سليمان شفيق
 وزوجتة المكافحة أميرة اطال الله عمرها
"الرب يحب الحق ولا يتخلي عن اتقائة الي الابد يحفظون".
داود النبي .
 تمر الان الذكري الرابعة والثلاثين لرحيل العم موريس سليمان ، سنوات مرت وهويعيش داخلي لم يفارقني من مرضة الي انتقالة ، لانه دائما في القلب والحشا ، ولا انسي كفاح زوجتة الشابة حينذاك اميرة لرعاية ابنائها السبعة  وتربيتهم وتعليمهم  وتزويجهم ، وصولا الي احفادها ال الواحد وعشرين حفيدا .. لايمكن ادراك ذلك قبل ان اتوقف اما العائلة والحارة .
 
في احدي حواري شارع عثمان بالمنيا وكانت تسمي حارة عبد الحي ولدت ، كانت الحارة تجمع كل ابناء الطبقات الوسطي وما تحت الوسطي والفقيرة من الطبقات الاجتماعية ، مثل الاستاذ عدلي وابنة ايوب اول من التحق بمعهد عالي في الحارة وهاجر الي المانيا ، وعم اسحق قليني مدير النادي اليوناني  ابو صموائيل المدرس واخوتة ،وعم سعد ابو جاموس الموظف في شركة اندرسن لحليج الاقطان وعائلتة امة وابية وابنة صلاح المدرس اول الاصدقاء والذي سافر الي السعودية وعاد وانقطع الاتصال وفي منزلهم كان يسكن  الكابتن مصطفي اسماعيل ابن اول مقاول سباك بالحارة أ اتذكرة كلما رايت حنفيات المياة في منزلنا لانه اول من ركب لنا المياة وابنة مصطفي من اصدقائي القدامي والذي يتواصل معي حتي الان ، واخت مصطفي زوجة عم عربي من كباتن المنيا الاوائل في كرة القدم، وعم حنا ابو جورج صاحب مخبزالعيش البلدي ، وابنة جورج المدرس ،وعم فريد الذي كان يعمل في النادي اليوناني  وابنة رافت اول خادم  كنسي من الحارة ، وعم فكري النجار وزوجتة  منيرة الجميلة صديقة امي واولادة ماري وكمال وصفوت وماجدة  وكانوا الاقرب، والاستاذ فايق المدرس اول من علمني الكتابة والقراءة ، والعمة فاطمة بتاع الفول ، والمعلم روفائيل النجار وبناتة .
 
في هذة الحارة بدات اعرف في طفولتي الاولي معني التعايش والفقر والعمل والحرية ، كانوا يفرحون سويا ويغضبون ويتشاجرون ويتصالحون بعد قليل يبكون ويفرحون وتقربهم دموعهم من قلوبهم ، ويوحدهم شجارهم 
 
