كتب - محرر الأقباط متحدون
"اصغوا إلى مريم ، ولا تخافوا بأن تسمحوا بأن يفاجئكم هذا الصوت الذي يدعوكم لكي تملأوا الاجران مجدّدًا، وتبذلوا ذواتكم في الخدمة الملموسة والبسيطة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في المجمع العام لرهبانية الطوباوية مريم العذراء أم الرحمة

حيث استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصرالرسولي بالفاتيكان المشاركين في المجمع العام لرهبانية الطوباوية مريم العذراء أم الرحمة (Mercedari). وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال إنَّ موضوع مجمعكم العام، والذي يتماشى تمامًا مع الأصل المريمي لدعوتكم، هو الآية من إنجيل القديس يوحنا : " مهما قال لكم فافعلوه!". إنه اختيار مهم لأنه يتضمن النظر في المشروع الذي أنتم على وشك تنفيذه من وجهة نظر الخدمة. لأنَّنا نحن المكرّسين لا يمكننا أن ننسى أبدًا، أنه لا يوجد اتِّباع بدون خدمة ولا خدمة بدون صليب.

تابع البابا فرنسيس يقول بهذه الطريقة ، فإن الطلب الأول الذي تطلبه العذراء منكم اليوم، كمشاركين في المجمع العام ، هو أن تضعوا أنفسكم في الإصغاء. يمكننا أن نقارن الوضع الحالي بالوضع الوارد في إنجيل عرس قانا: "ليس عندهم خمر". إنَّ العديد من الوقائع التي نراها اليوم في العالم، في الكنيسة، وفي الرهبانية تخبرنا عن هذا النقص وغياب الرجاء والحوافز والحلول. وأمام هذه الأمور، تُسائلنا العذراء قائلة: "ضعوا أنفسكم في الإصغاء!"، ولكن ما الذي يجب أن نصغي إليه؟ الأصوات التي تخبرنا عن جميع الأمور السلبيّة؟ أو تلك التي تبيعنا حلولا سهلة، برامج معقدة مليئة بالمعرفة، أو ربما تلك التي تقدم لنا مساومات؟

أضاف الحبر الأعظم يقول أعتقد أن مريم تقول لكم اليوم شيئًا آخر، فهي تطلب منكم أن يكون يسوع هو الذي يسائل قلوبكم بطريقة جديدة، مميّزة وغير متوقعة. ربما اجتمع خدام قانا أيضًا في مجمع عام وفكروا في ما يمكنهم فعله. وربما كانت هناك أصوات أثارت المشاكل، وأخرى قدمت حلولًا مجدية، وإن كانت محفوفة بالمخاطر، وربما أوصت أصوات أخرى بصرف الضيوف بطريقة صادقة، معترفين بعدم قدرتهم على التعامل مع الموقف. من المحتمل أن تكونوا قد سلكتم هذا الطريق، في جميع مراحل المسيرة الذي حملتكم إلى هنا. لكن يسوع لا يجيب على هذه الأسئلة، بل يقترح شيئًا لم يكن أي خادم قد فكر فيه، أن يملأوا أجران التطهير بالماء. وقبل أن ندخل في معنى هذا التصرُّف، ما يبدو لي مثيرًا للاهتمام وألفُتُ نظركم إليه هو أن يسوع لم يقُل لهم ما كانوا يتوقعونه، وإنما بالتحديد شيء لم يتخيلوا سماعه أبدًا. نحن لا نذهب إلى المجمع العام لكي  نقوم بعَمل بصورة مُرضِية، وإنما نحن نذهب لكي نُصغي ببساطة وامتنان وتجرُّد. وفي المقام الأول، لكي نُصغي إلى الله بغض النظر عن مدى قدرته على التحدث إلينا من خلال الإخوة أو من خلال الظروف.

تابع البابا يقول من ناحية أخرى، تدعونا أجران التطهير، التي خدمت بالتأكيد في بداية المأدبة، لكي نعود إلى حبنا الأول، إلى المصدر، لكي نستعيد الموقف البريء والمُفعم بالرجاء للسنوات الأولى لحياتنا المكرسة. كما تطلب منا أيضًا أن تكون لدينا العيون النقيّة لمن يرى الحاجة، وليس الثمرة التي يأمل في الحصول عليها مقابل الجهد المبذول. على الجرار التي أُفرِغَت أن تمتلئ مرة أخرى بالحماس عينه الذي مُلئت به قبل بداية المأدبة. وإذا نظرتم جيّدًا، إنه عمل ينبغي القيام بها، ولكننا لا نقوم به لأننا نعتقد أنه لم يعد منطقيًّا. فيما يطلب الرب منا ما يلي: "ابدؤوا يوميًّا من جديد في كل مشروع، لا تتعبوا، ولا تثبط عزيمتكم". إنه أمر يكرّره يسوع في إنجيله، عندما طلب من بطرس أن يلقي الشباك مرة أخرى، وأجابه بطرس: "يا معلم، تعبنا طوال الليل ولم نَصِب شيئا". قد يبدو الواقع الذي أشرنا إليه سابقًا وكأنه ليلةً طويلة، وعملنا كتعبٍ بدون معنى، إذا لم ننظُر إليه كجواب سخيٍّ على دعوة يسوع، من خلال انضمامنا إلى الكنيسة في عمل البشارة، ورؤيتنا كيف أنّ الشبكة لم تتمزّق على الرغم من كل شيء.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لنفتح قلوبنا لكي نقبل المفاجأة التي يحملها لنا يسوع. يؤكد يوحنا في إنجيله أن وكيل المائدة لم يكن يعرف هذه الحقيقة، واندهش أنه في تلك المرحلة من المأدبة ظهرت الخمرة الجيدة، في حين أن الخدم الذين غرفوا الماء كانوا يدرون. لذلك اصغوا إلى مريم، ولا تخافوا بأن تسمحوا بأن يفاجئكم هذا الصوت الذي يدعوكم لكي تملأوا الاجران مجدّدًا، وتبذلوا ذواتكم في الخدمة الملموسة والبسيطة، الغير المجدية في مخطط وكيل المائدة، وإنما الأساسيّة لكي تتعرّفوا على عمل ليس عملنا، بل عمل الله. عارفين في هذا كلّه كيف تقفون مثلها، بقرب المسيح عند أقدام الصليب، في الجسد المتألم للفقراء والمساجين الذي جعله جسده.