كتب - محرر الاقباط متحدون 

 نشر  القمص يوحنا نصيف، راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في ولاية شيكاغو بالولايات المُتحدة الأمريكية، عبر حسابه على فيسبوك، مقاله المنشور في عدد الكرازة الأخير " كيف نعيش كأبناء لله".
 
معروفٌ أنّ بنوّتنا لله هي بنوّة حقيقيّة بالتبنّي، وليست بنوّة اعتباريّة.   التبنّي هو اتّخاذ الشخص طفلاً ابنًا له، وهو ليس بابنٍ له في الأصل. فهو لم يكُن من العائلة، وليس ابنًا بالجسد، ولكنّه يصير ابنًا رسميًّا بالتبنّي، وعضوًا في العائلة. وتبعًا هذا، يصير للمُتَبَنَّى اسم جديد وحقوق وكرامة وميراث.. بمعنى أنّي لو تبنّيت طفلاً يصير ابنًا رسميًّا لي؛ فأعطيه اسمي واسم عائلتي، ويعيش في بيتي، ويأكُل على مائدتي، ويكون له كلّ حقوق البنوّة من حُبّ ومشاركة وميراث..!
 
    أمّا البنوّة الاعتباريّة، فلن تزيد عن الاهتمام والمحبّة والتقدير لشخص أعتبره مثل أبنائي، ولكنّي لا أعطيه اسمي ولا يشاركني في حياتي ولا ممتلكاتي..!
 
    من هنا نفهم إنّ نعمة التبنّي الموهوبة لنا من الله هي نِعمة نصير بها نحن العبيد أبناءً، وهي هِبة مُتاحة لكلّ من يقبل المسيح إلهًا ومخلِّصًا ومَلِكًا له: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ وُلِدُوا." (يو1: 12-13). وهذا يتمّ بالإيمان والمعموديّة.. فبالمعموديّة نولَد من جديد، ونتّحد بالمسيح على مثال موته وقيامته، ويتمّ غرسنا في جسد المسيح، فنصير أبناءً لله في المسيح الابن الوحيد.. ويؤكِّد لنا هذا القدّيس بولس الرسول مرّاتٍ عديدةً: "فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ.. بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ" (أف2: 19).. "إِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ." (رو8: 17).. "إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ." (غل4: 7).
 
* كيف أعيش البنوّة لله عمليًّا؟
   1- توبتي:
   هي الرجوع لحضن أبي، والتمتُّع بأحضانه وقبلاته.. واستعادة الشركة الكاملة معه.. أسكُن معه، وآكل من خبز البنين على مائدته، وأفرح معه.. (لو15).
 
   2- سلوكي:
   يلزمني أن أكون مُنقادًا بروح أبي (رو8: 14)، مُكمِّلاً القداسة في خوف الله (2كو7: 1).. مهتمًّا بعمل الصلاح كلّ حين، حتّى عندما يرى الناس أعمالي الحسنة يمجّدون أبي الذي في السموات (مت5: 16). فلا ينبغي فقط أن أفتخر ببنوّتي لله، بل أسعى أن يفتخر أبي بي أيضًا، ويقول عنّي: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرتُ..!
 
   3- مستقبلي:
   ليس لي هنا مدينة باقية، بل لي مدينة سماوية وملكوت مجيد هو ملكوت أبي.. ولي ميراث لا يفنى ولا يتدنّس ولا يضمحلّ محفوظ لي في السماء (1بط1: 4). فلن أضع رجائي في هذا العالم، ولن أدخل أبدًا في صراعات من أجل مكاسب أرضيّة..!
 
   4- عيوبي:
   لن ينجح الشيطان في إقناعي بأنّي مكروه من الله لسبب عيوبي.. فالله هو أبي وأنا ابنه، واسمه دُعِيَ عليّ، وهو يحبّني جدًّا.. اشتراني بأغلى ثمن، ولن يفرِّط فيّ.. وروحه يعمل فيّ بقوّة، لكي يُنَقّيني ويُجَمِّلني لأصير مشابهًا لصورة ابنه الوحيد، وأنا بدوري مهما كنتُ ضعيفًا، سأجاهد في طريق التوبة، متجاوبًا مع عمل روحه القدّوس في داخلي..!
 
   5- شهادتي لأبي:
   إن كان الله قد أعطاني نعمة التبنّي له، لأكون عضوًا في جسد ابنه، وشريكًا لطبيعته الإلهيّة، وسفيرًا له في هذا العالم (2كو5: 20).. فيلزمني أن أشهد له بكلّ قوّتي في أفعالي وأقوالي، وأُكرِم وصاياه فوق كلّ اعتبار، كارزًا بمحبّته وخلاصه وملكوته..