هاني صبري - المحامي
 تورط زوج يعمل في أحدي الهيئات القضائية في قتل زوجته شيماء جمال '> المذيعة شيماء جمال وقام بالتمثيل بجثتها وتشويها على إثر خلافات كانت بينهما، وقد مثَلَ أحد الأشخاص علي صلة وطيدة بزوج المجني عليها أمام النيابة العامة وقرر مشاهدته ملابسات جريمة القتل وعلمه بمكان دفن جثمانها. وقرر هذا الشخص أن الزوج هو الذي ارتكب واقعة القتل ، وأرشد السائق عن مكان دفن جثمان المجني عليها فيه، فعثرت عليها به، حيث اعترف هذا الشخص ( السائق) الذي أرشد عن المكان باشتراكه في ارتكاب الجريمة، وعلى هذا أمرت النيابة العامة بحبسه أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وجارٍ استكمالها. وقد تم رفع الحصانة عن زوج القتيلة لإجراء التحقيق معه.

جدير بالذكر أن جريمة إخفاء جثة القتيلة هو كل نشاط يبعد به الجاني الجثة عن نظر السلطات العامة بحيث لا تستطيع أن تعاينها ولا يتطلب القانون أن يكون من شأن نشاط الجاني إبعاد الجثة عن نظر السلطات العامة بشكل دائم ويكفي ان يكون الأبعاد مؤقتاً  .

أنه عقب تحقق واقعة قتل المجنى عليها من قبل المتهم الأول
قد اشترك  مع سائقة (المتهم الثاني) على إخفاء جثة المجنى عليها كان بقصد إعانة المتهم الأول من الفرار من وجه القضاء.

وهذا الفعل الإجرامي الذي اقترفه المتهم القاني (السائق) يشكل جريمة إخفاء جثة ميتة المعاقب عليه وفقاً المادة 239 من قانون العقوبات المصري، التي تنص على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة".

وهذا مؤداه أنه يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع ارتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الاقتضاء ، أن تتجه إرادة الجاني إلى إخفاء الجثة عن أعين السلطات العامة . إن جريمة الاخفاء تفترض أن مرتكبها شخص غير القاتل.

وأن هذه الجريمة مستقلة عن جريمة القتل، حيث إن هناك انفصالا تامًا بين جريمة القتل وجريمة الإخفاء، ولا يعد مرتكب جريمة الإخفاء شريكا في جريمة القتل.

لما كان ذلك وكان الثابت من مؤدى اعتراف المتهم الثاني أنه عقب تحقق واقعة قتل المجنى عليها والتى فوجئ بها اشترك مع زوج المجني عليها في إخفاء جثتها عن أعين السلطات العامة .

ومن ثم توافر أركان الجريمة فالمتهم تعمد ارتكاب فعل إخفاء الجثة أو قام بدفنها دون إخبار جهات المعنية ، مع تحديده المكان الذي تم فيه هذا الإخفاء.
فالركن المادى للجريمة يتحقق متى حصل الدفن والإخفاء وأن المتهم اعترف بإخفاء جثة القتيلة حسبما جاء بتحقيقات النيابة العامة .

 والركن الثانى هو دون إخبار جهات الاختصاص وهو أيضًا متوافر فى حق المتهم فالمتهم لم يبلغ جهات الاختصاص رغم وجود ساعات من الوقت للإبلاغ إلا أن المتهم لم يقم بالإبلاغ  ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم الثاني من أن المتهم الأول هدده لمنعه من الإبلاغ  بحجة إنه يعمل لديه وانه صاحب نفوذ. وكان بمقدوره أن يقوم بالإبلاغ عن الجريمة

والركن الثالث القصد الجنائى وهو فعل الإخفاء وهو يعلم  أنه القتيلة  فارقت الحياة الأمر  وقام بوضع القتيلة في المكان الذي ارشد عنه الأمر الذى تكون معه التهمة ثابتة قبل المتهم الثاني.

تجدر الإشارة إنه في حالة ثبوت رواية المتهم الثاني أن المتهم الأول زوج المجني عليها هو القاتل فإن ما ارتكبه زوج القتيلة يعد قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد ، وأن هذه مثل الأفعال الإجرامية من قبل المتهمين تعد جرائم نكراء يندي لها الجبين وإنعدمت منهما الإنسانية والرحمة ، وليس للقاتل ثمة أي مبرر لإزهاق روح إنسانة بريئة مسالمة لا ذنب له.

حيث إن ما اقترفه المتهم الأول يشكل جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وفقاً للمواد ( ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢) من قانون العقوبات .

وقد أوجبت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو الترصد . حيث تنص المادة (٢٣٠ ) كل من قتل نفساً عمداً مع سبب الإصرار أو الترصد يعاقب بالإعدام .

فقد فرق قانون العقوبات فى العقوبة بين القتل المقترن بسبق الإصرار والترصد، وبين القتل دون سبق إصرار وترصد، فالأولى تصل عقوبتها للإعدام وفقاً  للمادة 230 عقوبات ، والثانية السجن المؤبد أو المشدد

حيث تنص المادة 234 /3 من قانون العقوبات على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى.

حيث إن المتهم الأول ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد زوجته المجنى عليها، واستخدم المتهم سلاحه وكبرياء ذاته فى قتل المجني عليها، ويجب عدم استخدام الشفقة أو الرحمة مع هذا القاتل .

 أن سبق الإصرار والترصد هما ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد .

١- توافر ظرف سبق الإصرار لدى الجاني بارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في هدوء وروية . ولمحكمة الموضوع أن تستنتجه من وقائع الدعوى وملابستها والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره فى نفسه ، ووجود خلافات بين المتهم الأول والمجني عليها وإعداد سلاح الجريمة لتنفيذ قصده ، والتخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة .

ويقوم ظرف سبق الإصرار على عنصرين :-
الأول : نفسي وهو إمعان التفكير فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل فى الواقع ذات الإصرار .

 والثاني : زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة فى ذهن الجاني وعزمه عليها وبين تنفيذها ومقدار القوة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للجاني فى حالة من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال أنه ارتكب الجريمة بعد تدبر، وفِي الجريمة الماثلة كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً فى ذهنه حيث قام المتهم بالتخطيط لجريمته قاصداً إزهاق روحها ومن ثم توافر ظرف سبق الإصرار قبل المتهم.

٢- توافر ظرف الترصد قبل المتهم الأول ، والترصد معناه  تربص الجاني للمجني عليها فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومها إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأتها بالاعتداء عليها ، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليها لمباغتتها والغدر بها لتحقيق غايته الإجرامية .

ويتكون ظرف الترصد من عنصرين :-
أولهما : زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر, ثانيهما : مكاني ويتطلب انتظار الجاني للمجني عليها فى مكان ما .
 أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد يكفي لتشديد العقوبة للإعدام، والترصد يخضع فى إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف وبشهادة الشهود.

لذلك يطالب الكثيرين بتوقيع أقصى عقوبة مقررة على المتهم الأول في القانون وهي الإعدام شنقاً وذلك لتحقيق الردع العام ، ولمنع كل من تسول له نفسه العبث بحياة المواطنين الأبرياء ، ومعاقبة المتهم الثاني ( السائق) بحريمة إخفاء الجثة وفقاً للمادة ٢٣٩ عقوبات .