نبيل المقدس 
إندلعت النيران فجأة بين صفحات الفيس البوك حول فنانة كانت ترتدي فستان سهرة يكشف الكثير من جسدها في حفلة فنية .. فجأة تنقبت مصر من خلال الكثير من شعبها في صورة نقد لاذع يسيئون إلي صاحبة الفستان ولم يوقفوا الضرب واللكم , حتي تبرر لنفسها أن بطانة ذيل الفستان خرج من مكانه .. وكأن هذا التبرير رد شرف للذين صارت لهم صورة التدين , لأنهم في الأصل مرآؤون هذا الزمن الحالي.

     قام هؤلاء المرآؤون بإرسال البلاغات, إن ما قامت به الممثلة رانيا يوسف بظهورها أمام الكاميرات وعدسات المصورين بفستان فاضح أشبه بالبيبى دول أثناء حفل ختام مهرجان القاهره السينمائى الدولى يعد انتهاكا صارخا للقانون ويعاقب عليه وفقا لنص المواد 278 من قانون العقوبات ـ والمادة 1 والمادة 14 من القانون رقم 10 لسنة 1961الخاص بمكافحة الدعارة.

    لاحظت أن من قدموا البلاغات أكيد ليسوا من رواد هذا المهرجان .. فهذا المهرجان يضم فئة معينة من طبقة إجتازت هذه المرحلة من التفاهات وهذه الأفكار الضيقة جدا والتي لا تناسب هذا العصر .. كما أن هذه التهمة دخلت تحت المواد القانونية لسنة 1961 الخاصة بمكافحة الدعارة .. وهذا لا يصح ابدا أن نلقي التهمة هذه لإحدي أعظم وأرقي المهراجانات العالمية في عالم السينما .. 

     تقريبا كانت بداية انطلاق هذا المرجان في سنة 1976 وأخذت مسيرها متخطية الكثير من الصعوبات والمشاكل .. هذا المهرجان شق طريقه وسط بداية ظهور التدين الوهمي والتطرف الذي كان وقتها غريبا وجديدا ومن الصعب ان يستوعبه المصري الأصيل ... هذا الجدل حول موضوع تافه يحط من سمعة هذا المهرجان الأصيل والذي يمثل المرآة لمصر .. أتذكر في الثمانيات من القرن الماضي كانت العائلات بجميع طبقاتها يصطفون علي جانبي الطريق المُؤدي إلي مكان المهرجان بالأعلام المصرية والزغاريد والرقص عندما تمر مجموعة من الفنانين والفنانات .. وكانت الفنانات يلبسن ملابس السهرة الذي كان يبهر الرجال والنساء .. فكانت الفساتين أغلبها عاري الظهر كما كانت هذه الملابس تتميز بفتحة الصدر الواسعة .. لكن كان الشعب يتقبل هذه الموديلات ببساطة شديدة ولا يخطر علي بالهم اي فكر نجس أو دنيء . 

     ماذا لو مرآؤون سنة 2018 رأوا شعار المهرجان الدولي للسينما لسنة 1976 "  " CIFF والمرفق مع هذا المقال وهو عبارة عن لوجة فنية لسيدة تلبس فستان طويل شفاف يظهر مفاتنها بالتفصيل وهي في نفس الوقت تعبر عن مصر ..  أتخيل لو كان هؤلاء المرآؤون الموجودون في هذا الوقت كانوا بعثوا بـ 100000 بلاغ ضد صاحب فكرة المهرجان كمال الملاخ ... فدرجة العري هي عملية نسبية طبقا للعصر نفسه ولطبيعة المكان الذي تذهب أصحاب الفساتين التي يٌقال عنها فاضحة .

    هل معني هذا أن الزمن الجميل سوف لا يعود مرة ثانية .. فقد لاحظت أن كل ما شعب مصر يتجه نحو التدين يزداد غلاظة وكراهية لنفسه أولا ثم عنفا ضد الأخر الأقلية  ... فالتدين لا يخرج إلا من جماعة مرآؤون .. يعظون بالقيم الدينية ناسيين أن الإنسانية ومبادئها لها أيضا قيم وأخلاق .. فلولا الإنسانية لا تقبل الإنسان الدين أو العقيدة .. هؤلاء المرآؤون يحللون لأنفسهم ما يحرمونها علي الغير ... فنحن الشعب المصري الأصيل لنا روح العقيدة ... ولنترك لهؤلاء المرآؤون صورة التدين يفرحوا به ... !!!