نبيل المقدس 
بالصدفة وأثناء بحثي عن موضوع كان يشغلني .. وجدت كلمات لم أكن أتوقعها كتبها شاعرالعامية الفنان صلاح جاهين عن طبيعة السيد المسيح .. وبصراحة تعجبتُ أن الكلمات التي وضعها جاهين بحرفية كبيرة , تكاد تصف وتشرح طبيعة المسيح .. حتي أنه نسبيا تفوق فيها عن أي عالم لاهوتي في
 
وضع السيد المسيح في المكانة الحقيقية كما نؤمن به نحن الذين نتبعه ... تقول الكلمات : -
ظهر المسيح الحي علي سفح ربـــــــــــوة ...... و نزل بهالة الضي و قعد في قهــــــــــوة
بصوا .. تعالوا .. قالوا خليه في حالـــــــه ...... الناس في حالهم يا بني .. مالهمش دعوة
عجبي !!! 
 
غسل المسيح قدمك يا حافي القدم ...... طوبي لمن كانــــــوا عشانك خدم
صنعت لك نعليك أنـــــــــا يا أخي ....... مستني إيه ما تقوم تدوس العدم
عجبي !!!!
 
نؤمن نحن المسيحيين أن المسيح يتكون من " طبيعتين " ، هما " اللاهوت " ، و " الناسوت " ، وقد اتحدتا و صارتا " واحداً فى الجوهر أو فى الطبيعة " ، و نتج عنهما " وحدة فى الطبيعة " أو " طبيعة واحدة " ، التى هى طبيعة " الله الكلمة المتجسد " ، ولكن بدون امتزاج أو اختلاط أو استحالة . فالمسيح هو إله متأنس ، وليس إلهاً وإنساناً ! ولنا مثال واضح ومعروف لدي الجميع هو اتحاد " الجسد " مع " النفس " ، حيث تتحد طبيعة النفس الروحانية بطبيعة الجسد المادية الترابية ، ويتكون من هذا الإتحاد " طبيعة واحدة " هى " الطبيعة البشرية " . وبالرغم أن الإنسان تكوَّن من هاتين الطبيعتين ( الجسد والنفس ) ، إلا أننا لا نقول عنه مطلقاً إنه اثنان ، بل إنسان واحد . وكل أعماله ننسبها إلى هذه " الطبيعة الواحدة " . فنقول : أكلَ [فلانٍ] أو جاع أو تعب أو نام أو تألم ولا نقول إن [ جسد فلان] هو الذى أكل أو جاع أو تألم ...إلخ ، لكننا ننسب هذا الأمر إلى الإنسان كله ، وليس إلى الجسد فقط . كذلك كل ما كان يفعله المسيح كان يُنْسَب إليه كله ، وليس إلى لاهوته وحده أو إلى ناسوته وحده .. فنقول : أن المسيح أقام لعازر من الموت .. أو ألمسيح أشبع الخمسة الآف شخص .. أو المسيح جعل العُميّ يبصرون ... إلخ . 
 
نرجع إلي أجمل ما كتبه صلاح جاهين عن المسيح ففي الشطرالأول من البيت الأول يذكر أن المسيح حي .. وفعلا نحن نؤمن أن المسيح بعد ما مات قام و صعد أيضا حيا .. كما أن ذكر كلمة " ظهر " فقد ترددت كثيرا في الإناجيل الأربعة .. فقد ظهر للمريمات عند القبر وظهر لتلميذي عمواس وظهر للتلاميذ مرتين مره في غياب توما المتشكك والمرة الثانية مع وجوده ... فكلمة (ظهر) لها إرتباط وثيق بالمسيح .. 
 
مع تتبع هذا المقطع من شعر صلاح جاهين نجده متأثرا بحياة المسيح وكان أمينا في تصوير حياته علي الأرض .. فقد صوره بالملك " النازل " و علي رأسه هالة من الضيء والنور .. فابدع عندما وصف مجيئه بالنزول , وكلمة النزول هي كلمة كتابية وتعني النازل من السماء .. وبدل ما يعيش الملك في اعالي الربا فقد جسد حياة المسيح بجلوسه علي القهوي " تصوير مجازي " مشيرا بالأماكن الشعبية حيث فيه الفقراء والبسطاء .. كما أن الجلوس علي القهاوي "| تصوير خيالي" يدل ايضا انه جلس مع العشارين والفريسيين ... كان في حاله يجول يعمل خيرا بين البسطاء و اصحاب المراكز حيث شفا ابن قائد المئة . 
 
ان السيد المسيح قدم اعمالا عظيمة منذ بداية خدمته، وها هو بعد أن إنطلق نحو الاب، قدم لنا دروسا في الخدمة والبذل والحب الى المنتهى. انه بتواضعه مارس عمل العبيد بغسل اقدام التلاميذ .. وهذا ما عبر عنه صلاح جاهين في شعره بقوله " غسل المسيح قدمك يا حافي القدم ...... طوبي لمن كانــــــوا عشانك خدم " .. نجد من خلال الكلمات كأنه يقول الأية التي جاءت في فيليبي 2 : 7 " لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد " .. ويكمل ويقول يا بخت من كانوا له خدم ... في هذا المقطع يلخص حادثة غسل المسيح أرجل التلاميذ لكي يعلمنا درسا عمليا عن معني التواضع الحقيقي. 
 
أما البيت الأخير فهو تعبير جميل لوصية المسيح للتلاميذ أن " يذهبوا إلى العالم أجمع ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " فقد أعد لهم نعال لكي يقوموا ويذهبوا إلي اماكن عدم " اي بلاد الأمميين الذين لا يؤمنون بالله لكن متخذين التماثيل ربا لهم " ... !! 
 
تقديري لك يا شاعرنا الأمين في كلماتك وليس لدي شيئا أقدمه لك إلاّ أن أرفع قبعتي إحتراما لشجاعتك في إظهار الحق ..!! هكذا هو الشاعر الذي تدوم ذكراه الاف السنوات .. !