خالد منتصر

اخترقت أذني جملة “اتعصب لدينك” صادرة من شاشة التليفزيون وأنا مشغول بقراءة أحد الكتب، ظننتها جملة في مسلسل على لسان مجاهد داعشي يحاول تجنيد صديقه للانضمام للتنظيم، لكنني صدمت عندما وجدتها تقال في استوديو تحليلي لمباراة كرة قدم بين ريال مدريد وليفربول!! ما علاقة هذا بذاك؟! ايه اللي جاب “عنب الشام” لـــ “بلح اليمن”؟!

حدقت ملياً في الشاشة وجدت الكابتن أبو تريكه وقد انتفخت أوداجه، تخيلت للحظة أنه يقود المسلمين في معركة حطين!!! برغم أن الظاهرة التي يحللها هي ظاهرة تدل على نجاح العلمانية في صهر الكل في واحد تحت راية فريق، اللاعب المسلم تحتضنه البلد العلمانية في فريق يضم كل الجنسيات والأديان دون تفرقة، النجمان المتنافسان والأيقونتان كانا من المسلمين وكان الجمهور ذو الأغلبية المسيحية لا يقول لن نشجع بنزيمه ولا مو صلاح لأن كليهما لم يقرأ الانجيل!!
 
الكل يشاهد ويستمتع بالكرة تحت سقف واحد اسمه الانسانية، تأتي انت الآن وبدون سبب وبلا مبرر لكي تتحدث عن التعصب الديني الذي لولا القضاء عليه ما كانت تلك المباراة ولا كانت أوروبا بهذا الشكل وبهذا التقدم؟ لولا فولتير وروسو ومونتسكيو الذين خرجوا من تلك البلد التي احتضنت هذا النهائي، ولولا حربهم ضد التعصب الديني، لكانت أوروبا مازالت تعيش حروباً أهلية بين الكاثوليك والبروتستانت تحت راية التعصب الديني، ويا سيد أبو تريكه ألم تسأل نفسك أين ذهب اللاجئون الذين هربوا من جحيم من يظنون أنهم وكلاء الله زي حضرتك؟؟ ذهبوا الى تلك البلاد الأوروبية اللي مش عاجبه فضيلتك!! كفاك يا أبا تريكه مغازلة لمشاعر التعصب والكراهية باسم التحليل الرياضي، حتى محمد صلاح الشيء الوحيد المبهج في حياتنا حضرتك بتنظر عليه و”بتنفسن” !!
جملة “اتعصب لدينك” هي بداية الكارثة، هي فتيل القنبلة، هي أس البلاوي ، وسبب المصايب، واللقاح الذي تأخذه أمتنا يومياً ضد الحداثة والحضارة.