زهير دعيم
اعتاد الحَمَل  " نور" ، ومنذ أن اخضرّت الأعشاب وأزهرت الرّياحين ، أن يقوم بجولة قصيرة تحت نظر ومرأى من أمّه الغنمة  " محبّة " .

وعندما عاد رأت أمّه الدّموع في عينيه ، فعانقته ومسحت دموعه قائلة :  ماذا بكَ يا صغيري ؟ لماذا الدّموع في عينيكَ الجميلتين ؟.

تنهّد الحَمَل نور وأجاب  : انّه الجدي  " أسمر " يا أمّاه ...جارنا ، فقد اعترض طريقي في هذا المساء ايضًا وأخذ يسبّني ويشتمُكِ ويهزأ بي دون سبب.

ضحكت الغنمة محبّة وقالت : لا بأس يا صغيري ، انّه صغير لا يفهم ، دعنا نُصلّي من أجله حتى يرحمه الله ويُهذّب أخلاقه.

ركعت محبّة ، وركع إلى جانبها الحَمَل الصغير ، ورفعا صلاة حارّة إلى الله لكي يرحم أسمر ويُحسِّن أخلاقه.

نام الحمل وامّه في تلك الليلة نومًا هانئًا.

وفي صباح اليوم التالي ، وبعد أن طبعت الغنمة قُبلةً على جبين صغيرها النائم ، تركت المغارة متوجهةً نحو الحقول الخضراء .

وإذا بها تصادف الجدي أسمر يقفز ويركض خلف الفراشات المُلوّنة ، فلمّا رآها خجل وأخذ يركض هاربًا ، فنادته الغنمة محبّة بثغاءٍ جميل وقالت :
اسمر ، ولدي أسمر ...مالَكَ تهرب  !! أنا أحبّك ، وكذلك صغيري نور ، انّه ينتظركَ في المغارة القريبة من الجدول ، اذهب إليه بعد أن تستأذن امّك لتلعب معه ، وسأحضر لكما عند الظهر وجبة جميلة من الأعشاب الطريّة .

وقف أسمر وقال وهو يتلعثم : أنا آسف يا امّاه عمّا بدر مني بالأمس وقبله ، فقد أخطأت بحقك وحقّ أخي نور ..سامحيني ، سأذهب إليه بعد أن استأذن أمّي .
ضحكت الغنمة محبّة وقبّلت الجدي بين عينيه.

وفي ساعات الظهيرة ، عادت الغنمة محبّة ، لتجد حَمَلها والجدي أسمر يركضان خلف الفراشات المُلوّنة.