في مثل هذا اليوم 20 مايو 1983م..

امتدت المسيرة الفنية للفنانة ميمي شكيب من ١٩٣٤ إلى ١٩٨٣، قدمت خلالها أدوار الراقصة في الريف، والسيدة الارستقراطية المستبدة، وبنت البلد. لم تكتف ميمي شكيب بالنجاح الذي حققته على المسرح، وأرادت أن تحقق نجاحًا مماثلًا من خلال السينما، وكان أول أفلامها ابن الشعب عام 1934، وقامت فيه بدور ابنة أحد الباشاوات تحب شابًا فقيرًا «جسد دوره سراج منير»، ولكنهما يفشلان في الزواج بسبب رفض والدها لتلك الزيجة، نظرًا لفارق المستوى الاجتماعي، فيكافح الشاب الفقير ويجتهد، حتى يصبح محاميًا معروفًا ويتزوج حبيبته، وقد تحولت قصة الحب في الفيلم إلى قصة حب حقيقية بين ميمي شكيب وسراج منير، ومع نهاية الفيلم كان «منير» يطلب الزواج منها، الأمر الذي أسعدها بشكل كبير، وشعرت بأنها وجدت أخيرًا الحب الحقيقي في حياتها. لكن سعادتها لم تكتمل، بسبب رفض أسرتها لتلك الزيجة، لأنها كانت تريد منها العودة لزوجها ووالد طفلها، فلم يكن أمامهما سوى الافتراق، حتى جمع القدر بينهما مرة أخرى بعد ثلاث سنوات، من خلال اشتراكهما سويًا في فيلم الحل الأخير. ولم يكن سراج منير قد نسى حبه لميمي شكيب، فكرر طلبه مرة أخرى، فوافقت أسرتها هذه المرة، ولكن المفارقة أن أسرته هي من عارضت زواجه بشدة، لأنها كانت ترفض زواجه بفنانة، وهنا لجأ سراج منير لصديقه نجيب الريحاني، الذي كان متعاطفًا بشدة مع قصة حبهما، وتزوجا عام 1942، وعاشا معا 15 سنة في منتهى السعادة، واشتركا سويًا في العديد من الأفلام، قدما خلالها دور زوجين أو حبيبين، منها بيومي أفندي ونشالة هانم.

وفي عام 1957 توفى سراج منير، فقررت ميمي شكيب عدم الزواج من بعده، وركزت بشكل كبير على عملها، وقدمت عشرات الأفلام، وحاول المخرجون حصرها في أدوار الشر مثل زوجة الأب القاسية، والحماة الغليظة، والسيدة الأرستقراطية الشريرة، إلا أنها كانت أحيانا تحاول الخروج من هذا النمط، فقدمت أدوارًا أخرى، إلا أنها تميزت بشكل أساسي في أدوار الشر، ومن أشهر أفلامها التي كانت علامة في تاريخها، دعاء الكروان، وجسدت فيه دور «زنوبة المخدماتية» التي تقدم الخادمات للمهندس الزراعي، وقد حازت عن دورها في الفيلم جائزة أفضل ممثلة دور ثانٍ، وأيضا فيلم الحموات الفاتنات الذي برعت من خلاله في تجسيد دور الحماة الأرستقراطية، وشكلت فيه مع ماري منيب دويتو كوميدي لا ينسى. ومن أفلامها الأخرى سي عمر، وليلى بنت المدارس، وشاطئ الغرام، والقلب له واحد، وعلموني الحب، وغيرها العديد من الأفلام، وعلى الرغم من تقدمها في السن، لم تستطع ميمي شكيب الابتعاد عن الحياة الصاخبة التي اعتادت عليها في شبابها، فكانت تقيم حفلات يومية في منزلها، يحضرها عدد من كبار المسؤولين في الدولة، وأثرياء مصريين وعرب، بالإضافة لعدد من الفنانات الشابات الجميلات، ويبدو أن تلك الحفلات كانت وبالا عليها. ففي فبراير عام 1974، تم القبض عليها، ومعها مجموعة من الفنانات الشابات، بتهمة إدارة منزلها للأعمال المنافية للآداب، وهى القضية التي عرفت باسم «الرقيق الأبيض» أو «قضية الآداب الكبرى»، وحظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق، وبعد حوالي 170 يوما من المحاكمة، حصلت ميمي شكيب وباقي المتهمات على البراءة، لعدم ضبطهن في حالة تلبس. وظلت ميمي شكيب محبوسة طوال فترة المحاكمة، وقيل إنها أصيبت بحالة من الصمم والبكم في السجن، وكانت تبكي طوال الوقت، مؤكدة أنها مظلومة، وأن القضية ملفقة وعلى الرغم من حصولها على البراءة إلا أنها لم تكن كافية لتبرئتها أمام المصريين، حيث ظلت تعاني من تلك التهمة، فدخلت مصحة نفسية بضعة أشهر، وبعد خروجها لم تستطع مواصلة حياتها بشكل عادي، حيث ابتعد عنها المخرجون والفنانون، ولم تقدم في تلك الفترة سوى أعمالا قليلة، وأدوارا لا تليق بمكانتها الفنية، وكان آخر أفلامها السلخانة عام 1982. وكانت وفاتها «زي النهاردة» في 20 مايو عام 1983، وقيل إنها ألقيت من الشرفة على طريقة سعاد حسني. يذكر أن زواجها من سراج منير كان من أقوى الارتباطات الفنية رغم ما تردد عن رفض «ميمي» لهذا الزواج، ولم يرد في أي مصدر أنها تزوجت بعد رحيله حتى وفاتها.!!