كتب - محرر الاقباط متحدون 
وإذا المغدورة سئلت - بأى ذنب قتلت - وسيرتها انتهكت وبعد قتلها حرمتها نهشت - وعلى ملابسها رغم قتلها نبذت - وأحل بعضهم ما جرى لها لأنها تبرجت - ولأنها لم توافق على زواجها منه ورفضت - وهو المتصور انها لما ليمينه ملكت - فلن تجيب سوى بأنها ضحية مجتمع فى جسد المرأة عقده قد إنحصرت - وتعليقات أبناءه على قتل نيرة للعفن قد كشفت - وكأنها فيض من مجارى طفحت - بين قائل إنه مظلوم وهى من له رفضت - وبين قائلة إن ملابسها للحمها قد كشفت - وقائل كيف لها ان ترفضه بعد ان لقلبه سلبت - وقائل لا تنشروا صورها بشعرها بعد أن ذبحت - حتى لا تزداد ذنوبها بعدما دفنت !!.
 
أحد المعلقين تحت صورة الطالبة نيرة التى قتلها من رفضت الزواج به يقول عن القاتل ( غبي مكنش قتلها كان اغتصبها ) لأنه حسب كومنت المعلق لو إغتصبها كانت هى وأسرتها جبرا سيوافقون على زواجها منه لسترها كما يقر العرف والمجتمع أو حتى يبقى ( اخد غرضه منها وخلصنا ) ! ، أما رقية حسن إنتهزتها فرصة لتقول للبنات كما بالكومنت بالأسفل ، أنه بعد تلك الحادثة وجب على كل بنت قبل أن تنزل من بيتها التأكد من أن ملابسها حشمة ، إذ ربما تقتل فتلقى الله وهى عفيفة ، أما عادل أيمن كتب ( لو كانت وافقت عليه مكنش حصلها ده لكن كده هو قلبه اطمن انه محدش هيلمسها غيره !!.
 
 
فما بال هذا الشعب الذى رأى قاتل الإسماعيلية بعد أن قطع رأس ضحيته طاف بها ولم يتدخل ، وحين رأى سائق توكتوك المنيا قاتل الطفل كاراس وأمه ، صور الواقعة ولم يتدخل ، ورأى طالب المنصورة صباح اليوم يقتل زميلته التى رفضت زواجه منها يذبحها وصور المحيطون الواقعة فقط !! ، ولكنه إن رأى سيدة وزوجها يسيران يضحكان ويمسكان يد بعضهما يتنمرون عليهم ويطلقون على الزوج ديوث .
 
 وإن رأوا شاب يسير مع خطيبته يضحكان قد يتدخلان ويعنفوهم كما حدث مع فتاة إمبابة وخطيبها حين كانا يجلسان فى بلكونة شقة أهل العروسة ويضحكان فصعد الجيران والباعة فى الشارع يشتمون الأب ويهينوه أنه ترك الخطيب مع خطيبته بالبلكونة .
 
ولذلك إن كان هناك البعض يري تطرفا بالحركة النسوية بمصر  أو مبالغات فى ما تكتبه بعض النسويات بالفعل ،، فذلك ردة فعل بسيطة جدا على تطرف مجتمع يمارس ذكوريته بأشكال مختلفة ضد المرأة ،، من ذكورية دينية وذكورية قبلية ،، ومن عادات وتقاليد مجتمعية وصحراوية ، هبت رياحها منذ أواخر الستينات فألبست المرأة كفنا على وجهها ورأسها وعقلها فربت اجيالا من المرأة مستعبدة مقهورة .
 
إن الجريمة ضد المرأة تحدث فى كل مكان ،، لكن لدينا هنا فقط يتم تبرير الجريمة ، والدفاع عن الجانى ، واستغلال كل ثغرة قانونية للتنكيل بالضحية ، ولا ادل على ذلك من ان ثبوت الزنا على الزوجة يقضى بسجنها ، وعلى الزوج الزانى لا حرج ،، فتقرأ مثلا بأى جريدة عند القبض على شبكة دعارة ( القبض على رجلين مع عاهرتين !!) ، بدلا من ان يكون الخبر ( القبض على شبكة دعارة ) ، ولن تجد مجتمعا ربط شرفه كله بالمراة ،، فيتسامح مع قاتل وزانى وسارق ومرتشى وطائفى ، لكن لا يتسامح مع إمرأة لأقل سبب.
 
 وهو ما عبرت نوال السعداوى عنه فقالت 
( قد يصبح الرجل المتمرد أو الثائر بطلا شعبيا يحترمه الناس لكن المرأة الثائرة المتمردة تبدو للناس شاذة غير طبيعية أو ناقصة الأنوثة أو حتى عاهرة وتدفع النسوة من دمهن ثمن العار لأن الرجل و إن اغتصب المرأة لا يصيبه العار فالشرف للرجل وإن خان ودم الرجل إن سأل فله ثأر وله فدية لكن دم المرأة لا فدية له ولا ثأر ).
 
يجب ان ندرك جميعا لنخرج من بؤس وضع حال المجتمع انه ليس مطلوبا من الدولة ولا دستورها ولا قوانينها الدفاع عن الأديان أوالمعتقدات ،، ولكن الدفاع عن المجتمع والدفاع عن الإنسان قبل الإسلام وقبل المسيحية وقبل القومية وقبل كل شعار ومذهب وقبل كل شيخ وكاهن وقبل الأزهر والكنيسة فالإنسان هو أساس بناء الدولة لذلك يجب أن تسعى الدولة ودستورها لحمايته 
 
وفى مقال مهم بمجلة ( الجديدة ) لعملاق أدب الواقع الرائع نجيب محفوظ كتب مقالا عبقريا يجسد فيه واقعنا المجتمعى وعلاقتنا بالقانون فقال
( لن ينجو أحد في بلد لايتحمل فيها الفرد مسؤولياته ولايدفع فيها المسؤول ثمن استهتاره وفساده وخيانة منصبه فاتساع دائرة الفساد يطمس الهوية الوطنية كما يضيع هيبة القانون فيعتاد الناس حياة اللاقانون فيظن الناس أن العشوائية حق مكتسب وبمرور الوقت تصبح مجرد المطالبة بتحقيق القانون أزمة لذلك يجب أن نهيئ حكومة وشعب مناخ صالح للحياة الصالحة وأقول ذلك وأنا أعلم بأن بلاد الديمقراطية لا تخلو من فساد أو تطرف ولكن لديهم القانون الذى فى غيابه تختفى كل الاشياء الثمينة كالهوية والأمن العلم والحياء فالقانون المطبق بقوة الدولة على الجميع هو الضمانة الوحيدة لمجتمع أفضل وأقل جريمة وإنحطاطا سلوكيا وفكريا )