د.نادر نور الدين

 نهضة كبيرة تشهدها مصر لزيادة الموارد المائية وتقليل الفجوة المائية تتمثل فى تحديث الرى بكل أشكاله، سواء الرى الحقلى أو الشبكات الموصلة للمياه وتبطينها، ثم معالجة مياه المصارف الزراعية وتحويلها إلى مياه عذبة غير ملوثة للغذاء وغير مسببة لتدهور التربة أو إصابة المزارعين بمختلف أمراض تلوث المياه، وأخيرا تحلية مياه البحر. كل هذه الطرق لها مميزاتها ولها أيضا حساباتها المستقبلية التى ينبغى مراعاتها ومعرفة آثارها. فتطوير ترع نقل المياه البالغ طولها نحو 30 ألف كم على مستوى مصر والقابل منها للتبطين من الترع تحت الرئيسية وترع التوزيع وصولا إلى ترع الحقل للمساقى والمراوى لا تقل عن 15 ألف كم، يمكن أن توفر لمصر حتى 9 مليارات م3 من المياه العذبة التى كانت تفقد فى الترع الطميية المسامية بنسبة فاقد من 25- 30% كانت تفقدنا ما بين 15- 19 مليار م3 سنويا على كافة الأطوال شاملة الفقد بالبخر، ولذلك كان ينبغى التفكير فى تحويل بعض الترع ذات القطاعات الصغيرة إلى مواسير بدلا من التبطين لتوفير قدر كبير من مياه الفقد بالبخر من المسطحات الكبيرة للترع بسبب مناخنا الحار.

 
الأمر الثانى هو معالجة مياه المصارف الزراعية والتى تستقبل كل أنواع مياه المخلفات من مياه الصرف الزراعى ومياه الصرف الصحى والصرف الصناعى، ولكل نوع من هذه المخلفات أضراره على الإنسان وعلى سلامة الغذاء وعلى الحيوان والتربة. وباتباع الرى السطحى بالغمر فى أراضى الدلتا البالغة مساحتها نحو 4.5 مليون فدان، يستهلك الفدان منها نحو 7 آلاف م3 سنويا، شاملة الفاقد أثناء نقل المياه وأثناء الرى بإجمالى يتراوح ما بين 27 و30 مليار م3، تذهب نصفها إلى المصارف الزراعية، أى أن مصارف الدلتا وحدها تستقبل نحو 15 مليار متر مكعب من المياه سنويا. المصارف الزراعية تستقبل أيضا نحو 2- 3 مليار م3 من مياه الصرف الصحى والصناعى، ويعاد استخدامها جميعها مرة أخرى فى الرى، سواء بدون معالجة أو بمعالجة أولية والقليل حديثا بمعالجة ثلاثية. وبإعادة استخدام مياه المصارف مرة أخرى فى الرى ترتفع كفاءة الرى السطحى إلى 74% بدلا من 50%. هذه الكفاءة الجديدة للرى بالغمر تقارب كفاءة الرى بالبيفوت وبالرش البالغة 85%، والتنقيط الذى يصل إلى 90%، ولكن مع مراعاة أن الرى بالغمر يوفر غسيلا مستمرا لتراكمات الأملاح والملوثات فى الترب الزراعية بنسبة 26% المتبقية من كفاءة الرى بالغمر، بعد أن أصبحت 74%، بينما لا توفر طرق الرى الحديث بالبيفوت أو بالرش أو بالتنقيط أى قدر من الغسيل للتربة، وتعمل على تراكم الأملاح والملوثات فى التربة، أو أن يتم فتح نهايات الخطوط لمواسير الرى فى نهاية كل موسم لغسيل تراكمات الأملاح والملوثات لتستهلك قدرا مما ما وفرناه فى الرى.
 
المهم فى هذا الأمر أن تطوير الرى الحقلى فى أراضى الدلتا سوف يؤدى إلى نقص الفاقد بالمياه الذى يذهب إلى المصارف الزراعية، وبالتالى تقل كميات مياه المصارف التى خُطط لمعالجتها ويعاد استخدامها فى الرى، وفى الوقت نفسه يقل إنتاج محطات المعالجة الثلاثية التى يتم إنجازها على قدم وساق سواء ما تم فى مصرف بحر البقر أو التالى قريبا فى مصارف غرب الدلتا لرى أراضى مشروع الدلتا الجديدة ومحور الضبعة فى الساحل الشمالى الغربى، وأيضا مصرف كتشنر الذى ينتهى فى محافظة كفرالشيخ. هذا الأمر يعنى أن ما تم إنفاقه من مليارات فى إنشاء محطات معالجة مياه المصارف الزراعية لتنتج كميات بعينها من المياه النقية ينبغى معه إعادة الحساب بدقة فى تطوير طرق الرى الحقلى فى محافظات الشرقية ومحافظات غرب الدلتا ومحافظة كفرالشيخ حتى لا تقل معه كمية المياه الواصلة إلى محطات المعالجة أو إرجاء إنشاء محطات المعالجة حتى ننتهى من وضع خطة تطوير الرى الحقلى فى محافظات وسط وشرق وغرب الدلتا، وإلا انخفضت إنتاجية محطات المعالجة بسبب تراجع كميات المياه الواصلة إلى المصارف بعد تطوير الرى الحقلى فى هذه المناطق، وبالتالى تضيع جدوى إنشاء محطات المعالجة.
 
أما عن تحلية مياه البحر وتكاليفها العالية، فنحن نستهلك نحو 10 مليارات م3 لمياه الشرب سنويا، أى بما يعنى مليار متر مكعب لكل 10 ملايين مواطن، وأن ما سيتم توفيره من مياه الرى، بعد تبطين الترع، وبعد تطوير الرى الحقلى ومن معالجة مياه المصارف، سوف يكون فى حدود 10 مليارات م3، وأن ما ننتجه حاليا من مياه التحلية سوف يصل إلى مليار متر مكعب قريبا، ثم متوقع وصوله إلى 3 مليارات م3 عام 2030، وإلى 5 مليارات م3 عام 2050 وهو نفس إنتاج دولة الإمارات العربية المتحدة بإمكانياتها الاقتصادية والبترولية المرتفعة. ولذلك فإن مشروعات تطوير الرى، سواء الحقلى أو فى الترع الموصلة للمياه، سوف توفر ضعف هذا الرقم، بما يقلل ضغط تداعيات السد الإثيوبى علينا، وبالتالى فلدينا من الوقت ما يكفى التروى للنظر فى اقتحام هذه التقنية الخاصة بالدول الغنية وبكثافة حالية حتى تنخفض تكاليفها فى المستقبل القريب، وحتى نضع جدوى وأولوية لتوزيع مياه التحلية للمنازل أو المصانع والعائد منها.
 
تويتات: إعلانات التبرع لسقيا الماء على أساس دينى وليس على أساس إنسانى خطأ فادح وإهدار للإنسانية وتمّكن لتيار الدين السياسى، فالإنسانية سابقة لنزول الأديان.
 
الاكتفاء الذاتى من العدس يتطلب زراعة 100 ألف فدان فقط ومن الفول نصف مليون فدان وهى مساحات صغيرة فلماذا لا نبدأ ولو فى الأراضى الجديدة لأهم سلعتين لعامة الشعب