كتب - محرر الاقباط متحدون
القى الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة خلال أعمال قمة جدة للأمن والتنمية :

حان الوقت لكي تتضافر جهودنا المشتركة لتضع نهاية لجميع الصراعات المزمنة والحروب الأهلية طويلة الأمد التي أرهقت شعوب المنطقة واستنفدت مواردها وثرواتها في غير محلها، وأتاحت المجال لبعض القوى للتدخل في الشئون الداخلية للدول العربية؛

 والاعتداء العسكري غير المشروع على أراضيها  والعبث بمقدراتها ومصير أجيالها من خلال استدعاء نزاعات عصور ما قبل الدولة الحديثة من عداءات طائفية وإثنية وعرقية وقبلية، لا غالب فيها ولا مغلوب وبما أدى لانهيار أسس الدولة الوطنية الحديثة وسمح ببروز ظاهرة الإرهاب ونشر فكره الظلامي والمتطرف.

 لمصر تجارب تاريخية عديدة في المنطقة وكانت دوما خلالها رائدة وسباقة في الانفتاح على مختلف الشعوب والثقافات وانتهاج مسار السلام؛

 فكان هو خيارها الاستراتيجي الذي صنعته وفرضته وحفظته وحملت لواء نشر ثقافته، إيمانا منها بقوة المنطق لا منطق القوة وبأن العالم يتسع للجميع، وهو سلام الأقوياء القائم على الحق والعدل والتوازن واحترام حقوق الآخر وقبوله.

واسمحوا لي من هذا المنبر، وبمناسبة قمتنا اليوم، أن أطرح عليكم مقاربة شاملة تتضمن 5 محاور للتحرك في القضايا ذات الأولوية خلال المرحلة القادمة لخدمة أهدافنا المنشودة صوب منطقة أكثر استقرارا وازدهارا .

أولا: لعلكم تتفقون معي أن الانطلاق نحو المستقبل يتوقف على كيفية التعامل مع أزمات الماضي الممتدة، ومن ثم فان جهودنا المشتركة لحل أزمات المنطقة، سواء تلك التي حلت خلال العقد المنصرم، أو تلك المستمرة ما قبل ذلك لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا من خلال التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية لقضية العرب الأولى وهي القضية الفلسطينية،

وذلك  على أساس حل الدولتين المستند إلى مرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، تضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وتعيش في أمن وسلام جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، على نحو يحقق أمن الشعبين ويوفر واقعا جديدا لشعوب المنطقة يمكن قبوله والتعايش معه ويقطع الطريق أمام السياسات الإقصائية،

 ويعضد من قيم العيش المشترك والسلام وما تفتحه من آفاق وتجسده من آمال،  ومن هنا فلابد من تكثيف جهودنا المشتركة ليس فقط لإحياء مسار عملية السلام بل لنصل به هذه المرة إلى حل نهائي لا رجعة فيه ليكون بذلك قوة الدفع التي تستند عليها مساعي السلام في المنطقة.

ثانيا: إن بناء المجتمعات من الداخل على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ونبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية، هو الضامن لاستدامة الاستقرار بمفهومه الشامل والحفاظ على مقدرات الشعوب والحيلولة دون السطو عليها أو سوء توظيفها.

 ويتطلب ذلك تعزيز دور الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة ودعم ركائز مؤسساتها الدستورية، وتطوير ما لديها من قدرات وكوادر وإمكانات ذاتية، لتضطلع بمهامها في إرساء دعائم الحكم الرشيد وتحقيق الأمن وإنفاذ القانون ومواجهة القوى الخارجة عنه وتوفير المناخ الداعم للحقوق والحريات الأساسية وتمكين المرأة والشباب وتدعيم دور المجتمع المدني كشريك في عملية التنمية،

 وكذلك دور المؤسسات والقيادات الدينية لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يضمن التمتع بالحق في حرية الدين والمعتقد، فضلا عن تكريس مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ودفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص العمل وصولا إلى التنمية المستدامة تلبية لتطلعات شعوبنا نحو مستقبل أفضل يشاركون في بنائه ويتمتعون بثمار إنجازاته دون تمييز.

ثالثا، يتعلق هذا المحور بالأمن القومي العربي والذي أؤكد على أنه كل لا يتجزأ وأن ما يتوافر لدى الدول العربية من قدرات ذاتية بالتعاون مع شركائها كفيل بتوفير الإطار المناسب للتصدي لأي مخاطر تحيق بعالمنا العربي.

 وأشدد في هذا الصدد على أن مبادئ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والإخاء والمساواة، هي التي تحكم العلاقات العربية البينية، وهي ذاتها التي ينص عليها روح ميثاق الأمم المتحدة.
https://youtu.be/_FzMk0lH5Oo