خلال السنوات القليلة الماضية، كان ثمة اعتقاد يقول إن "الديناصورات كانت تجوب الصحراء الشرقية في مصر قبل أكثر من 70 مليون عاما"، إلا أن هذه الفرضية لم يكن يدعمها أي اكتشاف مادي، حتى أعلن 3 علماء مصريين تسجيل أول دليل مادي لآثار أقدام ديناصورات بالصحراء الشرقية.

 
ويرجع التاريخ الجيولوجي لهذه الديناصورات، من آكلات اللحوم والأعشاب، بجنوب الصحراء الشرقية، إلى أكثر من 70 مليون عام.
 
وقبل أيام، أعلن رئيس جامعة الوادي الجديد، عبد العزيز طنطاوي، نجاح فريق بحثي مشترك بين جامعتي القاهرة والوادي الجديد، بتحقيق هذا الاكتشاف المهم، الذي تم توثيقه بنشر ورقة بحثية في دورية "جيولوجيكال جورنال" نهاية ديسمبر الماضي.
 
وضم الفريق البحثي 3 من العلماء المصريين؛ اثنان من قسم الجيولوجيا بكلية العلوم في جامعة القاهرة، هما الأستاذ المساعد بالقسم، وليد كساب، والأستاذ المساعد مدير معمل الحفريات الفقارية بجامعة القاهرة، محمد قرني، وشاركهما الأستاذ المساعد للحفريات الفقارية، بكلية العلوم جامعة الوادي الجديد، ومدير مركز الحفريات الفقارية بالجامعة، جبيلي أبو الخير.
 
شكوك تقود للاكتشاف
في مطلع عام 2018 شرع علماء الحفريات في البحث بالمنطقة الواقعة على الطريق بين (قفط – القصير) جنوبي الصحراء الشرقية، بعد شكوك تحدث عنها أساتذة قدامى بقسم الجيولوجيا كلية العلوم جامعة القاهرة، حول احتمالية وجود آثار للديناصورات بهذه المنطقة.
 
ويقول قرني: "قبل أكثر من 20 عاما شك أساتذة الجيولوجيا بجامعة القاهرة في وجود آثار للديناصورات في هذه المنطقة، لكن لم يتم تشكيل بحثي حينها للتحقق من الأمر، كون هذا التخصص في البحث العلمي لم يكن مطروقا في ذلك الوقت".
 
ويضيف في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه الشكوك قادتهم لرحلة البحث التي تكللت بهذا الاكتشاف المهم، واستطاعوا أن يقدموا أول تسجيل لوجود الديناصورات في الصحراء الشرقية، التي تحتوي على جبال وصخور ضخمة ومرتفعة في جزئها الجنوبي، لافتا إلى وجود كائنات أخرى مسجلة بهذه المنطقة في خمسينيات القرن الماضي، مثل السحالي الكبيرة.
 
معلومات قيّمة
وبحسب الدراسة، عثر الباحثون على 16 أثرا لأقدام ديناصورات على طبقات من الحجر الرملي النوبي، إلا أنه لم يتسن للعلماء بعد التوصل إلى أي من هياكل الديناصورات.
 
لكن مدير معمل الحفريات الفقارية بجامعة القاهرة، يؤكد أن هذه الأثار يمكنها تقديم عدد من المعلومات القيّمة، مثل الأطوال والأحجام، ونوع الديناصورات، فآكلات اللحوم تقف على قدمين، أما الديناصورات من آكلات الأعشاب تقف على 4 أقدام.
 
ويوضح: "هناك معادلات رياضية مكنتنا من تحديد هذه البيانات، إذ قمنا بالتعرف إلى اثنين من الديناصورات من آكلات اللحوم، قُدرت أوزانهم بـ 500 كلغ و900 كلغ، كما تم تحديد ديناصورات من آكلات الأعشاب، لم يتم التعرف بشكل دقيق إلى أوزانها أو أطوالها، بسبب صعوبة هذه العملية".
 
ويقول مدير معمل الحفريات الفقارية بجامعة القاهرة، إن عمر هذه الديناصورات يُقدر بأكثر من 70 مليون سنة، إذ كانت تعيش فيما يعرف بالعصر الكريتاسي العلوي، الذي بدأ كان قبل نحو 100 مليون و66 مليون سنة.
 
ويستطرد: "يكتنف الغموض الحياة القديمة في العصر الكريتاسي، فهي فترة زمنية غير معروفة بشكل كبير، ويعد هذا الكشف العلمي إضافة جديدة تسهم في فك طلاسم تلك الحقبة التاريخية بقارة إفريقيا".
 
أهمية الاكتشاف
من جانبه يؤكد أبو الخير، أهمية الشراكة بين جامعته (الوادي الجديد) والجامعات الأم مثل جامعة القاهرة، مشيرا إلى أن هذه الشراكة أثمرت مؤخرا عن نشر عدد من الأبحاث العلمية في الصحراء الغربية.
 
ويتابع في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "هناك أماكن في الصحراء الشرقية والصحراء الغربية تحتوي على نفس العصر، ومنذ عام 2000 ميلادي ظهرت عدد من الأبحاث التي كشفت وجود ديناصورات في الصحراء الغربية، كما أشار الدكتور أحمد نيازي بجامعة القاهرة، إلى احتمال وجود آثار للديناصورات في منطق بطريق (فقط - القصير)، وهو ما كان بمثابة دافع لنا للبحث في الصحراء الشرقية".
 
وعن أهمية الاكتشاف، يقول إن وجود آثار لديناصورات في هذه المنطقة يعزز من مكانتها العلمية والسياحية؛ فإلى جانب البحوث العلمية التي ستستمر هناك، يُفترض أن يصبح الموقع مزاراً سياحياً، لقيمته العلمية الكبيرة، المرتبطة بالكشف الأخير، أو بسبب وجود الصخور البركانية وصخور القاعدة.
 
كما أن هذا الطريق يتميز بكونه موقع سياحي مهم؛ إذ كان طريقا للحجاج قديما، فضلا عن وجود عدد من الآثار من حقب مصرية قديمة، مثل "منجم الفواخير"، الذي يعد أقدم منجم في العالم ويعود لعصر المصريين القدماء.
 
وعن الجهود العلمية المستقبلية، يقول مدير مركز الحفريات الفقارية بجامعة الوادي الجديد: "نحن بحاجة لجهود بحثية ضخمة خلال الفترة المقبلة للعثور على هياكل أو أجزاء منها للديناصورات بالصحراء الشرقية".