سحر الجعارة

 (العريس مربوط، البنت مخاوية جن، الولد لابسه جن كافر.. روحى للشيخ فلان، لأ لأبونا «مكارى يونان».. افتح «المندل» يدلك على المسروقات والسارق.. اعملى «زار» يطرد الأرواح الشريرة.. شوف الفنجان، نضّف العتبة بميّه ورجلة خضراء وارقى المحسود).. وصفات ترد الغائب وتفك الزوج المربوط وتجلب الحبيب.. لو جمعتها وعرضتها على الدكتور «أحمد عكاشة» سيقول: كلهم مرضى بالهلاوس السمعية والبصرية!

 
قلة الحيلة وعشق الخرافة أدخلتنا فى دائرة جهنمية من دجل لا ينتهى، دجل يجتزئ من القرآن والسنة ما يؤكد ادعاءاتهم الكاذبة، لتأييد جبهة الجن المطلوق علينا يسرق أموالنا ويستحل نساءنا ويُشعل النيران فى منازلنا وقرانا.. ونحن راكعون خانعون، فنحن أمام قوة «غير منظورة» هى فى حقيقة الأمر قوة مضافة لقدرة العمامة التى تُحدثنا عن الجان لتسخير البشر أنفسهم والسيطرة عليهم فى قبضته!
 
الدكتور «محمد أبوبكر»، أحد علماء الأزهر الشريف، زعم أنه يمكن للجن أن يسرق الأموال والذهب، وبعض أمتعة أو نقود بنى آدم، لأن الجن فيهم الصالحون والطالحون، قال تعالى: «وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً» (الجن: 11)، وثبت فى السنة سرقة الشيطان من طعام الصدقة، كما فى حديث أبى هريرة الطويل.
 
انتفض المجتمع ذعراً على ممتلكاته، على شرف البنت التى تزوجت من جن تحت الأرض (ولم تحدد النسل).. الجن إذاً هو المتهم الوحيد فى كل ذنوبنا وخطايانا، (هو الذى يسرق من أجل نفسه، أو طاعةً لأمر الساحر الذى سخَّره للقيام بذلك، ويلصق التهمة بآخر)!. فإذا سلمت عقلك لأبوبكر: (كان المفروض تدخل طب والجان وسوس لك تدخل أدبى، وثروة صديقك كانت من حقك لكن الجن تحايل لتكويشه عليها.. وهكذا تفسر سيناريو حياتك بكل أحداثه).
 
لو أن لدى الجن أى إدراك أو سلطان على البشر للاحظوا موت سيدنا سليمان أمامهم قبل سقوطه على الأرض.. قال تعالى: «فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ» (سبأ: 14).
 
أو أسعدوا «الساحر - المشعوذ» نفسه الذى يزعم تحضير الجن بينما يعيش على التهام عقول الناس وأموالهم.. لكن «للسبوبة أحكام» وهى منتشرة فى المجتمعات العربية على حد سواء، مع تنامى التيار السلفى التكفيرى ونشر الأفكار الميتافيزيقية والاستغراق فى الخرافة حتى الغرق.. أنت تتعامل مع كائنات لا دليل على وجودها إلا إيمانك بما جاء فى القرآن، والباقى تهيؤات وخزعبلات وغيبوبة فكرية وجهل وتجهيل.
 
العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالكويت د. عجيل النشمى: «منكر وجود الجن كافر».. «ولأن أجسام الجن أجسام رقيقة، فليس بمستنكر أن يدخلوا فى جوف الإنسان من خروقه».. د. سعد العنزى: «نعم الجن يصرع الإنسان فى بعض الأحيان ويؤذيه، فمنهم من يدخل فى الإنسان عشقاً أو تفريقاً أو حقداً أو عن طريق إصابة بعين».. وعن إنجاب الجن من الإنس، قال: «لا يمكن الإنجاب من الإنس حتى ولو استمتع بعضهم ببعض لاختلاف طبيعة البشر مع الجن».. «إجمااااااع العلماء» من أمتى يجعلنى أتشكك فى قواى العقلية: هل مسَّنى سحر أسود أم تلبَّسنى جن كافر جعلنى أعتقد أن العقل مناط التكليف وأننا لا نصدق إلا ما ندركه بالعقل؟!.. الأهم: هل إنكار سرقة الجان يُدخلنى تحت مقصلة ازدراء الأديان؟