د.ماجد عزت إسرائيل
 الرهبنة في المسيحية هي حياة الوحدة والزهد والنسك والصلاة والتسبيح بجانب العمل اليدوي بقصد التبتل مع اختيار الفقر طوعاً، فلكي يكون الإنسان راهباً، ينبغي أن تكون له ميول للفلسفة والحكمة، لأن حياته كفاح وحرمان وإنتاج من أجل هذه الرسالة السامية التي يدرك خلالها أن فضيلته باطلة إن كان ضياؤها لا يتعدى جدران النفس البشرية ولا ينعكس على البشرية كلها ليغمرها بمعرفة الله.

 ويرجع تاريخ نشأة الرهبنة في مصر إلى مطلع القرن الرابع الميلادي، حيث انتشرت المسيحية في كل ربوع البلاد، وبدأت في بادئ الأمر حركة دينية مستقلة عن الكنيسة، ولكنها سرعان ما أصبحت جزءاً أساسياً من النظام الكنسي، حتى إنها انتقلت إلى سائر أنحاء العالم المسيحي، على أيدي الراغبين فيها بحضورهم من دول أوروبا وآسيا وتسلمهم مبادئها وتعاليمها على أيدي الرهبان المصريين ونقلها لبلادهم؛ فكان لمصر فضل على العالم في معرفة الرهبنة.

  وتوجد عدة قوانين تنظم العلاقة بين الرهبان وبعضهم البعض أو بينهم وبين الرتب الإكليروسية الأعلى عدة قوانين، وأعراف فالطاعة هي إحدى نذور ثلاثة بعضها يضمها طقس الرهنبة (الطاعة- العفة- الفقر الإختياري)وقد نصت عليها المادة (8) من خلاصة قوانين الرهبنة القبطية وكذلك المادة (30) وقد تحدثت عنها بكثرة قوانين باسيليوس النسكية ووردت بعض من هذه قوانين إبن العسال (باب 1 بند 17) ووصفت طاعة الرهبان لرئيسهم بأنها كطاعة الأبناء لأبيهم وطاعة التلاميذ لمعلميهم،وتكاد تكون الطاعة هي أكبر وصية يسمعها الراهب يوم رهبتنه.وهناك بعض القوانين التي تنظم العلاقة بين الأساقفة والقساوسة.

  وحقًا الرهبنة هي سر قوة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية لأنها فلسفة الديانة المسيحية والجامعة التي تخرج منها مئات البطاركة والأساقفة الذين قادوا الكنيسة بالحكمة "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ الْبَيْتُ الَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي" (سفر إشعياء 66: 1، 2).

  فقد فوجيء صاحب النيافة الأنبا «دميان» أسقف شمال ألمانيا ورئيس دير السيد العذراء والقديس موريس بألمانيا اليوم الثلاثاء الموافق (9 أغسطس 2022م) بمجموعة من الألمان قد قطعوا ما يقرب من(150) كيلومترا بالدراجات من أجل زيارة الدير وأخذ بركة قديسه؛وقد طلب ثلاثة منهم من نيافة الأنبا دميان رئيس الدير تحقيق رغبتهم في ارتداء الزي الرهباني. وفي ظاهرة فريدة من نوعها لتلبية رغبتهم قام صاحب النيافة بإحضار الزي الرهباني. وقد قام الثلاثة الألمان بارتداء الزي الرهباني وسط سعادة وفرحة غامرة منهم ومن الحاضرين.
 
   ومن الجدير بالذكر، إنَّ أهم يوم في حياة الراهب هو يوم سيامته راهبًا وارتدائه لثياب الرهبنة، وقد ظهر الزي الرَّهباني في فترة مُبكرة جدًا من تاريخ الحياة الرَّهبانية، ونجد دلائِل مُبكرة تُثبِت وجوده ترجِع لبدايات القرن الرَّابِع، ويُذكر عن القديس باخوميوس مثلًا أنَّ الأنبا بلامون ألبسه الزي الرَّهباني بمُجرّد أن قبلهُ راهبًا، فنقرأ في «سيرة باخوميوس»: «بعد أن اختبره لمُدّة ثلاثة أشهُر كاملة وجد فيه من العزم والشجاعة الشيء الكثير، فقام حينئذٍ وأخذ الزي الرَّهباني مع المنطقة، ووضعهُما على المذبح، وقضيا الليل كلّه في الصلاة على الملابس ولمّا طلع النهار ألبسه إيَّاها وهُما يُمجِّدان الله فرحين». كذلك ينُص القانون السَّادِس عشر من قوانين القديس باخوميوس على أنَّ المُبتدئ بعد أن يتعلَّم المزامير و”معرفة الإخوة“ يُلبِسونه الزي الرَّهباني. وكان الزي الباخومي يتكون من جلاَّبية بدون أكمام، منطقة،عباءة من جلد الغنم، قُلنسوة، وصندل. وفي بعض الاحيان يشير مصطلح «إسكيم» إلى الزي الرَّهباني وبصفة عامَّة إلى الحياة الرَّهبانية، يتكرَّر مرَّات عديدة، كما يرِد أيضًا في كِتابات إيڤاجريوس البُنطي وسرابيون (تنيَّح عام 362 م.) وعادَّة يُسمَّى الزي الرَّهباني باسم «الزي الملائكي».، ولربما ما يرتديه الراهب من القلنسوة، وهى التى تشبه قلنسوة الأطفال التى تضفى على الراهب الشكل الطفولى الملائكى من البساطة والبراءة، وكما قال السيد المسيح «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ." (مت 18: 3).