كان منزلنا رقم 7 في الحارة ويعيش فية "سيدي"ـ الجد سليمان ميكانيكي طلمبات المياة "الفتوة" قوي الجسد ومفتول العضلات ، وكان سيدي يرتدي الجلبلب البلدي ويركن حمارة خارج المنزل ، ويحكي انه حينما كان فرح عم حنا ،جاء الي الحارة اقوي فتوة في المنيا  "سيد الوحش" وطلب الوحش يرقص مع النساء؟! ولكن سيدي سليمان بعد ان شرب ما يكفي من النبيذ ،خرج سيدي سليمان للوحش واوسعة ضربا واستولي علي "نبوتة" وطردة ذليلا ولم يحصل علي "نبوتة" الا بعد توسط فتوات الاحياء المجاورة وبعد ان وعد سيدي سليمان  ان لاياتي الي "حتة" سليمان الجد ، حكاية سيدي سليمان انة كان ابن اسرة موسرة من المنوفية وهرب كما قص علي في احدي السهرات واسكرة الخمر وفاضت الذكريات ،انه هرب اثناء هوجة عرابي .. من ابن عمة عمدة كفر الحمي منوفية لشقاوتة واتي الي المنيا في عربية كارو ،ويتردد ان كان علية ثأر واتي الي المنيا قرية نزلة عبيد شرق النيل ولانه كان ميكاني شاطر قام عمدة البلد بتزويجة لستي ـ جدتي "فلامينا" ، كانت بيضاء وجميلة وتتحمل سيدي سليمان ما بين الخمر والفتونة  ، وانجب منها ابي شفيق وعماتي شفيقة ونرجس ونادية ومنيرة ، واعمامي جرجس وتقي ومنير وموريس، ومن تفاقم السكر والسكر اصيب سيدي  سليمان بالعجز مبكرا فلم يتم ابي تليمة وخرج من مدرسة الصنايع بالاعدادية الصناعية وكانت شهادة تذكر في ثلاثينات القرن الماضي وعمل بشركة اندرسن كاتب ،وتزوجتي عمتي شفيقة في عزبة الخشابة من عمي شحاتة الذي باع كل ما يملك من كرمة  ،ونرجس من عمي فرحان فلاح  بقرية دماريس  ويعمل عامل في اندرسن ، ومنيرة من خالي عطالله  عياد وكان موظف بمصر للبترول ،وعاشت عمتي منيرة مع خالي في  شبرا مصر،ونادية وتزوجت من زكريا من اوائل المصوراتية بالمنيا، وعمي جرجس تطوع في بلوكات الامن وعاش في شقة واحدة  بشبرا مع خالي عطاللة ،والاعمام تقي وموريس عملوا بالنجارة ، ومنير اشتغل تررزي افرنجي في جزيرة بدران وكان يعيش مع اخية جرجس بشبرا .
 
كل هؤلاء كانوا يعيشون في بداية حياتهم في منز الحارة ، وحينما جاء وقت زواج ابي تذكر سيدي سليمان اهلة بالمنوفية وزوج ابي شفيق من احدي ابناء عمومتة انجيل .. وانجبت انجيل: الصيدلانية لوسي ،و المحاسبة اليس والصحفي سليمان ، ومرضت ، وبعد الشفاء انحبت يوسف المدرس وعبقري الرياضيات.
 
موريس .."شوقي " المعلم الاول :
في خضم طفولتي مرضت امي واقامت بين المستشفيات بالقاهرة وانشغل ابي بها ، ولم اجد سوي حضن عمتي نادية وكانت امي وكتف عمي موريس وكان ابي ، لن انسي ما قدماة لي الام نادية والاب موريس في طفولتي ، كانت نادية تذاكر لي وتقضي حاجتي كلها ، اما الاب موريس فكان المعلم والصديق حينما كان عمري خمسة سنوات كان مع عمتي نادية اول من اصطحبوني الي المدرسة "ابناء الثورة" في اول يوم دراسي ومحوا خوفي وقبلوني ، وحينما مرضت وعملت اول عملية في حياتي " اللوز" ، كل فترة اقامتي في مستشفي المنيا العام كان موريس معي يوميا يخفف عني ويداعبني ، اما نادية فكانت تقيم معي علي كرسي مجاور لسريري .
 
وفي سن التسع سنوات اصطحبني موريس الي العمل جنب الدراسة وقال لي :" انت شاطر في الدراسة ولابد ان تعمل وتكون شاطر في العمل لان الكتاب  المقدس يقول "بعرق جبينك تأكل خبزك " ، وعملت صبي نجار احمل المعدات الي حيث يعمل واشتري متطلبات النجارة من حلات صموائيل ، واذهب الي الزبائن اذا اقتضت الحاجة ولازلت اذكر انه كان يعطيني في الاسبوع ربع جنية ( كانت تساوي ثنت نصف كيلو لحمة حينذاك) وكيف ادخلني جمعية بجنية في الشهر ولا انسي انني اشتريت منها اول "بلوفر" شتوي وبنطلون وكتب للدراسة وزرت القاهرة معة لزيارة امي .
 
