د. أمير فهمي زخارى 

وفيه: 
- هذه شهادتي عن مقتل سعاد حسني.. 
- عبد الناصر أرسل لي مفتي الجمهورية لإقناعي بالشهادة ضد صلاح نصر..
- هذا سر أزمتي مع شريهان ولا يهمني التصالح معها..
- سجنوا مصطفى أمين لطمع «نصر» فى الزواج من الفنانة شادية..
يعتبرها الكثيرون شاهدة على عصر خرجت عنه الكثير من الشائعات بعضها أكده البعض وأغلبها تجاهله كثيرون، خاصة ما تعلق برجالات الفن والسلطة، 
 
المتابعون لعصرها يعتبرونها أرشيفا متنقلا، يحمل بين طياته تاريخ أهم حقبة سياسية لمصر فى العصر الحديث، إنها اعتماد خورشيد.
ورغم حالة الجدل الدائمة حولها، إلا أنها بكل تأكيد المرأة التى حطمت عرش مراكز القوى عقب نكسة ٦٧
، والمؤكد أيضا أنها شاهدة الإثبات والنفي فى كثير من القضايا التى شغلت الرأي العام، 
إنها اعتماد محمد على (باشا) حافظ سليلة العائلة المالكة، بدأت حياتها كممثلة وتزوجت من المصور السينمائي أحمد خورشيد، فحملت اسمه وأنجبت منه خمسة أبناء، 
أصر صلاح نصر مدير المخابرات السابق على تطليقها منه ليتزوجها لمده  ٤ أعوام لتدخل بعدها عش الدبابير. 
اليوم تدلى بشهادتها عن ملابسات وفاة السندريلا «سعاد حسنى»، واستشهاد جنجاه بها فى كتابها الصادر مؤخرا بعنوان «سعاد الجريمة الخفية»، 
 
فى البداية ما تعليقك على كتاب «سعاد الجريمة الخفية» لشقيقتها جنجاه عبد المنعم؟
- جنجاه أخذت رأيي قبل أن تبدأ فى الكتاب، ونصحتها بعدم كتابته لأنه لا فائدة منتظرة من نشر تلك المعلومات والوثائق، لأنها لن تحصل على حق شقيقتها التى قتلت منذ سنوات على يد صفوت الشريف، بدليل أنها لم تحصل على حكم قضائي ينصفها بعد ثورة يناير، لأن سر سعاد دفن معها يوم مقتلها فى لندن.
 
 وماذا عن شهادتك فى المحكمة التى وثقتها جنجاه فى كتابها؟
- بالفعل طلبت شهادتي عام ٢٠١٣ فى المحكمة، وشهدت بأن سعاد حسنى كانت ساكنة فى نفس العمارة التى أسكن بها بالزمالك، وكانت علاقتي بها قوية جدا، وعندما سافرت إلى لندن للعلاج كانت تكلمني دائما، وفى آخر مكالماتها قالت لي: يا ماما أنا خلصت العلاج وراجعة قريب مصر، ونصحتها خلالها بأن توقف تسجيل مذكراتها التى بدأتها مع عبداللطيف المناوي لأنهم سيقتلونها، وبعد ذلك كان لي قريب رجل أعمال يعيش فى لندن ذهب إليها فى نفس توقيت مقتلها لإرجاعها إلى مصر بعد اتفاقها معي، ووقف ينتظرها أسفل عقار ستيوارت ليصطحبها للمطار، ورأها عندما دفعها رجلان من الشرفة لتسقط على الأرض، عندما ذهب ليدلي بشهادته لدى البوليس الإنجليزي رفضوا تسجيل شهادته، واختفى من يومها ولا أعرف طريقه حتى اليوم، وأنا شهدت بذلك أمام المحكمة هنا فى مصر، ولكن لا توجد دلائل قوية بعد كل تلك السنوات، ولذلك أغلقت القضية مثلها مثل قضايا على شفيق وأشرف مروان.
 
ما سر طلبك لمقابلة جمال عبد الناصر بعد أحداث ٦٧؟
- عندما تزوجت صلاح نصر عرفت كواليس المخطط الذي كان يدبره للإطاحة بعبد الناصر، فطلبت من حسن إبراهيم أن يصلني بعبد الناصر لكشف المخطط فى أعقاب نكسة ٦٧، وبعد حديثي معه طلبت منى عبد الناصر الشهادة فى المحكمة، وقال لي لا تخافي فقلت له ولكن شهادتي ستحمل كوارث، فأرسل مفتي الجمهورية وقتها ليقنعني أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وبالفعل وافقت على الشهادة أمام المحكمة برفقة حراسة خاصة، وظل المستشار على نور الدين النائب العام وقتها يطمأننى وأدليت بشهادتي الكاملة ليحكم على صلاح نصر بالسجن لمدة ٢٥ سنة.
 
