د. مينا ملاك عازر

تمت احداث هذه القصة في الاتحاد السوفيتي، يقول خروتشوف: اتصل بي الرفيق ستالين وقال هناك مؤامرة كبيرة، لدينا مصنع لإنتاج إطارات سيارات، وهذا المصنع هو هدية من شركة فورد الأمريكية، وهو ينتج الإطارات منذ سنوات وبشكل جيد، ولكن فجأة ومنذ ستة أشهر بدأ هذا المصنع ينتج إطارات تنفجر بعد بضعة كيلومترات ولم يعرف أحد السبب، أريدك أن تذهب إلى المصنع فوراً وتكتشف ما هو السبب؟
 
وصلت المصنع، وباشرت التحقيق فوراً وكان أول ما لفت نظري هو حائط الأبطال على مدخل المعمل، على هذا الحائط توضع صور أفضل العمال والإداريين والذين عملوا بجد ونشاط خلال شهر، وبدأت التحقيقات مباشرة من الإدارة حتى أصغر عامل، لا أحد منهم يعرف الأسباب.
 
وقفت في أول خط الإنتاج وقمت بمتابعة أحد الإطارات طوال مراحل الانتاج من نقطة الصفر حتى خروجه من المعمل وأصبت بالإحباط، كل شيء طبيعي، وكل شيء صحيح، وكل شيء متقن، ولكن الإطار انفجر بعد بضعة كيلومترات، جمعت المهندسين والعمال والإداريين، وقمت بالاتصال بالمهندسين الأمريكيين، لم نصل إلى حل، قمت بتحليل المواد الخام المستخدمة في صناعة ذلك الإطار، التحليل أثبت أنها ممتازة جداً، وليست هي السبب أبداً، والإطار انفجر بدون سبب. 
 
أصابني الإحباط، وأحسست بالعجز، وبينما أنا أمشي في المصنع لفت نظري حائط الأبطال ويوجد في رأس قائمة الأبطال أحد المهندسين، ما لفت نظري أن هذا المهندس على رأس القائمة منذ  ستة أشهر، أي منذ بدأت هذه الإطارات بالانفجار بدون سبب، لم أستطع النوم، قمت باستدعاء هذا المهندس إلى مكتبي فوراً للتحقيق معه، وقلت له ارجوك اشرح لي يا رفيق، كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية؟ قال: لقد استطعت أن أوفر الملايين من الروبلات للمصنع والدولة قلت: وكيف استطعت أن تفعل ذلك؟ قال: ببساطة قمت بتخفيف عدد الأسلاك المعدنية في الإطار، وبالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يومياً.
 
هنا اصابتني السعادة الكبيرة، لأنني عرفت حل اللغز أخيراً، ولم أصبر على ذلك، اتصلت ب"ستالين" فوراً، وشرحت له ما حدث، وبعد دقيقة صمت  قال بالحرف: والآن أين دفنت جثة هذا الغبي؟  في الواقع لم أعدمه يا رفيق بل سأرسله إلى سيبيريا لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم بطل إنتاج؟ وان كان لي تعليق علي هذه القصة هو لماذا لم يتم معاقبة من كرم هذا المهندس الغشاش. 
 
في الواقع ليس بالضرورة أن تكون فاسداً وسارقاً لتؤذينا و تدمرنا، يكفي أن تكون غبياً.
المختصر المفيد اللهم اكفني شر الأغبياء، أما أعدائي فأنا محتاج لك أيضاً لتدحرهم.