(بقلم : أشرف ونيس )
توارت الحروف بكل نقاطها ، كما اختفت  الكلمات بكل معانيها و ثقلها ، حين تطرقنا الى تلك الفعلة التى أقل ما توصف بأنها الخيانة القاتلة ، لكنها الخفية الظاهرة و القتل دون نحر الرقاب أو حتى خرق الابدان .

لم يكن على عهده حين التفت أصابعنا حول جسده النحيل كما عاهدناه ، كما لم يبدو مثلما ظهر لنا و أظهر بعضًا من رشاقته النشطة وقت أن اصطفته رغبتنا من بين ما شابهه و ما هم على شاكلته ، لكنها انسانيته التى طغت عليه مع انه ليس بإنسان ، فطرته التى تحكمت به مع انه ليس بمخلوق ، ما دأب و اعتاد عليه وقت أن أنس الوجود في حيز من خلاء يقع ما بين بعدين هما يد بشرية و سطح من ورق قد اكتظ بعدد ليس بقليل من السطور  .

انتابته - القلم - الحيرة و أخذت منه مكانًا ليس بقليل وقت أن شرعت نفوسنا أن تكتب عنها ، و عن دون توقع ؛ تفقأ ال ( ن ) من رحم العدم ، أنسه ال ( م ) حين لاصقه دون انفصال ، جاء كل من ال ( ي ، م ، ة ) وقت أن استوحشتهم وحدتهم فشرعوا و جمعوا قلوبهم بتلك الأحرف فكونوا كلمة ( نميمة ) ، ثم تزينت الكلمة ب ( ال ) و كانت فى النهاية هى  النميمة التى ما أكثر ما بنت و شيدت لنفسها مقامًا فى القلوب و التى بها ما أكثر ما حطمت و هدمت و قوضت ايضا أرواحًا و نفوسًا .

ما أشنعها النميمة و ما أغلظها حين استوطنت باطن عاشقيها ثم ترعرعت و نمت و صارت هى الكل وقت فراغ البشر و خواء قلوبهم ، آخذة من الألسنة مرتعًا و منبرًا لكى تستعرض قواها الهادمة و الناسفة لأبنية العلاقات و أعمدة توحد الجماعات و ترابطها . انها ثمرة بل ثمار لبذرة الكراهية و الضغينة التى بذرت و غرست فى قلوب جامدة عن العواطف ، لكنها أظهرت ما بها من ضعف و هزال أمام الإثم المرتكز على بعض من الأخطاء الفجة الفظة العسيرة .

أى فراغ هذا ؟! و أى خواء ذاك ؟! انه المساحة التى تركت عصماء لكل عفن الأحاديث المملوءة  بفيروس الكلمات المهلكة ، لكل ضحالة الارادة و المشيئة الآدمية متى شاءت و ابتغت ما يصب بقاع العلاقات و وحل الصداقات التى أرست على كل ماهو لين و هين و رخو . انها البغضة المغلفة بالتملق ،  التملق السابح فى محيط من الحقد الممزوج بشتى أنواع الحقد فى أوج حلوكته و ليله الدامس ، انها القتل الذى سبقه العمد ، و الاغتيال الذى سبقه الاصرار لعظيم القيم و اصابتها فى مقتل ، انه الاغتياب الذى سيظل دائما ابدا سم الخداع لقلوب الشخوص ، مر المداهنة لأمانة البسطاء ، أرض النفاق لأقدام و  أبدان المسالمين فى زمانهم ، غدر الساعات و الايام لمن قدم و أهدى و حفظ و وثق فى بشر تخلوا عن الكل فى سبيل إرضاء مكائدهم لمن صالحهم و سالمهم و ماشاهم و سايرهم . انها قبر لحاجات الانسان و احتياجه لأخيه الانسان للاستناد و القاء حمول كاهله و ما يلج بداخله و يختلج بأحشائه ، لكن ما عاد الإنسان بانسانيتنه و فطرته التى جبل عليها حين هدمت قلاع العلاقات بقذائف الصدمات و التعثر فى بنى جنسه من البشر . نعم ؛ النميمة التى ما أكثر ما انحنت كلمات الوصف و التشبيه أمام جبروت رداءة و سفاهة و بذاءة تفاصيلها و دقائقها المحرقة ...... النميمة !!