الأب رفيق جريش
كُثر من يظنون أن الاهتمام بالفقراء هو فقط التبرع لهم بالمال من خلال عمل شخصى أو إعطائه لجمعيات ومؤسسات تعتنى بالفقراء ونأخذ عليها الأجر السماوى، كما هناك من يظن أن الاهتمام بالفقراء والقضاء على الفقر هو عمل الدولة، كأنها تمتلك عصا سحرية فيزول الفقر عن الوجود، كما نسمع من هنا وهناك «أُمال احنا بندفع ضرايب ليه؟»، كأن دفع الضرائب هو فقط الوسيلة التى تستخدم فيها الدولة المال من أجل الفقراء، بينما القضاء على الفقر والارتقاء بالفقراء هو عمل تضامنى بين كل فئات الشعب ومؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى وغيرها، فهو واجب إنسانى وروحى ووطنى.

إن القضاء على الفقر له شروط وقواعد وأصول، أهم شروط القضاء على الفقر العمل، والعمل الجاد، وهنا لابد من التذكير بكلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى «محاربة الفقر فى مصر بالعمل بإخلاص وبجد وبقدر ما نستطيع وبمنتهى الإتقان وبالإيمان الكامل»، ولا يخفى على أحد أن الهوة بين الأغنياء والفقراء تتسع عالميا، فقد أصدرت هيئة «أوكسفان»، فى تقريرها السنوى، أنه أثناء جائحة كورونا هناك مليارديرات فى العالم ازدادت ثروتهم ثلاثة أضعاف، بينما البسطاء والفقراء تدهورت حالتهم المادية، ووصلت إلى أدنى مستوى، وهذا غير عادل، لذلك لتكون لنا حياة كريمة يجب أن نعمل بكل جدية، والتزام، وهذا هو ما يريد الرئيس بثه فينا.

وبطبيعة الحال فإن العمل على مقاومة الفقر يقوم على أسس منهجية مدروسة. ولا شك فى أن الأساس الأول للقضاء على الفقر هو خلق فرص عمل للمواطنين ليكسبوا رزقهم، ومن ثم ينفقون على أسرهم، فيزول الفقر رويدا رويدا، فما الذى يوفر فرص العمل؟ إنها التنمية، وها هى مسيرة التنمية قد انطلقت فى كل مصر، خاصة فى الصعيد الذى كان مهملا لسنوات طويلة. بل نشهد قفزة نوعية لأنها تهتم «بالإنسان» وتعطيه فرصة للنمو الشخصى والاتكال على سواعده.

إضافة لتضامن المجتمع معه وإعطائه فرصة لحياة كريمة. يجد فيها المواطن مسكنا لائقا ليقطنه، ولقمة نظيفة مشبعة ليأكلها، ومستشفى يعالج فيه، ومدرسة لائقة لتعليم أبناءئه وبناته، ومواصلات ميسرة لتوصله إلى عمله. وإذن فإن العمل الذى قرر الرئيس، ومعه الشعب، إنجازه لمقاومة الفقر، كانت ركيزته هى التنمية مصحوبة بتوفير سُبل العيش الكريم حتى يطمئن المواطن أولا على حاضره، ثم يبدأ الانطلاق نحو مستقبله.

ولتحقيق المعادلة التى تقرر السير فيها، وهى معادلة أن التنمية تساوى توفير سبل الحياة الكريمة وصولا إلى الانطلاق بمصر نحو المستقبل، كان لابد من بذل جهد خارق. وبديهى أن لكل شىء ثمنا، وثمن التقدم هو بعض الأعباء التى على الشعب تحملها. فرفع الدعم عن بعض الاحتياجات ورضى الشعب إيمانا منه بعدالة هذا الإجراء، وكما وضح السيد الرئيس أنه منذ اليوم الأول راهن على هذا الشعب العظيم لتأييد عملية الإصلاح الاقتصادى الشاملة التى تقوم بها الدولة، وقد نجح الشعب فى الاختبار، وها هو الوطن يقفز إلى الأمام بخطوات جبارة. وربما يكون من العدل فى هذا السياق الإقرار بأن بعض الفئات فى هذا الوطن تعانى أكثر من غيرها مشكلة الفقر، وهنا سارعت الدولة إلى مد يد العون لتوفير الحياة الكريمة لهم، ليس على سبيل الإحسان، وإنما لمساعدتهم على المشاركة فى النهوض بالوطن الذى هو وطنهم أولا وأخيرا و«الإنسان» أى مواطن لن يعمل بمفرده بل مع جماعة تسير معه مسيرة التنمية الذاتية والمجتمعية فى روح من الوحدة والمحبة.
نقلا عن المصرى اليوم