مدحت بشاي
‫medhatbeshay290@gmail.com

مع الفنون وإبداعات البشر الجميلة نحيا ونسعد مرة وأخرى وثالثة ورابعة مع تجددها الإطاري والشكلي وتنوعها في المحتوى والتأثير.. حيوات كثيرة .. نعم ، تتجدد الحياة مع كل تجدد لأوراق شجرة الإبداع و أزاهير الفنون ونسائم عبير جمالياتها ...

الفنون ، ليست كما يصورها البعض مجرد قفزات عشوائية في فضاء اللا معنى و في مساحات اللعب التافه ، يرونها أحيانًا أنها قد تمثل حالة هروب من واقع رتيب في الوقت الذي كان على المبدع أن يخرج بإبداعاته في مواجهات شجاعة مع شياطين عتمة الكراهية الساكنة كهوف العنكبوت الخانقة والمانعة لانطلاقها لفضاءات النور والبهجة والامتاع والمؤانسة..     

و يا من تُحرمون علينا الاستمتاع بنعيم ومكارم الانصات لصوت العقل وإعمال الفكر الناقد وضرورة التأمل العلمي الموضوعي لموجودات دنيانا ، ألا تعلمون أن ترصدكم الجاهل لما حولكم  و حملاتكم المُضلة الغاشمة وبلاغاتكم الجاهلة التي تتدفق لإيقاف نمو وإزدهار شجرة التنوير التي حدثنا عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يفتتح " مسجد الفتاح العليم " و " كنيسة ميلاد المسيح " في يوم احتفالية سلام بديعة و إعلانه حتمية مواجهة جرذان الكراهية المقيتة.. ألا يعلم الجبناء أن ما يفعلون جريمة بشعة لن يغفرها لأمثالهم التاريخ  ، ولن يسامحهم عنها مواطنينا أولاد حضارة علمت الدنيا كل صنوف الإبداع الرفيع ؟!!

لن نسامح أنفسنا ، وسيحاسبنا الأولاد والأحفاد لو تهاوننا في الوصول إلى اتفاق على معيار عقلاني نستند إليه في خياراتنا عبر مؤشرات بوصلة لمشاريعنا الفكرية والثقافية ، و أن نعيد ونثمن الصالح من القيم الأخلاقية لإقامة مصالحة مشروعة بين أهل الدعوة الحسنة للأديان و إخوانهم في الإنسانية فرسان أهل الإصلاح لنفض الكسل العقلي والتعلق بشراع التنوير على سطح سفينة الوطن ..

لا شك ، أن الفنون بكل وسائطها وألوان إبداعاتها في حال إطلاقها ودعم حريات ممارستها بمسئولية ، ودون توجيه مجحف أو توجيه اتهامات مكارثية متوهة وظالمة ، ستساهم في التفكير في إعداد عقد اجتماعي جديد بين كل أطراف ومحاور الشراكة الوطنية لصناعة الجمال وإعلاء قيم الحق و الخير و العدالة ..

الآن لدينا فرصة هائلة لاستدعاء قوانا الناعمة من جديد و بحماس لدفع كل آليات التنوير بالعمل الجاد والموضوعي عبر مؤسسات التعليم والثقافة والرياضة والأوقاف والجامعات ومنظمات العمل المدني بعد رحلة قاسية عشناها ولازلنا نعيشها في منطقتنا الموعودة بأجواء ظلامية غادرة و العيش في حروب و مواجهات صعبة مع قوافل الجهل والتخلف الإنساني المتمثلة في عصابات " داعش " ومن على شاكلتها التي طلت علينا بكتائب سوداوية تنشر العتمة برائحة الدم ولونه لتستحيل الرؤية وتنعدم الحركة و يموت الأمل و ينتشر الإحباط لدى الناس ( أقصد الضحايا ) .. أكرر لدينا الفرصة الآن ــ ونحن على عتبات الجمهورية الجديدة ــ فقد أدرك شعبنا  هوية الخصم الخطير و فطن لكل حيله ، ويبقى فقط ضرورة إزاحة كسل العقل عنا ...

وقد ذكرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن الهوية الثقافية هي " النواة الحية للشخصية الفردية والجماعية ، والعامل الذي يحدد السلوك ونوع القرارات والأفعال الأصيلة للفرد والجماعة ، والعنصر المحرك الذي يسمح للأمة بمتابعة التطور والإبداع .." ..
نقلا عن الوفد