كتب مايكل دانيال
إيرينى سمير حكيم، شابة مصرية قد لا يعرفها الكثيرون... 
 
درست الفنون بطريقة غير تقليدية، حيث كانت ضمن دراستها المتخصصة فى الآثار اليونانية والرومانية، وكان لهذا تأثير على تذوقها للفنون، إنما الأثر الأكبر على تكوين شخصيتها الناضجة فنا وكتابة كان له أسبابا أخرى، كما قالت.
 
قدمت إيريني منذ أيام علي مسرح روابط بوسط القاهرة، و تحديداً في الثالث من أغسطس الجاري، عرضاً للتعبير الحركي بإسم "حكاية بشرية" بمصاحبة فريقها الذى كونته حديثاً تحت إسمYouSpeak Team  حيث كان العرض مستوحى من مقال لها، يتحدث عن التشابه بين السيمفونية العالمية Carmina Burana للموسيقار الألماني كارل أورف، ومقطوعة الفراديس للموسيقى المصري هشام نزية، ويشرح كيف أن كلِ منهما قد عبرتا بشكل أو بأخر عن صراع كامن فى النفس البشرية، و عن سؤال وجوديّ، و قالت إيرينى أن كارمينا بورانا رأت أن الإنسان مُصيَّر (نسبة للمصير وليس مُسيَّر)، بينما رأت في مقطوعة الفراديس والتي جاءت بكلمات الشاعر الصوفي محي الدين ابن عربي ان الانسان مُخيَّر!.
 
علي هامش هذا العرض الذي ابهر جميع الحاضرين كان لي معها هذا الحوار:
 
- ما هي طبيعة دراستك وما هي المؤثرات التي كان لها الأثر على ارتفاع حس التذوق الفني لديك؟
 
درست الآثار اليونانية والرومانية بجامعة عين شمس، ثم حصلت علي دبلومة ترميم أثار من معهد الدراسات القبطية، بالتأكيد كان لدراستى تأثير على تقديرى للفنون وما وراءها من إنسانية يحللها علم الانثروبولوجى (علم الإنسان)، واستيعابى بسبب إبداع تلك الحضارة لمدى الفن على التأثير على شخصية مُبدِعُه، ومدى تأثير شخصية المبدع على شكل وتكوين الإبداع الذى ينتجه، وكان رد جميع هذه الارتباطات يعنينى شخصيا، لتتبعها وتحليلها، وذلك لاستنارة ذاتية أبعد مما أقرته علينا الدراسة.
 
أما السبب الأقوى والأكثر تأثيرا من دراستى، فكان بسبب تطورات فى شخصيتى وظروفى الشخصية بما صاحبها من ألم كما هو مقدر لجميع البشر، إنما كان هناك شئ فى اعماقى يجعلنى أتوقف عند ترجمة الألم وعن التعبير والإفصاح عنه وكيفية التعامل معه، فبدأت استغل الوحدة والتفكير والعجز وكل ما هو ضعيف فىّ، للتركيز فى تفاصيل فى اعماقى وتفاصيل تحيط بى، القبيحة منها والجميلة، الضعيفة والقوية، حتى نَشَط فى ذهنى واحساسي أعماق تنتبه إلى تفاصيل اصغر فى الحياة من حولى، المادية منها والمعنوية، ووجدت نفسي التجأ إلى لغة الكتابة والحركة للتعبير عما بين اسطر الكلام والمشاعر، فلقد كنت منذ الصغر أمارس هوايتى الفنية فى المسرح العادى أو اكتب موضوع تعبيرى جيد، ولكنى لم الجأ يوما إلى المسرح الحركى أو أمارسه قط ولم اكن اهتم بالكتابة كتدوين للمشاعر، إنما عند استيعابي لولادة قدرة عن التعبير عما أُضيفَ بداخلى من استيعاب انسانى اكبر، قررت المحاولة للإفصاح عنه، وذلك فى حوالى عامى ال 22 بدأ هذا الاتجاه عندى بعد رحلة فنية نفسية بدأت من اعماقى بالألم، حتى أثمرت إبداعا لم أكن أتوقعه قبل، وهذا ما جعلنى أشارك بتجربتى هذه من سيقرأ هذا الحوار، لأقول له أن الألم بمقدوره أن يغرس فينا مواهب جديدة وليس أن يكتشفها فقط، ولأؤكد أن ليس كل ألم هو للتدمير بل هناك الكثير من الألم للبنيان، بل أيضا كثيرا ما يكون هو مصدر الإبداع حقا!.
 
- متي بدأت مشوار الكتابة و ما هي أهم الصحف التي عملت بها؟
 
بدأت فى عام 2010 فى جريدة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة، وكان مقالى الأول يجمع بين الآثار والفن حيث كان نقد فنى تاريخى عن مسلسل كليوباترا، وقد ساعدنى هذا المقال للكتابة فى أكثر من محور فى نفس المقال، وقد كتبت أيضا فى جريدة المواطن الالكترونية، وحاليا اكتب بشكل مستقل فى موقع الحوار المتمدن.
 