وحينما انتقلت الي الاعدادي كان يعمل مقاول لشركة كوكاكولا ، ولم اعد صبي بل صنايعي لتصليح صناديق الزجاجات وكانت من الخشب حينذاك مقابل 5مليم " تعريفة" علي كل صندوق ، واستطعت منها ان احصل حوالي 20 قرش يوميا ، ويوم الاحد كان يصطحبني لكنيسة الامير تادرس وليلا ندخل السينما ثم نعد وجبة من لحم الخنزير والمكرونة ونذهب واصدقائنا في العمل الي الكورنيش لنسهر ونأكل ثم نناقش الافلام التي رايناها خاصة الاجنبي ولازلت اذكر فيلم "قوفاديس " وكيف كان عمي يحبة جدا.
 
قادني موريس الي تعلم القراءة وعرفني علي محل "حنا دومة" لبيع الكتب القديمة لاشتري الكتب ويسألني عن ما فهمتة منها ولازلت اذكر اول كتاب لنجيب محفوظ "بين القصرين " وفي الاجازة اصطحبني للقاهرة واراني حواري محفوظ بين القصرين وقصر الشوق والسكرية .
 
هكذا كان المعلم النجار موريس هو الذي مهد لي الطريق للعمل وللثقافة والفن ، ومن خلال ذلك عرفت معني الحياة .
 
رغم ذلك كان عمي وابي ومعلمي موريس نجار مطرانية المنيا للاقباط الارثوذكس ، وقريب الصلة من نيافة المطران الانبا ارسانيوس ، وكيف اصحبني انا واخي يوسف للعمل معة في المطرانية ودير البراموس ، في تلك الفترة وبعد ان كبر اخي يوسف كان هو ثالثنا في كل ذلك .
 
ومرض موريس وعشت معة ما بين المنيا والمستشفي بالقاهرة وعشت معة كما عاش معي في المستشفي في طفولتي ، ولم يتخلي نيافة الانبا ارسانيوس عن كامل الرعاية وعاد بعد الشفاء الي المنيا .. ولكنه انتقل فجأة الي ملكوت السموات ، وقام الانبا ارسانيوس بالصلاة علية في جنازة تليق "بالنجار المعلم كان علي طريق المعلم الاول ابن الله المسيح النجار..." هكذا قال علي جسدة الانبا الارسانيوس .
 
انتقل ابي وعمي واخي الاكبر وصديقي موريس الي السماء ولكنة لازال يعيش داخلي كلما رايت ورش النجارة والمطرانية والكتب واماكن دور السنما القديمة بالمنيا ، انتقل وترك سبعة ابناء وكانت زوجتة اميرة شابة ولكنها كافحت حتي حولتهم الي قبيلة موريسية .
 
القبيلة الموريسية  سبعة ابناء و21 حفيد:
امل متزوجة حاصلة على دبلوم التجارة وتعمل فى الضرايب العقارية.
 
سامية وحاصلة على دبلوم التجارة و تعمل بالادارة التعليمية
نبيلة و لا تعمل وحاصلة على دبلوم فنى.
منار و حاصلة على الدكتوراه فى علم النفس.
رضا حاصلة على بكالريوس التربية وتعمل مدرسة تربية فنية
عبد المسيح حاصل على معهد سيارات ويعمل نجار.
السابع شهيرة حاصلة على بكالريوس التربية وتعمل مدرسة رسم.
الاحفاد ٢١ حفيد:
منهم طبيب بشرى وصيدلى واسنان.. و مهندس مساحة و فنى كهرباء و اخصائية تخاطب وتعديل سلوك، و اربعة طلبة جامعات : تربية وحاسبات ومعلومات و الالسن،طالبين ثانوي ،
وطالب اعدادي ، وسبعة ابتدائي ،وسبعة حضانة ، ورضيع .
ومن هؤلاء دمينا ابن د طوسة والدكتورة منارومينا كان الاول علي المنيا في الثانوية العامة ، وخريج طب القاهرة بامتياز مع مرتبة الشرف ، ومن الاحفاد ايضا العبقرى مينا ماجد الطفل اللى فى حضانة كبرى و بتعلم ٤ لغات غير خفة الظل
رحم الله موريس المعلم الاول ، واطال الله عمرزوجتة المكافحة أميرة، لان الرب كما قال الانبا ارسانيوس في ختام عظة الجنازة :"لان الرب يحب الحق ولا يتخلي عن اتقائة الي الابد يحفظون".