محمد أمين
كنت فى أحد الفنادق الكبرى أحضر مؤتمرًا علميًا، وفوجئت بحضور وزيرة كانت أشهر وزيرة فى زمانها لدرجة أنها كانت مرشحة رئيسًا للوزراء، لم يكن يعرفها أحد.. فما الذى استجد؟ وكيف تحولت فى وقت قصير إلى وزيرة لا يعرفها الناس، ويسألون مَن هذه؟.. الحكاية أن الوزيرة ارتدت الحجاب وغطت شعرها فلم يعد يعرفها أحد.. كان الحضور يتساءلون بمعنى الكلمة: مين دى؟.. ربما لأنها كانت ترتدى طرحة سوداء وتضع مكياجًا أسود غيَّر ملامحها.. الله أعلم!

وأود أن أقول إن الحجاب ليس حالة اكتئاب، وليس حالة تجهم، ولو أنها ارتدت حجابًا أبيض ربما كان يشع نورًا أو على الأقل لا يلتبس على الناس شكلها أو ملامحها.. والذين يتركون لحاهم أيضًا يتغير شكلهم.. حين لا يبتسمون ولا يهشون للناس، وكان التجهم من علامات التدين، وهذا غير صحيح!

لا أتحدث عن الوزيرة السابقة لأقول إنها غيَّرت ملامحها، وإنما أقول هذا حقها أن تتحجب أو لا تتحجب.. ولكن مفترض أن التدين يبعث على البهجة وانشراح الصدر.. وقد فهمنا بعد أن غادرت المكان أن تعليقات الناس كانت أكثر على هذه الحالة.. فلا هى محببة ولا الحجاب كان جذابًا.. قد يقول قائل: ولماذا تريده جذابًا؟.. وهى لم تتحجب لكى تجذب الرجال إنما لكى تقدم نموذجًا للزى الإسلامى لا يجذب ولا يشف ولا يصف!

الغريب أن حالة الحجاب تأتى فى وقت لا تحتاج إليه السيدة الآن.. فلو أنها تركت الحجاب فلا جناح عليها أن تتركه.. مصداقًا لقوله تعالى: «والقواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة».. ونحن فى بلادنا نترك الحجاب فى الوقت الذى تكون فيه المرأة مثيرة للفتنة ثم نلجأ إليه فى وقت لا حرج عليها فى أن تتركه!

وأعرف فنانات كثيرات يقمن بأدوار مثيرة، فإذا صار عندها خمسون أو ستون عامًا اعتزلت الفن وارتدت الحجاب.. بدعوى أنها أدت العمرة فشرح الله صدرها للحجاب.. عن نفسى لا أعارضها فى ذلك وإنما أدعو لها بالتوفيق والسداد، وأرجو ألا يكون نوعًا من التودد الذى قال عنه الإعلامى إبراهيم عيسى إنه التودد اللزج!

كان البعض يرى أنها أشيك وزيرة، وكانت تختار أزياءها، وكانت تلفت الأنظار، ومن هذا المنطلق كانت الأسئلة والاستفسارات: ماذا جرى؟ ومن هذه؟.. لم يعترض أحد على الحجاب من حيث هو حجاب، وإنما على طريقة التعاطى مع الحجاب.. فالحجاب لا يعنى التكشيرة، ولا يعنى التجهم أو السواد!

لا أكتب هذا الكلام حتى تقلع الوزيرة السابقة عن الحجاب، ولا أظن أنها تبحث عن عقد عمل يستدعى ارتداءها الحجاب، وقى كل الأحوال لها كل الاحترام والتقدير!.
نقلا عن المصرى اليوم