مراد وهبة
والسؤال إذًا: مَنْ هما؟ وما العلاقة بينهما؟.

الأول هو الدكتور حسين فوزى الذي أنهى دراسته في الطب في عام 1923 ثم هجر مهنة الطب عندما قبِل منحة من الحكومة المصرية للذهاب إلى فرنسا لدراسة علوم البحار، وكانت غايته أن ينهل من ينابيع الثقافة الغربية التي كان من عشاقها. وبعد أن عاد من البعثة اتجه إلى الكتابة فأصدر «مجلتى» بالتعاون مع توفيق الحكيم. وفى هذه المجلة كتب حسين فوزى سلسلة من المقالات عن مغامراته في البحار ثم جمعها في كتاب بعنوان «سندباد إلى الغرب». وفى عام 1942 أسس الملك فاروق جامعة الإسكندرية وعين طه حسين مديرًا لها فعين هذا بدوره حسين فوزى عميدًا لكلية العلوم.

أما الثانى فهو الدكتور ساسون سوميخ أستاذ الأدب العربى بجامعة تل أبيب. وفى عام 1974 كان في مهمة علمية لمدة عام بجامعة برنستون بأمريكا، ووقتها علم أن حسين فوزى قادم من القاهرة لإلقاء عدة محاضرات في أمريكا، وأن جامعة برنستون هي إحدى محطاته. واغتبط سوميخ للغاية لأن من أحلامه التحدث إلى حسين فوزى، وقد كان عندما تعرف به بعد المحاضرة، وكان يظن أن هذا التعارف لن يكون تمهيدًا لإجراء الحوار بسبب ما أحدثته حرب عام 1973 من آثار سلبية، إلا أن هذا الظن قد توارى عندما ألغى حسين فوزى جميع التزاماته من أجل المضى في الحوار لمدة يوم كامل. وكانت ثورة 1919 من بين الموضوعات، وكان رأى حسين فوزى أن النخبة الليبرالية المصرية كانت لديها طموحات ولكنها كانت تعانى من إحباطات، الأمر الذي دفع حسين فوزى إلى تأسيس جمعية أدبية تضم الأدباء الشبان لتحقيق ثورة حديثة في الأدب المصرى بوجه عام وفى القصة بوجه خاص.

ويقول سوميخ إنه من اللافت للانتباه أن حسين فوزى في كتابه المعنون «سندباد في رحلة الحياة» (1968) لا يذكر شيئًا عن انقلاب الضباط الأحرار في عام 1952، إذ لم يكن لهذا الحدث أي تأثير على أفكاره. ومع ذلك عُين وزيرًا للإرشاد القومى فاهتم بتدعيم الفنون الجميلة مثل الرسم والرقص والمسرح والموسيقى. وأصدر مجلة شهرية كانت عبارة عن منتدى مفتوح لجيل جديد من الكتاب فتمت تنحيته من رئاسة التحرير.

تعاطف مع الرئيس السادات إلا أنه رفض مغازلته للتيار الإسلامى، وسبب هذا الرفض مردود إلى أن مصر إذا فقدت إيمانها بمقومات الحضارة الحديثة فإن ذلك نذير بأن ترتد مصر إلى أظلم عهودها.

وفى 2 أغسطس 1976 سافرت مع حسين فوزى إلى المكسيك للمشاركة في المؤتمر الدولى الثلاثين للعلوم الاجتماعية في آسيا وإفريقيا الشمالية. وجلسنا معًا في الطائرة التي استغرقت رحلتها أكثر من عشرين ساعة لم يتوقف فيها عن الحديث. وقبل النزول من الطائرة قال لى: «إن المستقبل لكم ولكن بشرط أن تعلمنوا الشعب».

ويبقى بعد ذلك سؤال: في أعلى الصفحة الأولى من البحث الذي كتبه سوميخ عن حسين فوزى عبارة تقول: «طلب منا د. ساسون سوميخ إرسال صورة من بحثه هذا- الذي نشره قبل عشر سنوات- إلى سيادتكم وشكرًا 9/ 11/ 1998». والسؤال إذًا: ما مغزى هذا السؤال؟.
نقلا عن المصرى اليوم