بقلم حمدي رزق
لم يغادر الرئيس السيسى قداس عيد الميلاد بكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، قبل أن يوصى الحضور وشعب الكنيسة بالبابا تواضروس الثانى خلى بالكم منه.
 
الوصية الرئاسية أتت على وقتها، وفى محلها تماما، والبابا المتواضع يستحق كل التقدير والاحترام الذى يكنه لقداسته الرئيس وكل الشعب المصرى.
البابا تواضروس بحق بابا المصريين، وليس فحسب المسيحيين، بأقواله تصدقها أفعاله، وكما يقولون الرجال مواقف، والرئيس يشير إلى مواقف قداسته بقوله الرجال بتُوزن فى المواقف والظروف الصعبة جدا.. والرسالة بعلم الوصول، واللبيب من الإشارة يفهم.
 
معلوم البابا يقدم هموم الوطن على ما عداها، ويدعو ربه أن يحفظ مصر لشعبها، ويحافظ على جيشها (الرشيد) ليحمى حياضها المقدسة، وسبق أن صك قولا صار مأثورا، وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن.
 
البابا المصرى لم يخلف وعده وطنيا، ومواقف البابا تواضروس دروس معتبرة من دروس الوطنية المستبطنة فى القلوب، وبابوات الكنيسة المصرية لا يتخلفون عن المواعيد الكبرى للوطن، يسجلون حضورا باهرا، وظهور البابا تواضروس فى منصة الوطن فى (3 يوليو) الخالدة، درس معتبر من دروس الوطنية المستبطنة فى القلوب، وتعبر عنها الألسنة بكلمات طيبات، أقرب لدعوات رجل صالح فى قلايته، يدعو ربه اللهم احفظ هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات، وبالقول المحفوظ مبارك شعبى مصر.
 
يقول حكيم النفوس: عندما تلمس الجانب الطيب فى نفوس الناس، تجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة، والبابا يحمل خيرا كثيرا للمصريين قد لا تراه العيون.
 
ابتداء، يحمل تواضعا، لم يغيره كرسى البابوية، وإذا أبحرت فى نفسه، تعجب، إنه لو عاد به الزمان لما خرج من الدير، ففيه نعمة الهدوء والراحة والتوفر على الصلاة.
 
وكيف أنه لم يطلب لنفسه قداسة ولا سعى إلى بابوية، ولا طافت فى خياله، ولم تكن بين أحلامه، ولم تحدثه بها نفسه، بل سجل فى ورقة الترشيحات البابوية اسم غيره، ولكن شاءت الأقدار، ولا يملك للقدر ردا، ولا لثقة آباء الكنيسة رفضا، وأمام إرادة السماء التسليم، والدعاء أن يوفقه الله فى طريق صعيب سلكه مقدرون من آباء الكنيسة.
 
يتأسى البابا تواضروس، من الأسوة الحسنة، بالبابا العظيم كيرلس السادس، فى زهده وصلاحه وتقواه التى تبقت فى نفوسالشعب القبطى، وصورة بالأبيض والأسود يطالع فيها مسيرة البابا العظيم، يرى نفسه فى هذه الصورة، ويتمنى لنفسه نفس السيرة والمسيرة، ويقف متأملا كيف استطاع هذا الرجل العظيم أن يحفر لنفسه مكانا فى قلوب الأقباط، لم يغيره الزمن بل نقشه بمداد الحب.
 
يقف البابا تواضروس متعلمًا على معلمه العظيم البابا شنودة الثالث، متعجبا كيف مر مرورا كريما من الأزمات التى كادت تعصف بالوطن، كيف تماس مع السياسة ولم تلوث ثيابه، وكيف ظفر بلقب بابا العرب باستحقاق تاريخى، وكيف أقام علاقة محبة مع شعب الكنيسة جعلت من صورته مبتسما أيقونة فى صدر غرف الجلوس، يقف البابا تواضروس من قداسته موقف إجلال واحترام.
 
خلاصته، البابا تواضروس يملك تواضعًا وطنيا يكسب القلوب، وثقافة تؤثر العقول، وروحا طيبة وأمانى عذابا فى وطن يجرى فيه النهر يحمل المحبة تجرف ركام الكراهية!.
نقلا عن المصرى اليوم