إعداد وتقديم- نسيم مجلى
قدم نسيم مجلي، أستاذ الأدب  والنقد المسرحي، تجربة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من وجهة نظر الكاتب والأديب توفيق الحكيم.

يقول "مجلى" خلال برنامج "أحاديث أدبية" المذاع على شاشة الأقباط متحدون، أن عبدالناصر كان زعيمًا عظيمًا مهما كانت أخطاءه، فأخطاءه أيضًا عظيمة وانجازاته عظيمة، حتى في رأي توفيق الحكيم وآخرين استطاع عبدالناصر أن يطرد الملك وأن يخرج الانجليز من مصر، وان يحطم الإقطاع وأن يأمم الشركات وأن يقوم بعمل مصانع عظيمة.

أخطاء ثورة يوليو
يقول لويس عوض: أن الثورة اشتغلت بتحطيم مقومات ثورة 19 حتى طمست الفرق بين سعد زغلول ومصطفي النحاس ومحمد محمود وإسماعيل صدقي في رأي الجيل الأتي.

وأنها الثورة عجزت عن تحديد ماهيتها الاجتماعية والقومية، وعجزت عن اكتساب مبادئها وتثبيتها، وهذا ادخلها في تصالحات وتناقضات متغيره أضرت بمسارها.

وأن السادات اصدر قانون عام 1975 يحظر نشر أي معلومات تخص أمن الوطن وأسراره، ترتب عليه أننا لم نستطيع أن نحكم على انجازات وأخطاء ثورة يوليو.

وأن توفيق الحكيم كان يعي مشاكل شعبه وكان يريد أن يعالجها بالأسلوب الذي يجيده وهو أسلوب المسرح، "فالحكيم" كاتب مسرح بالدرجة الأولي، في كتاب "عودة الوعي" يقول توفيق الحكيم: عام 1961 كان راقد على الفراش وشاهد على شاشة التلفزيون اجتماع اللجنة التحضيرية للميثاق أن عبدالناصر يناقش المعارضين نقاشًا هادئًا وعقلانيًا ويرد عليهم بسعة صدر، فأخذته العاطفة وأرسل وهو علي فراش المرض برقية يؤيد فيها عبدالناصر ويقول "انه يري صورة جديدة لمصر تتشكل".

ولكن المفاجأة بعد شهور قليلة عقد المؤتمر القومي لمناقشة الميثاق، ففوجئ توفيق الحكيم أن الأصوات سكتت وان المناقشات لم تعد موجودة وان الزعيم –جمال عبدالناصر- يتكلم ساعات وحده دون أن يقاطعه احد، واكتشف أن الذين كانوا يعارضون ويناقشون صمتوا في داخل المؤتمر وصمتوا خارج المؤتمر، فأحس بالفجيعة والحزن وان عبدالناصر قد أصبح حاكما وحيدا مطلقا أو دكتاتورا، ولكنه لم يستطيع أن يعلن عن رأيه رغم قدرته أن يطلب من عبدالناصر مقابلته ويناقشه.

والسبب أن عبدالناصر كتب في كتابه "فلسفة الثورة" أن هذه الثورة نبتت في ذهنه عندما قراء رواية "عودة الروح" التى ألفها الحكيم، وفى الروية يقول الحكيم "أن المصريين يجب أن يكون الجميع واحد"، "وأن المصريين يحتاجون إلى معبود من بينهم يسيرون خلفه حتى يستطيعوا أن يحققوا الاستقلال والحرية"

جمال عبدالناصر كان يري أن الثورة ثورة توفيق الحكيم، ويستغرب أن الحكيم لا يريد أن يقابله، حتى أن عبدالناصر أرسل عن طريق حسنين هيكل يقول انه مستعد أن يستقبل توفيق الحكيم فى بيته ليشرب معه فنجانًا من الشاي ويتحدث إليه وهذه فرصة ومجد عظيم وأن عبدالناصر كان علي استعداد أن يسمع توفيق الحكيم، ولكن الحكيم خاف وابتعد إلي أن أرسل تلك الرسالة ليهنئ فيها جمال عبدالناصر ورد عليه عبدالناصر يشكره وبعد ذلك حدثت مفاجآت أن الحكيم فى بداية الثورة 1956 تعرض لهجوم من الأدباء الشبان وانه أديب البرج العاجي وقالوا أنهم يريدون تعظيم الأصنام ولم يسلم طه حسين من ذلك، وغيرهم.

فغضب عبدالناصر ورد ردا يخرس الجميع  فمنح الحكيم أكبر وسام في الدولة وعندما راجعته التشريفاتية في رئاسة الجمهورية بأن هذا الوسام لا يعطي إلا لرؤساء الدول وأولياء العهد، لم يهتم عبدالناصر برأيهم ومنح الحكيم هذا الوسام الذي لم يمنح لأي إنسان بالدولة، والحكيم لم يري في هذا شيئا جميلاً، بل أن الغريب انه رأي في هذا التصرف انه تصرف انفعالي من عبدالناصر ورد إليه كل شئ وقال في كتاب عودة الوعي "أن تصرفات عبدالناصر كلها تمت بطريق الانفعال، ولم تكن قرارات مدروسة".