إلى 1 % من الأجر الشهري يسدده العامل . وقد أناط القانون بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية تنفيذ هذا القانون ونظراً للازدواج في تنفيذ التأمين الصحي بين الهيئة العامة للتأمين الصحي والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، صدر القرار الجمهوري 3298 لسنة 1964 بنقل مسئولية الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فيما يخص تطبيق التأمين الصحي الي الهيئة العامة للتأمين الصحي 
 
   8ـ يدعون أن عبد الناصر هو من أنهى اعتماد مصر على الزراعة فقط والاتجاء للتصنيع وبناء 1200 مصنع. أهمها إنشاء مجمع الألومنيوم فى الظهيرالصحراوي لنجع حمادى شمال قنا. وشركة الحديد والصلب المصرية في منطقة التبين بحلوان، تأسيس شركة الكيماويات المصرية المعروفة بأسم كيما. تصنيع كامل لأول سيارة مصرية (السيارة نصر 128). اهتم بصناعة الأجهزة الكهربائية وصناعة الأسلحة والذخيرة في مصر بشكل داخلي حتى لا نعتمد على الآخرين، ومصنع الانتاج الحربي بحلوان الذي قام بانتاج الطائرات الحربية والمقاتلات الحربيىة 300. كما قام بتأميم العديد من المؤسسات والشركات وتأميم البنوك المصرية سواء كانت خاصة أو أجنبية.
 
  لا يستطيع أحد إنكار أن عهد عيد الناصر شهد انشاء العديد من المصانع كمجمع الألومينيوم ومصنع الحديد والصلب وغيرهما من الصنعات الهامة. لكن لا ننسي أن بداية عصر التصنيع في مصر بدأ من زمن سابق علي أيدي رواد الاقتصاد والصناعة المصرية أمثال طلعت حرب باشا واحمد عبود باشا وغيرهما، مصانع عملاقة للعزل والنسيج ومصانع للأسمدة والصناعات الكيماوية ومصانع السكر ومحالج القطن ومصانع انتاج الزيوت والصابون، ولو استمر الحال لزاد التطور خاصة في تصنيع المنتجات الزراعية التي أهمِلت تماما في عصره.
 
   ويؤخذ عليه القيام بتأميم المصانع والشركات الكبري والمتوسطة وحتي الصغيرة التي لا تؤثر علي الاقتصاد. كان من الممكن فرض الضرائب التصاعدية علي هذه الشركات وسن القوانين التي تفعل وتصوب مساراتها، ولكن كان التأميم لمجرد الانتقام من أصحاب هذه الشركات والاستيلاء علي أموالهم دون تعويضات مناسبة. كانت هذه الشركات والمصانع تدار  بطرق وأساليب اقتصادية علمية سليمة وتنتج بعائد مناسب يؤدي للتوسع والازدهار، كانت هياكلها التنظيمية محسوبة بدقة بتسلسل هرمي واضح، عدد العاملين بكل موقع كاف دون زيادة، والترقي والحصول علي المناصب الأعلي يتم حسب الكفاءة والقدرة، يجازى من يُخطئ ويثاب من يبدع، الأجور مناسبة (أضعاف الأجور الحكومية) والعلاوات الدورية كبيرة ومكافأت آخر العام مجزية. بعد التأميم أسندت إدارتها لأهل الثقة دون أهل الخبرة، حُمِلت بأعداد كبيرة من العاملين دون حاجة، لأن الدولة مُلتزمة بتعيين الخريجين. فرضت علي العاملين درجات وظيفية كما هي موجودة بالوظائف الحكومية وانخفضت الأجور تبعا لهذه الدرجات "علي سبيل المثال كان الجامعي يعين بالشركات بأجرشهري بين 40-60 جنيها بعد التأميم صار يعين علي الدرجة السابعة بـ 20 جنيها وكانت العلاوات الدورية لحديث التخرج بين 5-8 جنيهات فصارت بعد التأميم جنبها ونصف الجنيه". نتيجة للإدارة الغير رشيدة توسعت الشركات في الوظائف الإدارية حتي أصبحت أكبر من الوظائف الإنتاجية، وحدثت تُخمة في عدد العاملين دون حاجة نتيجة التزام الدولة بتعيين الخريجين "تواجد 4 أو 5 أفراد في الموقع الذي يحتاج لفرد واحد"مما أدي للتكاسل والتواكل بين العاملين وصار الأعلى صوتا يحوز علي الترقي دون عدل. والنتجة المتوقعة هي التدهور المستمر للقطاع العام والخسارة المحققة والاتجاه الملاحظ الآن هو التخلص منه تدريجيا بالبيع بدلا من دراسة أسباب الانهيار المعروفة وتلافيها" قرار بيع مصنع الحديد والصلب ومصنع سماد طلخا".
   9ـ يفتخر أنصار عبد الناصر بأن في عهده بدأ إنتاج الصواريخ المصرية القاهر والظافر والرائد عام 1958م بمعاونة العلماء الألمان: وإليكم قصة هذه الصوارخ، اتفق الرئيس جمال عبد الناصر مع رئيس الوزراء الهندي جواهرلال نهرو، على استقبال العلماء الألمان الذين كانوا يعملون في الهند في مجالي الصواريخ والطائرات بجانب العلوم المتقدمة، وبالفعل جاء العلماء الألمان إلى مصر وعلى رأسهم العالم بينز الذي قاد مشروع الصواريخ المصرية، شارك العلماء المصريون في تصنيع تلك الصواريخ بجانب العلماء الألمان، ولكن فشلت تجربة إطلاقها بسبب استحداث نظام التحكم الإلكتروني في الصواريخ وإحلاله مكان التحكم الميكانيكي، وهي المشكلة التي لم يستطع العلماء الألمان التغلب عليها. وقبل التوصل لأي حل حدثت إصابة للسكرتيرة الخاصة للعالم بينز نتيجة انفجار طرد مفخخ ضمن عمليات الموساد الإسرائيلي التي استهدفت العلماء الألمان وعجزت الحكومة المصرية عن إيقافها مما جعل الخبراء الألمان يرحلون إلي الصين. ومن المضحك وشر البلية ما يضحك أن تلك الاهياكل الصاروخية الميتة كانت تُحمّل علي جرارات وتعرض على الجماهير المغيبة مع غيرها من الدبابات والمجنزرات في كل عيد من أعياد الثورة للتباهي.