حمدى رزق

عبدالرحمن أحمد بهائى محمد مسعود الكواكبى، مولود فى عام ١٨٥٥، بحلب (سوريا)، المتوفى فى ١٤ يونيو ١٩٠٢ فى القاهرة، أحد رواد النهضة العربية ومفكريها فى القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسى الفكر القومى العربى، اشتهر بكتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، الذى يعد من أهم الكتب العربية فى القرن التاسع عشر التى تناقش ظاهرة الاستبداد السياسى.

 
بعد ١٢٠ عامًا على وفاته لم يتبق من ذكراه مصريًا سوى ميدان يتوسطه مسجد يحمل اسمه بمنطقة العجوزة، أما فكره وكتبه ودروسه ونصوصه فتم حذفها فى ظرف جد غريب، خرج الكواكبى من كتب التعليم، ولم يعد حتى الآن.
 
فى ذكراه تلقيت رسالة حزينة من حفيدته «ضحى»، أنشرها نصًا لعل وعسى.
 
«تصادف الذكرى الـ١٢٠ لوفاة الكواكبى يوم ١٤ يونيو. وأنا أحضر كلمات لعلها تجد أذنًا صاغية لإعادة تدريس أفكاره فى المدارس المصرية كما كانت قبل سنة ٢٠١٢.
 
بمناسبة مرور ١٢٠ سنة على وفاة المفكر المصلح السيد عبدالرحمن الكواكبى فى يوم ١٤ يونيو ١٩٠٢ عن عمر يناهز الـ٤٧ عامًا، فكر العثمانيون أنهم إذا قتلوه فإنهم قتلوا أفكاره. ولكن ظلت أفكاره تُدرس فى المدارس المصرية فى المرحلة الثانوية طوال هذه السنين، وكبرنا وترعرعنا على أفكار من قاوم الاستبداد الدينى والمالى واستبداد الأخلاق والتربية، وأهمها استبداد الجهل على العلم.
 
إلى أن تغيرت أمور الشرق الأوسط بالثورات التى اشتعلت سنة ٢٠١١، فقرر أحدهم حذف أفكار ونصائح الكواكبى وكلامه من (المنهج التعليمى المصرى) ليعوضه بعنترة بن شداد بحجة التخفيف من ضغط الدراسة على أفكار شبابنا».
 
عندما اعترضت «ضحى» حفيدة الكواكبى قائلةً: هل يجوز أن أجلس مع شاب عمره ١٥ سنة لا يعرف من هو عبدالرحمن الكواكبى.. وبماذا نادى؟
 
وإن كان بعضهم يعرف أن هناك جامعًا بالعجوزة باسمه فقط لا غير، الطلاب لا يعرفون أفكار من أفنى حياته لينير لهم طريقهم وليعلمهم كيفية الارتقاء بالأمة؟ لا يعرفون الأيقونة التى أنارت لنا طريق الحرية والترقى بالدين والمجتمع؟
 
عندما شكوت للدكتور مصطفى الفقى قام بدوره بكتابة رسالة لوزير التربية والتعليم «الهلالى الشربينى» سنة ٢٠١٧، وقد نشر محتواها وجوابها فى «المصرى اليوم» وكان الرد محزنًا، وهو ما يلى: «وقد تم هذا الحذف فى إطار منهجية موضوعية، وعلى سبيل المثال تكرر الحديث عن القيم التى يركز عليها درس الاستبداد والعلم للكواكبى مثل قيمة العدالة وقيمة العلم فى كثير من الدروس وفى كثير من الصفوف، لذا وتجنبًا للتكرار تم حذف الدرس المذكور».
 
تخيل تم الحذف تجنبًا للتكرار، حذف الكواكبى للتكرار، تكرار الحديث عن القيم التى يركز عليها درس الاستبداد والعلم للكواكبى!
 
الآن آن الأوان مع التطور الذى يقوم به سيادة الرئيس السيسى أن نبدأ بتطوير الإنسان أيضًا وتطوير الخطاب الدينى الذى ينادى به، وشغفى بالمشاركة فى تطوير هذا البلد العظيم، أناشد القائمين على المناهج التعليمية إعادة تدريس وباختصار أفكار الكواكبى، وذلك فى المرحلة الثانوية للتطلع إلى جيل أفضل يعرف سبل وكيفية الارتقاء بالأمة.
نقلا عن المصرى اليوم