 ماذا حدث بعد شهادتك؟
- جمال عبدالناصر بعد شهادتي قال لي «إنتى بطلة قومية وطلباتك كلها مجابة»، وأخبرني أنه اكتشف أن صلاح نصر كان قد أوصى على قتلى قبل النكسة بأيام بالسم فى عزومه للعشاء شاركت فيها فنانة كبيرة وكانت على علم بمخطط قتلى، فقلت له إنى أريد أن ابتعد عن كل هذا وأريد أن أقيم استوديو آخر لتعويض ما سرقه منى صلاح نصر، فطلب منى أن أقيم هذا الاستوديو فى لبنان حماية لي، وأرسل معي ضابطا لحمايتي وأمرني عبد الناصر بالحيطة وعدم الخوض فى وقائع محكمة الثورة لأن الإسرائيليين سيحاولون الإيقاع بي لتسجيل شهادتي وإذاعتها فى إسرائيل لتشويه مصر، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك، ولكن بعد البدء فى مشروع الاستوديو مات عبد الناصر وتوقف المشروع.
 
هل عدت إلى مصر؟
- بالفعل عدت إلى مصر عام ١٩٧٠، ولكن نصحني ضابط فى المخابرات بالسفر مرة أخرى لكي يحميني من صفوت الشريف، ونصحني بالسفر لفرنسا بأولادي وهناك تعرفت على رجل فهمت أنه إسرائيلي طلب منى كتابة مذكراتي مقابل مليون دولار فطلبت نصيحة السفير المصري، وطلب منى الموافقة لحين تهريبي مرة أخرى من فرنسا إلى لبنان، ووقتها أيقنت بصدق تحذيرات الراحل عبد الناصر أننى أصبحت هدفا للموساد الإسرائيلي.
 
 كم من الوقت عشت فى لبنان؟
- عشت فى لبنان خمس سنوات، وهناك بديع سربيه تولى أمري بالكامل ونصحني بتغيير أسمي، وبالفعل أصبح أسمي سعاد عبد العزيز لأكون بمأمن عن الموساد، وظللت هناك حتى بداية الحرب الأهلية.
 
ماذا عن عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
- وجدت نفسي محاصرة فى مصر وتعرضت لتهديدات مباشرة من صفوت الشريف، الذي أصبح مسيطرا سيطرة كاملة على مقاليد الأمور، بحكم منصبه كرئيس لمجلس الشورى وهو من تلاميذ صلاح نصر، وكل التقارير كانت تصب عنده، فكان الجميع تحت سيطرته الكاملة من وزراء وحتى الفنانين، فمن يستطيع أن يفتح فمه بأي شهادة، ووضع حولي حصارا إعلاميا ونفسيا قاتلا طيلة سنوات حكمه لدرجة أننى شحت فى الشوارع وبعت ملابسي حتى أنفق على أولادي، واتهمونى بأنني عميلة لإسرائيل رغم الدور الوطني الذي قمت به.
 
ماذا عن شهادتك التى برأت مصطفى أمين؟
- مصطفى أمين كان على وشك أن يكون وزيرا للثقافة، وبدأ نجمه يسطع ولكنه كان متزوجا من الفنانة الكبيرة شادية، وكان صلاح نصر يرغب فى تجنيدها لحساب عملياته الخاصة، ولأنى كنت شاهدة على زواجهما السري وكانت تكلمني فى التليفون وكان هاتفي مراقبا فعلم بزواجها من مصطفى أمين فلفق له تهمة الجاسوسية، كما قمت بتهريب لبنى عبد العزيز من قبضته لتهاجر بعدها إلى أمريكا بعد زواجها، وبالفعل حكموا لمصطفى أمين بتعويض مادي وحكم على صلاح نصر بالحبس فى تلك القضية أيضا.
 
 لماذا اكتفيت بنشر مذكراتك وعدم اللجوء للقضاء لإثبات أقوالك؟
- بالفعل تقدمت بطلبات عديدة للإفراج عن تحقيقات ملفات محكمة الثورة، ولكن جميع الملفات أعدمت ولم يعد لها أثر، لذلك دائما ما يتهموني بالكذب لأنها تظل مجرد أقوال.
 
