هاني صبري - المحامي
مقتل سلمى الطالبة بأكاديمية الشروق بالقرب من محكمة الزقازيق، وذلك على يد المتهم إسلام محمد حيث طعنها عدة طعنات بسكين كان بحوزته، أثناء دخولها مدخل عقار محل عمل إحدى صديقاتها، فباغتها بمنتهي الغدر بعدة طعنات فسقطت أرضاً  قاصداً إزهاق روحها، محدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها.

وأنه قد أُلقي القبض على المتهم حال دخوله العقار محل الواقعة. وجارٍ استكمال التحقيقات مع المتهم من قبل النيابة العامة. والتي أمرت بالتحفظ على السلاح المستخدم في الجريمة وما علق به من آثار، وتحفظت أيضاً على هاتفي المجني عليها والمتهم، كما أمرت بفحص كافة الآثار المادية المرفوعة بمسرح الحادث، وحددت عددًا من الشهود الذين رأوا الواقعة خلال ارتكابها لسماع شهادتهم.

يزُعم آلمتهم أن دافعه للقتل إنه يحبها أيّ حباً هذا فهو نفس تدثرت برداء حب زائف مكذوب واختلطت عنده المفاهيم الرغبة صارت حبا والقتل لأجله انتصارا لأنانيته ولخياله المريض وهذا المجرم تجرأ على قيم المجتمع وعلي القانون وعلى معاني الحب الحقيقية.

إن المتهم ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد المجني عليها ، وثابت في حقه جريمة القتل العمد من قيامه بطعن المتوفاة إلى رحمة مولاها أكثر من طعنه بسلاح قاتل ، وتوافر في حقه ظرف سبق الإصرار من اعتياده التعرض للمجني عليها وتهديدها وكونه أعد سلاحا للجريمة ، أما ظرف سبق الترصد فثابت في حقه من كونه انتظرها في مكان قدومها للغدر بها والنيل منها بغرض قتلها.

إن ما ارتكبه هذا القاتل يعد جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد ومقترنة بجنحة حمل سلاحاً ابيض (سكينه).

وأن هذه مثل الأفعال الإجرامية من قبل المتهم تعد جريمة نكراء يندي لها الجبين وإنعدمت منه الإنسانية والرحمة والضمير ، وليس للقاتل ثمة أي مبرر لإزهاق روح إنسانة بريئة مسالمة لا ذنب له.

حيث إن ما اقترفه المتهم يشكل جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وفقاً للمواد ( ٢٣٠ ، ٢٣١ ) من قانون العقوبات .

وقد أوجبت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو الترصد . حيث تنص المادة (٢٣٠ ) كل من قتل نفساً عمداً مع سبب الإصرار أو الترصد يعاقب بالإعدام .

فقد فرق قانون العقوبات فى العقوبة بين القتل المقترن بسبق الإصرار والترصد، وبين القتل دون سبق إصرار وترصد، فالأولى تصل عقوبتها للإعدام وفقاً  للمادة 230 عقوبات ، والثانية السجن المؤبد أو المشدد

حيث تنص المادة 234 /3 من قانون العقوبات على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى.

حيث إن المتهم ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد المجنى عليها، واستخدم المتهم سلاحه وكبرياء ذاته فى قتل المجني عليها ، ولترويع الآمنيين، ويجب عدم استخدام الشفقة أو الرحمة مع هذا القاتل .

تجدر الإشارة أن سبق الإصرار والترصد هما ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد .

١- توافر ظرف سبق الإصرار لدى الجاني بارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في هدوء وروية . ولمحكمة الموضوع أن تستنتجه من وقائع الدعوى وملابستها والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره فى نفسه ، ووجود خلافات بين المتهم والمجني عليها وإعداد سلاح أبيض لتنفيذ قصده ، والتخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة .

ويقوم ظرف سبق الإصرار على عنصرين :-
الأول : نفسي وهو إمعان التفكير فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل فى الواقع ذات الإصرار .

والثاني : زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة فى ذهن الجاني وعزمه عليها وبين تنفيذها ومقدار القوة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للجاني فى حالة من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال أنه ارتكب الجريمة بعد تدبر، وفِي الجريمة الماثلة كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً فى ذهنه حيث قام المتهم بالتخطيط لجريمته وتتبع المجني عليها وما أن ظفر بها حتى قام بطعنها عدة طعنات قاصداً إزهاق روحها ومن ثم توافر ظرف سبق الإصرار قبل المتهم.

٢- توافر ظرف الترصد قبل المتهم ، والترصد معناه  تربص الجاني للمجني عليها فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومها إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأتها بالاعتداء عليها ، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليها لمباغتتها والغدر بها لدى وصولها لتحقيق غاية الإجرامية.

ويتكون ظرف الترصد من عنصرين :-
أولهما : زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر, ثانيهما : مكاني ويتطلب انتظار الجاني للمجني عليها فى مكان ما .

وجدير بالذكر أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد يكفي لتشديد العقوبة للإعدام، والترصد يخضع فى إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف وبشهادة الشهود ، ولما كان المتهم قد ترصد المجني عليها بالمكان الذي أيقن وجودها فيه لتنفيذ جريمته الشنعاء التى هزت المجتمع وأحدثت حالة من الصدمة والحزن الشديدين لدي الكثيرين، وسوف ينال هذا القاتل جزاء جريمته .

لذلك نطالب بتوقيع أقصى عقوبة مقررة على المتهم في القانون وهي الإعدام شنقاً وذلك لتحقيق الردع العام ، ولمنع كل من تسول له نفسه العبث بحياة المواطنين الأبرياء ، وحماية المجتمع من هذه الجرائم البشعة التي تكررت في غضون شهور قليلة .ومثل هذه الأفعال الإجرامية قد تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمع.