د. مينا ملاك عازر 
 
لا شك أن القاهرة الآن تجني ثمار مواقفها القوية وعلاقاتها المثمرة مع العالم الغربي بشكل عام، والعالم بأثره بشكل أشمل، وهو ما نراه في نجاح موقفها في ليبيا وتراجع الدور التركي فيها، بل وتراخي القبضة التركية على الإرهابيين المصريين الفارين إليها الذين كانت تشكل قبضتها عليهم حصن حصين يمطرون منه مصر وابل من الاتهامات والبذاءات والتعديات، كما أن التراخي التركي أدى لتسليمها بعض الإرهابيين للحكومة المصرية.
 
كما أن النجاحات التي أحرزتها الحكومة المصرية في العلاقات الخارجية أثمرت عن موقف دولي موالي لها في قضية سد النهضة، فنرى الآن الشقيقة السودان تنسل من الخندق الإثيوبي لتقف بجوار الموقف المصري المتأذي والمتضرر من التعنت الإثيوبي بالإصرار المحموم على ملء السد بنفس المعدلات الضارة بحصة مصر من المياه مما يهدد حياة البشر والكائنات الحية والثروة الزراعية عامة، بل يهدد بكارثة هائلة إذا ما انهار السد الإثيوبي الذي يكاد أن يكون محبس يتيح لإثيوبيا بيع المياه أكثر منه استثمار يستفيد منه الإثيوبيين ومن ورائهم من مستثمرين. 
 
وعلى ذكر المستثمرين القابعين وراء السد الإثيوبي، نرى تلك الوساطات العربية التي بدأت بوساطة سعودية وتلتها بأخرى إمراتية تعرب عن إحساس بالخطر يحدق بمصر ما أن تستمر إثيوبيا في خطتها في ملء السد ما قد يؤدي لإضرار بمصر الشقيقة الكبرى للعرب. 
 
ربما تتساءل، وهل لم تكن مصر غير حليفة من قبل؟ أو غير شقيقة فيما قبل للسعودية والإمارات؟ لا بالطبع، لكن التعنت الاثيوبي الذي لم يكن محسوب حسابه من قبل من قبلهما، كما أن التوافق الصيني مع الموقف المصري يعرب وبوضوح عن قوة الموقف المصري بعد التحركات المصرية ووصول العلاقات المصرية الصينية لأوج قوتها في الآونة الأخيرة، ومع العلاقات السلمية التي تربط الإمارات وإسرائيل والودية الي تربط السعودية وإسرائيل تدرك تماماً أن الموقف المصري يزداد قوة، وهو ما يتضح من خطاب سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ألقى بكل ثقله وراء الملف المصري حيث أعلن وبوضوح أنه لن يمكنه ومصر أن يقبلوا التصرفات أحادية الجانب من الطرف الإثيوبي في ملء السد، ما يهدد حياة المصريين، وهذا كله يتزامن مع الفضيحة الإنسانية التي ارتكبها الجيش الإثيوبي في حق مواطنيه من التجراي، ما أسفر وبوضوح عن جرائم حرب لم ينكرها آبي أحمد الحاصل على جائزة نوبل للسلام، الذي كان يظن أن تلك الجائزة حصن له، لكن أفعاله وجيشه من أمامه فضحة عنفه وجرائمه.
 
الأهم فيما نذهب إليه في هذا المقال، أن الوساطات العربية لا تلعب دور حساساً وحاسماً في تغيير الموقف الإثيوبي بل على الأقل هي مؤشر لقوة ومتانة العلاقات المصرية، وتغير الموقف الدولي من الدولة الاثيوبية التي طالما تاجرت بالظلم الواقع عليها والأذى والضرر اللذان تتجرعهما.
 
آخر القول، أن كان على الدول العربية عبء فلا أثقل من العبء الواقع عليها الآن وهو أن تضغط بوقف استثماراتها التي تضخها في السد الإثيوبي، وهو ما أتمنى أن تحذو الشقيقة العائدة للحظيرة العربية قطر فعله -بإذن الله-
 
المختصر المفيد الماء أمن قومي لمصر فلا مساس به وهو خط أحمر.