في وقت غير مناسب إتصل بي حفيدي الدكتور في الموبايل .. أجبته خير يا ابني .. قال لي وهو يضحك ضحكة لها مفهوم أنه أمسك علي ّ فضيحة كبيرة وأكمل كلامه مع تعمد الضحك بعد كل كلمة , وملخص كلامه أنه ظبط رسالة لونها بمبمي في ظرف لونه بمبي .. ومرسوم علي الرسالة ورده حمراء وسمعته يقول لي : "هو يا جدو في وردة حمراء تترسم علي ورقة بمبي ؟؟" .. قلت له :  خير انا لغاية دلوقتي مش فاهم حاجة وإيه حكاية الرسالة دي ؟ .. قال لي : شوف يا جدو انا وأختي إتفقنا أننا نحاول نغطي الموضوع إن لم تقول لنا أيه سر " إنك مش هتنسي ابدا " إلساعة أربعة من كل يوم بعد الظهر ؟؟ تعجبت وقلت له : " وضح يا ابني  رُكبي  بدأت تسيب" .. قال لي :  بصراحة انا وجدت رسالة ليك من واحدة حبيبتك أوي وهيمانه فيك جدا إسمها " فاتن يمامة " بتاريخ ديسمبر 1966 .. ويكمل كلامه بسرعة : ماتخفش يا جدو سرك في بير ورجع مرة أخري للضحك .. قلت له أنا مش فاكر يا ابني .. أخذ يضحك بصوت عالي ويردد " أنت خائن خائن ياجدو " طبعا كان بيهزر .. وقفل الموبايل .. لأنه بدأ يركن العربة . 
 
 ألقيت نفسي علي كرسي المكتب وأخذت استرجع كلام حفيدي " إللي إعتبره سر خطير " .. حاولت أن أفتكر موضوع الساعة الرابعة من كل رأس سنة ميلادية .. لم تسعفني الذاكرة وقتها .. فأخذت القلم وفتحت كتاب تفاسير لكي أكمل منه ما كنت قد وقفت عنده في صباح هذا اليوم .. وأدون في مفكرتي بعض روائع الوعاظ .. لكن حاولت أن اركز في ما هو مكتوب أمامي ولم أفلح .. كل تفكيري بدأ يتوجه إلي تهديدات حفيدي المضحكة .. لكن عن نفسي وجدتها أمر مفرح لي لكي أعيد ذكرياتي مع من عاشت معي حياة الكفاح حتي أتينا بهؤلاء الأحفاد .. 
 
 رن الموبايل أثناء مشاهدة فيلم حياتي وإذ بصوت إحد الأصدقاء من محافظتي و كان في نفس الوقت زميل في الدراسة الجامعية .. قال لي وبسرعة شوف يا منير يا أخويا أنا دلوقتي علي محطة أسيوط  "  هركب قطر االساعة 4 المجري يعني هوصل عندكم القاهرة في حدود 9 – 10 مساء .. انا هنتظرك علي المحطة " وهسلم عليك عشان هطلع علي المطار علي طول " .. قلت له يعني بعد 45 سنة ما شوفتكش عايزني اشوفك لمدة 5 دقائق .. ده انا عايز حوالي ساعة عشان أعرفك بعد العمر الطويل ده .. قال لي اوعي تنسي الميعاد .. 
 
أخذت أفكر في ميعاد صاحبي أنه ميعاد جاء في غير محله حيث عليّ ان أقضي وقتي هذا مع عائلة ابني واحفادي كعادتنا في كل ليلة رأس سنة جديدة .. وقلت في سري يعني مالقاش إلا قطر الساعة اربعة المجري ويركبه .. وهنا توقفت عند كلمة " أربعة المجري " وفجدأة وجدت نفسي أنط من الفرحة واقول بصوت عالي وجدتها وجدتها .. ونزل علي الضحك بهستيريا لكن في نفس الوقت لم أستطيع أن أوقف دموعي التي إنفجرت كالشلال .. من فرحتي ولذة الإشتياق لفاتن يمامة إستلقيت علي اقرب فوتيه لكي أسترجع واكشف  سر الساعة  أربعة بعد الظهر . 
 
 كانت فاتن يمامة " وهذاةاسمها السري في الخطابات فقط " زميلة لي في الكلية لكنني كنت أسبقها بسنة .. تواعدنا أن نكون لبعضنا إلي الأبد .. سافرت إلي مكان تكليفي .. وفي أول ليلة رأس سنة تركتها صممت أن اراها في هذا اليوم كما كنا تعودنا في السابق عندما كنت معها في الكلية .. رجعت إلي بلدتي لإجازة يومين .. وفعلا بمجرد وصولي إلي البلدة إتصلت بها .. وكم كنت سعيدا بها .. كان هذا اليوم هو ليلة رأس السنة االجديدة .. وافترقنا علي ميعاد باكر علي محطة القطار حيث سوف أستقل قطار اربعة المجري .. وفعلا أتت وكانت أختها معها وبإختصار شديد وقبل أن يتحرك القطار قالت لي ودموعنا إختلطت مع بعضها علي حافة الرصيف قالت لي " عايزك تعاهدني كما تعاهدنا من قبل أن نكون لبعض إلي الأبد " .. رددت لها العهد " وغلاوتك يا سامية كل يوم الساعة اربعة  سأردد هذا العهد .. سوف أكون ليكي للأبد " وتحرك القطار ... حتي أعد لها مكان حياتنا ... وفعلا ربنا وفقنا بعد سنة أن نكون لبعض إلي الأبد " .. وهذا ما تحقق فعلا فبعد كفاحها المرير في تربية أبنائي وكان لأحفادي من إبني النصيب أن يتربوا في إحضانها .. لكن الرب  أخذها مني لكي يتحقق العهد وأبقي لها إلي الأبد ..!! 
 
 شكرا لإحفادي .. لأنهم أعادوا لي هذه الذكري الجميلة ..... فعلا أحلي حاجة في الزواج هو العهـــد بين الزوجة والزوج ..!!  
 
لكل عائلة تمنياتي لهم بأعياد كلها خير وحاولوا دائما في هذا اليوم أن تجددوا عهودكم لبعض ... بين الأب وألأم والأبناء .... وكل سنة وانتم طيبين ...!