هاني صبري - المحامي 
سيدة أوكرانية خرجت بالملابس الداخلية في البلكونة بمنطقة التجمع القاهرة الجديدة أمام المارة وقد تم تحرير محضر بالواقعة. 
 
أن ما فعلته هذه السيدة لا يشكل جريمة ولا يعد فعل فاضح الذي يعني كل فعل خادش للحياء ويكون في مكان عام ، ولا يعتبر تصرف هذه السيدة فيه أيّ حدش للحياء العام.
 
من المقرر أن جريمة الفعل الفاضح العلنى على ما يبين من نص المادة 278 من قانون العقوبات لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه وهذا الشرط لم يتحقق في حق السيدة الأوكرانية وعليها أن تقف بحريتها حتي لو كانت ملابسها الداخلية وما فعلته ليس فيه خش للحياء (الثاني) العلانية ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة ومادام الفعل غير مؤثم فالركن غير متحقق (الثالث) القصد الجنائي وهو تعمد الجاني إتيان الفعل. والفعل غير متعمد وغير مجرم من الأساس. 
 
ومن ثم عدم توافر أركان جريمة الفعل الفاضح قبل السيدة الأكروانية ، والذي يُزعم أن الواقعة فيها تحريض علي الفسق والفجور هذا إدعاء غير صريح جملةً وتفصيلاً ، فالواقعة غير مجرمة بالمرة ولا تشكل ثمة أيّ جريمة جنائية.
 
ويجب احترام الحياة الخاصة وعدم انتهاك خصوصية الآخرين ومعاقبة كل ما يخالف ذلك بكل حزم وفقاً للقانون. 
 
السؤال الذي يطرح نفسه هل يحق لأي شخص الاعتذار بالجهل بالقانون إذا ارتكب جريمة سواء كان مصرياً أو أحبنياً ؟.
 
جدير بالذكر أنه لا يعتبر الجهل بقانون العقوبات عذراً مقبولاً ولا يعفي من المسؤولية الجنائية ، ومن الثوابت القانونية والعملية أنه لا يجوز لأحد سواء كان أحنبياً أو مصرياً الاعتذار بالجهل بأحكام قانون العقوبات حتى لا يفلت المجرمون من العقاب بادعاء عدم العلم، ولهذا كان العلم بأحكام قانون العقوبات مفترض من واقع نشر القانون في الجريدة الرسمية ودخل حيّز التنفيذ.  
 
تعتبر قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون من القواعد المسلم بها في معظم دول العالم، و مؤداها أن التشريع متى أصبح نافذاً فإنه يسري في مواجهة جميع الأفراد المخاطبين بأحكامه، ولا يعفى أي منهم من الخضوع له، سواء علموا به أو لم يعلموا. 
 
وبناء على ذلك، لا يمكن لعائد من الوطن أن يعتذر بجهله القانون الذي يسري في حقه، بحجة صدوره حالة وجوده خارج البلاد، كما لا يقبل نفس العذر من شخص أمي بحجة أنه لا يستطيع قراءة الجريدة الرسمية التي نشر فيها القانون، بل لا يجوز لأجنبي قدم إلى مصر وأتى ما يستوجب تطبيق القانون المصري عليه أن يعتذر بجهله حتى ولو كان حسن النية لأن حكم هذا القانون يخالف تماماً المعمول به في بلده.
 
فكرة المساواة بين الأفراد أمام القانون هي الأساس الذي تقوم عليه قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون، فالقانون ينبغي أن يطبق على المجتمع، ولا يجوز لأحد أن يفلت من حكم القانون لأسباب خاصة به، كادعائه عدم علمه بالقانون ، ولا شك في أن القول بغير ذلك يعني الإهدار الكامل للغاية التي من أجلها أنشئت القواعد القانونية، وهي رعاية مصالح الأفراد بالمحافظة على النظام في المجتمع.
 
أن ظاهرة التريندات وحب الشهرة علي مواقع التواصل الاجتماعي ما هى إلا آفة عالمية ووسيلة جديدة لارتكاب عدة جرائم، ولذلك تتصدي له كافة دول العالم بصرامة شديدة، ونحن بصدد تقديم مشروع تعديل للقانون رقم 175 لسنة 2018 بإضافة فقرتين للمادة 25 ليكون الغرض منهم التوسع فى تجريم وفرض عقوبات رادعة على كل من يقوم بنشر على أى وسيلة من وسائل تقنية المعلومات للمواد التى تنتهك الحياة الخاصة، مطالبة بضرورة معاقبة من قام بتصوير ونشر فيديو سيدة التجمع ، طبقا للقانون، ليكون تحرك رادعا من الدولة لكل من تسول له نفسه اقتحام خصوصية الآخرين والتلصص عليهم.