بقلم هاني لبيب
ضمن قواعد حياتنا.. هي «ثقافة الاستهلاك».. تلك الثقافة التي جعلت غالبيتنا يهمل تمامًا.. مفهوم «الصيانة» ومضمونها الذي يعنى ببساطة الحفاظ على أي شىء من خلال مراجعة أدائه وجودة كفاءته. وهو أمر أصبح خارج نطاق مفردات ثقافتنا اليومية في المجتمع المصرى.. خاصة أننا نهمل بشدة عمل «صيانة» لأى شىء تحت بند أنه جديد.. وتمر سنوات عديدة ويظل مفهومنا كما هو دون أن يطرأ عليه أي تغيير. ويتحول الجديد إلى القديم دون أن نعى مدى بقاء قدرته وجودته على ما هي عليه.
 
يتحول الأمر مع سوء استخدام بعض الأجهزة.. لأن تتحول تدريجيًا إلى قطعة خردة لا فائدة منها سوى عند بائع الروبابيكيا. ويمكن في هذا الأمر أن ننظر لمنازلنا ومنازل أقربائنا وأصدقائنا.. لنكتشف أننا لا نعطى أي اهتمام لهذا الأمر.. كما لا يعطيه غيرنا.
 
مع العلم، هناك فوائد عديدة للصيانة، منها:
- ضمان الحفاظ على أي جهاز لمدة أكبر من العمر الافتراضى التقليدى له.
- اكتشاف أي عطب أو خلل في بدايته قبل أن تتفاقم مشاكله ليصبح إصلاحها صعبا ومكلفا.
- الحفاظ على أي جهاز قبل أن يتوقف عن العمل في الأوقات الحرجة، مثل التكييف في مثل هذه الأيام.
- تجنب توقف أي جهاز فجأة عن العمل، وتحمل التكلفة المادية الفورية لشرائه.
- إنها أسباب لا نفكر فيها، ولا نضعها ضمن نطاق أولوياتنا طالما أن الأجهزة تعمل.. لنكتشف فجأة فيما بعد أنها لا تعمل، وأنه لا أمل فيها ولا رجاء.
 
وتبقى نتيجة واحدة هي إهدار المزيد من المال، ومن قبله المزيد من الوقت.
 
ما سبق، ينطبق بالحرف الواحد علينا كمصريين أو بمعنى أدق على الغالبية العظمى منا، والذين لا يهتمون بعمل الاختبارات الصحية العامة كل سنة للتأكد من أن أجهزة الجسم تعمل بكفاءة دون أي بوادر لظهور مشكلة هنا أو هناك. وأصبحنا من أكثر الشعوب إهمالًا في صحتنا بحيث أصبحنا من أكثر الشعوب المتميزة بارتفاع في نسب الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة وفى مقدمتها أمراض الضغط والسكر.
 
أصبح هذا هو حالنا.. نهمل في أي شىء يحتاج لنوع من أنواع الصيانة.. فطالما الأجهزة تعمل، وطالما لا نعانى من أمراض ظاهرة بشكل مباشر تعوقنا عن مسيرة الحياة اليومية.. فنحن بصحة جيدة وأجهزتنا تعمل بكفاءة حتى إشعار آخر يفيد بحدوث العكس.
 
تذكرت ما سبق، حينما قابلت صدفة طبيب العيون الذي أذهب إليه، وشكوت له من صداع أصابنى منذ فترة ويسبب لى متاعب كثيرة؛ فسألنى ألم يمر أكثر من سنتين بدون أن تعيد كشف «قياس النظر» لنتأكد من صحتها أو كونها تحتاج لتغيير في مقاس العدسة، وقد ذكرت لك في بداية عهدك بارتدائها بأهمية الكشف السنوى والتأكد من ثباته أو تغييره؟.
 
ترى، هل يمكن أن يهتم بصيانة أجهزة منزله من يهمل في سلامة صحته؟!.
 
نقطة ومن أول السطر..
 
صيانة الأجهزة ترتبط بمواعيد محددة سلفًا حسب طبيعة كل جهاز، والحفاظ على الصحة يتطلب عدم الإهمال في الكشف الدورى.
ولكن صيانة العقل والأفكار والقيم والمبادئ والمشاعر والإنسانية.. من المسؤول عنها بعد أن تركناها لشيوخ الستالايت وكهنته، ثم تركناها لمن هم من غير أهل الاختصاص، والواقع أن الجماعة المحظورة ومواليها.. هم من كانوا الأكثر تفاعلًا في السيطرة على المجتمع بهدوء.. للدرجة التي جعلت الذهنية العامة للمجتمع متطرفة ومتشددة.. لا تقبل الاختلاف الحقيقى بقدر ما تقبل التنمر والتحرش والعنصرية، بل تسعى لتبرير حدوثها.