اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد معلنا القديس مار يعقوب الرسول (١٨ أبيب) ٢٥ يوليو ٢٠٢٢
في مثل هذا اليوم استشهد معلنا القديس ماريعقوب الرسول ابن حلفا و هو أحد الاثني عشر رسولًا، وهو أحد الأعمدة الثلاثة لكنيسة الختان كما دعاه معلمنا مار بولس الرسول (غل 2: 7-9). وعرف باسم يعقوب أخا الرب، لأنه ابن خالته بالجسد من مريم زوجه كولوبا. فكلمه حلفا آرامية ويقابلها (كلوبا) في اليونانية وعرف باسم يعقوب الصغير (مر 15: 40) تميزًا له عن يعقوب الكبير بن زبدي. وعرف أيضًا باسم يعقوب البار نظرًا لقداسة سيرته وشده نسكه. كما عرف باسم يعقوب أسقف أورشليم لأنه أول أسقف لها. وقد أثير جدل حول شخصيته. وحول اللقب الذي عرف به (أخ الرب)..

ورأي كنيستنا القبطية الأرثوذكسية والكنيسة اللاتينية أيضًا بأن يعقوب هذا هو عينه ابن حلفي (كلوبا) وابن خالة السيد المسيح بالجسد من مريم أخرى شقيقة العذراء مريم، وذلك استنادا لما جاء في الإنجيل المقدس – وقد دافع عن هذا الرأي بحماس كبير كل من جيروم واغسطينوس. والغريب أن هذا الرأي يدافع عنه حاليا كثير من العلماء والبروتستانت... وفضلًا عن ذلك، فليس أدل علي صحة هذا الرأي من أن التقليد الكنسي القديم في العالم كله، يجعل منهما -يعقوب بن حلفا ويعقوب أخا الرب- شخصًا واحدًا. ويؤكد رسولية هذا القديس وأنه من الاثني عشر. نص صريح ذكره القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية. يذكر بولس زيارته الأولي لأورشليم بعد إيمانه فيقول "ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف على بطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يومًا. ولكنني لم أرى غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب" (غل 1: 18 – 19)..

وواضح من هذه الآية أن يعقوب أخا الرب رسول نظير بطرس والآخرين...
وقد رأس معلمنا مار يعقوب الرسول كنيسة أورشليم وصار أسقفًا عليها واستمر بها إلى وقت استشهاده. ولا يعرف بالضبط متى صار أسقفًا على أورشليم. لكن هناك رأي يقول أن ذلك كان سنة 34م. وهذا التاريخ يتفق تقريبًا مع شهادة جيروم التي ذكر فيها أنه ظل راعيًا لكنيسة أورشليم نحو ثلاثين سنة وعمله كأسقف على أورشليم يوضح لنا حكمة الكنيسة الأولى في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب...

فقد كان هذا الرسول يتمتع بشخصية قويه بحكم صله القرابة الجسدية بالرب، فضلًا عن تقواه الشديدة ونسكياته الصارمة. ومن هنا فقد تمتع بسلطان كبير بين اليهود المتنصرين، بل تمتع بمكانه كبيرة بين اليهود أنفسهم، ولذا وضع في أورشليم معقل اليهودية في العالم كله، وإليها يفد آلاف منهم، ليكون كارزًا لهم....
وبناء على تقليد قديم دونه لنا القديس أبيفانيوس، كان ماريعقوب يحمل على جبهته صفيحة من الذهب منقوش عليها عبارة (قدس الرب) على مثال رئيس أحبار اليهود.

وتمتع هذا الرسول بمكانه كبيرة في كنيسة الرسل.. فقد رأس أول مجمع كنسي سنة 50 م. وهو مجمع أورشليم، الذي عرض لموضوع تهود الأمم الراغبين في الدخول إلى الأيمان (أع 15) وكان رأيه فيه فصل الخطاب بالنسبة لموضوع، كان يعتبر موضوع الساعة وقت ذاك. بل يبدو أنه هو الذي كتب بنفسه قرار مجمع، فقد لاحظ العلماء تشابهًا بين أسلوب ذلك القرار وأسلوب الرسالة التي تحمل اسمه (رسالة يعقوب)، مما يدل على أن كاتبهما شخص واحد.

و التي بدأت بقوله :
" رأي الروح القدس و نحن..."

والرسول بولس يذكره كأحد أعمدة كنيسة الختان الثلاثة، الذين أعطوه مع برنابا يمين الشركة ليكرز للأمم، بل ويورد اسم يعقوب سابقًا لاسمي بطرس ويوحنا مما يدل علي مكانته (غل 2: 9) ويؤيد هذه المكانة أيضًا الخوف والارتباك اللذان لحقا ببطرس في إنطاكية لمجرد وصول أخوة من عند يعقوب!! الأمر الذي جعله يسلك مسلكًا ريائيًا ووبخه عليه بولس علانية" انظر غل 2: 11-14 "

أما عن نسكه فقد أفاض هيجيسبوس في وصفه، وقال أنه كان مقدسا من بطن أمه لم يعل رأسه موس، لم يشرب خمرًا ولا مسكرًا وعاش نباتيًا لم يأكل لحمًا... وكان لباسه دائمًا من الكتان. وكان كثير السجود حتى تكاثف جلد ركبتيه وصارت كركبتي الجمل وبسبب حياته ونسكه ومعرفته الواسعة بالكتب المقدسة وأقوال الأنبياء نال تقديرًا كبيرًا من اليهود وآمن على يديه كثيرون منهم في مدة أسقفيته..

بل أن يوسيفيوس المؤرخ اليهودي الذي عاصر خراب أورشليم، لم يتردد عن الاعتراف بأن ما حل باليهود من نكبات ودمار أثناء حصار أورشليم، لم يكن سوي انتقام إلهي لدماء ماريعقوب البار...

وكان لانعكاف اليهود نحو القديس ماريعقوب أثار حنق رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين عليه فقرروا التخلص منه. وذكر هيجسبوس -وأيده في ذلك كلمنضيس الاسكندري– أن اليهود أوقفوه فوق جناح الهيكل ليشهد أمام الشعب ضد المسيح... فلما خيب ظنهم وشهد عن يسوع أنه المسيا وهتف الشعب أوصنا لابن داود، صعدوا وطرحوه إلى أسفل، أما هو فجثا على ركبتيه يصلي عنهم بينما أخذوا يرجمونه، وكان يطلب لهم المغفرة. وفيما هو يصلي تقدم قصار ملابس وضربه بعصا على رأسه فأجهز عليه ومات لوقته وكان ذلك في سنة 62 وسنه 63 بحسب رواية يوسيفوس وجيروم وفي سنة 69 بحسب رواية هيجيسبوس والرأي الأول هو المرجح

وقد خلف لنا هذا الرسول، الرسالة الجامعة التي تحمل اسمه والتي أبرز فيها أهمية أعمال الإنسان الصالح ولزومها لخلاصه إلى جانب الإيمان أما عن تاريخ كتابتها. فهناك رأي يقول أنه كتبها في الأربعينيات قبل مجمع أورشليم ورأي آخر يقول أنه كتبها قبيل استشهاده بوقت قصير..... كما خلف لنا يعقوب الرسول الليتروجيا (صلاة القداس) التي تحمل اسمه والتي انتشرت في سائر الكنائس. أما عن صحة نسبتها إليه، فالتقليد الكنسي لجميع الكنائس الشرقية يجمع على ذلك
بركه صلاته تكون معنا آمين...
و لآلهنا المجد دائما أبديا آمين...