 ولكنك نشرت بالفعل مذكراتك فى عهد مبارك؟
- لأن مصطفى أمين عرفني على ناشر أقنعني أن الأوضاع السياسية تغيرت، وأصبح هناك حرية تكفل نشر تلك المذكرات، وكتبناها بالفعل بمطابع الأهرام، ولكن بعد تعهد دار النشر لصفوت الشريف بحذف الجزء الخاص به، ولكنه فوجئ بالصدى الواسع للكتاب وقتها فحرض أحد المحامين لرفع دعوى قضائية لمنع الكتاب ومصادرته، وبالفعل تم ذلك وظل يوزع سرا.
 
 ولماذا لم تظهر قصتك على الشاشة كمسلسل؟
- بالفعل كنت بدأت فى العمل على تحويل قصتي لمسلسل بدعم من الكاتب الكبير صالح مرسى، ولكنى فوجئت بعد البدء فى تنفيذ العمل بمكالمة منه قال فيها «جت لي أوامر مباشرة من صفوت الشريف بعدم العمل على هذا المسلسل» وبعد قيام ثورة يناير ابنى إيهاب كتب سيناريو فيلم لقصة حياتي، وظل ٣ سنوات للحصول على كافة الموافقات الأمنية، ولكنى لم أجد جهة إنتاج تقدمه للناس حتى الآن، كما أننى أحلم الآن بعمل مجلة فنية أسبوعية أحكى فيها عن السينما طوال تاريخها، وهو مشروع مؤجل كان سيشاركني فيه كمال الشناوي وبالفعل معي تصريحها.
 
ما أكثر المواقف التى لا تنسينها بمشوارك الطويل؟
- موقف لم أذكره طوال حياتي للشيخ محمد بن راشد فى السبعينيات عندما كنت فى لبنان، أثناء إقامتي بالفندق عرفني عليه بعض الأصدقاء وطلب منى زيارتهم فى الإمارات أثناء افتتاح فندق هيلتون، وبالفعل سافرت وطلب منى وقتها رجل أعمال اسمه أحمد السراقبى مقابلة الشيخ محمد بن راشد، ولم أكن أعرف غرض الزيارة الحقيقي، وبمجرد مقابلته طرده الشيخ راشد، وقال لي هذا مندوب المخابرات الأمريكية جاء ليعرض علىَّ رشوة بملايين الدولارات لجعلي عراب تقسيم الشرق الأوسط، وكان ذلك عام ١٩٧٦ ليذهب بعدها هذا العميل الإسرائيلي إلى قطر، ويبدأ الدور القطري المشبوه فى مخطط التقسيم، فهذا الموقف لن أنساه من هذا الرجل الشريف الشجاع، وبعدها تزوجت ابنتى الوحيدة من رجل إماراتى وكانت علاقتنا بالإمارات وطيدة جدا حتى بداية الثمانينيات بعد وفاة ابنتى فى حادث سيارة بطريقة مطابقة لشقيقها عمر خورشيد بعد وفاته.

 وكيف تلقيت خبر عودة الفنانة شريهان للأضواء مرة أخرى؟
- بعد سنوات من المشاكل بسبب كتاب مشبوه لأحد الصحفيين ذكر فيه كلاما على لساني ضدها، وهي غضبت بسبب ذلك، لا أعرف عنها شيئًا ولم نتصالح، وفى النهاية هى ابنة «ضرتي» وربنا يوفقها.
 
 وماذا عن أمنياتك الآن بعد كل هذه السنوات؟
- بعد ثورة يناير توقعت أن تعود الأمور إلى نصابها ويكشف كل المسكوت عنه طوال سنوات، لكن للأسف لم أجد تكريما أو رد اعتبار لما واجهت من ظلم واضطهاد وغربة حتى أبسط حقوقي فى العلاج، أو حتى منحى الفرصة لكشف حقيقة ما جرى، وطلبي من الرئيس السيسي هو إعادة الحق لأصحابه، فأنا أول من قلت عن مقتل الملك فاروق، وهو ما قاله ابنه مع عمرو الليثي بعد سنوات، وأول من قلت إن سعاد حسنى قُتلت، وأول من صرحت عن حقيقة مقتل عبد الحكيم عامر، ودائما ما تثبت الأيام صدق كلامي، فهؤلاء كانوا يعملون لحساب مصالحهم الشخصية بعيدا عن مصلحة الوطن كما ادعوا، ودوري التاريخي لن ينسى.
ونستكمل بعض أسرار الفترة السياسية السابقة في مقال جديد...
المصدر:
- كتاب انحرافات صلاح نصر"اعماد خورشيد".
- "البوابة ستار": دعاء حلمى.