مراد وهبة
كان عبدالمنعم أبوالفتوح متلاحمًا مع عصام العريان في أنشطة كلية الطب بجامعة القاهرة في سياق تعاليم حسن البنا، ومنها اتجه الاثنان معًا إلى كليات التربية لتغيير ذهنية الطلاب بحيث تؤدى إلى الفهم الصحيح للدين على نحو رؤيتهما. كما اتجها معًا إلى طلاب الكلية الفنية العسكرية الذين كانوا محكومين بكتلة من الطلاب العلمانيين الأمر الذي أدى إلى اكتساح الطلاب الإسلاميين في انتخابات اتحاد الطلبة. وقيل في حينها إن ذلك التغيير قد حدث بفضل المليونير الاسلامى عثمان أحمد عثمان الذي كان رئيسًا لنقابة المهن الهندسية من عام 1979 إلى عام 1990. وكان عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين منذ أن كان طفلًا في مدينة الإسماعيلية موطن حسن البنا. وكان تلميذًا له في المدرسة الابتدائية. ونمت علاقته معه بحكم أن البنا كان يزور أخته التي كانت متزوجة من شيخ. وقال عثمان في مذكراته ما يلى: «إنه من حسن حظى أننى كنت أحد تلاميذ حسن البنا إذ آزرنى في مسارى الدينى إلى أن أصبح هذا المسار هو محور حياتى». إلا أنه بعد تخرجه في الجامعة لم يعد في الإخوان ولكنه ظل ملتزمًا بمثُلهم العليا، كما أسهم في توظيفهم في شركاته التي تعمل في الكويت والسعودية.

وعندما سُئل: هل المقاولون العرب مجرد شركة هو رئيسها أم مأوى يختبئ فيه الإخوان؟، أجاب بأن علاقته بالإخوان وتربيته الدينية هما السبب في فتح باب الشركة لهم، بشرط عدم الاشتغال بالسياسة بحيث تصبح الشركة قوة اقتصادية صالحة لخدمة الوطن. ومع ذلك فقد قيل إنه مع إدخال برامج الخدمات الاجتماعية في نقابة المهندسين ومصاهرة الرئيس السادات أحدث ثورة في دور النقابات في مصر، وهو الأمر الذي أدى إلى استيلاء الإخوان على النقابات، وكان من بينها نقابة المحامين التي هتفت إثر فوزها في الانتخابات: «نعم، نريدها إسلامية والإسلام هو الحل». وقد نشرت صحيفة الشعب في الصفحة الأولى هذا المانشيت: «الله أكبر التحالف الإسلامى انتصر في انتخابات نقابة المحامين، والفضل كله للصحوة الإسلامية في أرض المحروسة». وقد نوهت الصحافة الأجنبية بقوة شبكة الخدمات الإسلامية في مقابل عدم اكتراث الدولة للشعار المرفوع «الإسلام هو الحل».

وفى عام 1987 اكتسح الإسلاميون انتخابات النقابة الهندسية. وفى عام 1989 تحكموا في مجلس الإدارة المكون من أربعة عشر عضوًا. وفى عام 1991 اعترضت النقابة على مشاركة مصر في التحالف الغربى بقيادة أمريكا ضد العراق في حرب الخليج، بل أدانت نقابات المهندسين والأطباء والمحامين قتل المسلمين في البوسنة. وفى عام 1995 قال الرئيس مبارك لمجلة نيويوركر إن الحكومة الأمريكية على علاقة سرية مع الإرهابيين من الإخوان المسلمين، وأنه في حالة فزع من أن تتحول مصر إلى جزائر أخرى. ولكن ما قاله مبارك قيل بعد فوات الأوان.

وذات يوم التقانى عصام العريان وأنا خارج من ندوة، واستوقفنى ثم قال لى: «أنا أقرأ كل كلمة تكتبها». مغزى العبارة ظاهريًا ينم عن تقدير لما أكتبه، ولكن مغزاها باطنيًا ينم عن نسف الكيفية التي أدعو بها إلى الإجهاز على الإخوان.
نقلا عن المصرى اليوم