- هل كل كتاباتك عبارة عن نقد فني و لها علاقة بالفنون ام ان لكِ مقالات اخري للرأي ؟
 
اكتب فى مجال الفن والأدب والآثار والثقافة عموما، وفى مقالات الرأى والخواطر أيضا، أنا بشكل عام لا أسعى إلى الكتابة فى مجالات متعددة، إنما احرص على الكتابة حينما يستطيع ذهنى وقلمى أن يعبرا بحكمة ومنطق عما يحتاجه هذا المقال حقا، أيا كان المجال الذى ينتمى له.
 
- ما هو المقال الذى استوحى منه فكرة هذا العرض المبتكر؟
 
المقال المُستوحى منه عرض التعبير الحركى حكاية بشرية هو مقال بحثى مُصغَّر بعنوان "الفراديس لهشام نزيه، الوجه العربى للسيمفونية العالمية كارمينا بورانا لكارل أورف"، وقد تم نشره فى ثلاث  أماكن (الحوار المتمدن - جريدة القاهرة - جريدة المواطن)، وقد قام الكاتب والصحفى الكبير السيد ياسين بكتابة مقال تعليقا على هذا المقال للإشادة به فى العدد اللاحق لنشره فى جريدة  القاهرة.
 
وقد تعرضت فى هذا المقال لفكرة فلسفية تجمع بين أسئلة البشر عبر الأماكن والأزمنة، وهى أن الإنسان مُخيَّر آم مُصيَّر؟، وفى هذا البحث المُصغَّر توصلت لتشابهات ليست فلسفية فقط تجمع بين العملين إنما فنية وتاريخية أيضا، ولمعرفتها بالتفصيل يفضل قراءة المقال وهو متوفر على الانترنت.
 
- لماذا قررتِ تحويل هذا المقال لعرض "ايقاع حركي" تحديداً و لماذا لم يتم أعادة صياغته ليصبح مسرحية بشكلها المعتاد؟
 
لاننى أناقش موضوع يتحدث عن صراع نفسي واجتماعى وروحى، كان لابد من اللجوء للغة الجسد والكتابة، كان لابد من طرح الفكرة بطريقة غير سماعية نَصيَّة، ولان الأمر يناقش ما بين سطور النفس البشرية فكان لابد من مخاطبتها بطريقة مختلفة تتقصَّد النفس وإحساسها ومن ثَم يذهب التأثير إلى الذهن والتفكير، فكل ما وَددته هنا هو مشاركة الحاضرين بأوجاعهم والأنين معهم.
 
- متي بدأت العمل علي التحضير لهذا العرض و ما هي الاسس لاختيار فريق العمل المصاحب لكِ و ما هو اسم الفريق؟
 
  منذ كان المقال فكرة كان معه فكرة العرض، فالمقال والعرض وجهان لعملة واحدة هى مناقشة الفكرة ذاتها إنما بشكلين مختلفين، لذا تعمدت فى العرض أن أقول اننى بالكلمة المكتوبة وكلمة الجسد أُقدم عرض حكاية بشرية، وبدأت التنفيذ العملى منذ شهور لكنى تعطلت بسبب بحثى عن الشخصيات الملائمة لتنفيذ العرض، ولقد تعرفت على مينا نادى واحمد عنتبلى وذلك بترشيحات من أصدقاء فنانين من فرق أخرى، وبعد اختبارهما جيدا استقريت على أن يكونا هما المؤديان فى العمل معى.
 
أما عن الفريق فهو يحمل اسم YouSpeak Team
 
- لماذا تم اختيار هذا الاسم تحديداً و ما هو المغزي من الاسم؟ 
 
لان الاسم يرمز لمعنى أنا أتعمَّده كفكرة أساسية لبنيان الفريق وهدفه وهو ما يحمله فى معناه الحرفى "إنت بتتكلم"، واقصد منه أن المشاهد يشعر بأن هو من يتحدث لا الممثل الذى يراه على المسرح، وكأنه ينظر فى مرآة يرى فيها ما يدرك انه بداخله وما لا يراه فى خبايا نفسه وتوقعاتها.
 
- ما هو شعورك بعد نجاح العرض وهل من المخطط اعادة عرضة و خصوصاً ان العرض كان لمدة ليلة واحدة فقط؟
 
سعيدة أول شئ بنجاح رهان راهنت عليه نفسي، وهو أن الفطرة بإمكانها أن تَغلُب دراسات كثيرة وان المشاهد يحتاج إلى مخاطبة صادقة بإبداع حتى ولو بإمكانيات بسيطة، وانه لا ينجذب فقط إلى إبهار الإمكانيات، إنما إلى إبهار الإحساس أيضا، بل ويحتاجه، حتى وإن كانت الفكرة المُقدَمَة له فلسفية وعميقة، فلقد كان صمت الجمهور تركيزا فى تفاصيل العرض بالرغم من شدة الحر فى المكان وصعوبة الفكرة المطروحة مفاجأة بالنسبة لى، وأسعى حاليا لإعادة العرض مرة أخرى خاصة بعد تكرار طلب إعادته من العديد ممن حضروا ومَن سمعوا ممن حضروا العرض.
 
- ما هي خطط إيرينى المستقبلية؟   
 
لقد توقفت عامين عن الوقوف على المسرح قمت فيهما بكتابة عدد من المسرحيات وتصميم عروض حركية، وحاليا أفكر جيدا للانتقاء منهم العرض الأنسب لتقديمه بعد حكاية بشرية.