كانت الأم تحمل التراب وتضعه على رأسها، والزوجة أمام ثلاجة الموتى: «عاوزة أشوفه». وصل «ملاك»، صاحب محل كوافير بعزبة النخل بالقاهرة، إلى المستشفى غارقًا في دمائه، إثر طعنات تلقاها على يد مالك العقار، «اتخانق معاه علشان يافطة محله عاملها بانر خرجت على الرصيف».. وفق شهود العيان وأسرة المجنى عليه.

«أحلام»، زوجة صاحب محل الكوافير، تذكرت يوم الجريمة والألم يعتصرها باكيةً: «دفنتك يا حب عمرى.. ودِّيتك مكانك الجديد»، وتسترجع تفاصيل اليوم: «(ملاك) نزل يفتح المحل مع بنوتة شغالة معانا، لحد ما أعمل فطار لعيالى الصغيرين، وبعدين اتصل عليّا وقال لى: انزلى فيه زبونة جاية ليكى.. بعد شوية لقيت تليفونه بيتصل عليّا، لكن المرة دى لقيت البنت مساعدته بتصرخ: إلحقينى.. إلحقينى.. راجل ضرب عمو ملاك بالسكينة».

«أحلام» وهى تتحرك إلى المحل تلقت اتصالًا من الفتاة المساعدة: «الناس قفلوا المحل.. بيقولوا لك: ماتجيش هنا.. وهُمَّه خدوا عمو ملاك على المستشفى»، لكنها توجهت إلى موقع الجريمة، حيث تقول: «لقيت دم جوزى سايح على الأرض».

هنا جار يبكى، وآخر يخبئ وجهه بين كفيه، وثالث ينظر إلى السماء ودموعه تغرق عينيه، هكذا وجدت زوجة «ملاك» الأهالى بالمستشفى، حين سألتهم: «فين جوزى؟»، فلم يجبها أحد، فقالت لهم: «مالحقتش أشوفه.. كنت نازلة له بعد ما اتصل بىّ»، فكررت السؤال على الأطباء، فقالوا لها: «البقاء لله».

الزوجة اتصلت بحماتها تبلغها بالخبر الحزين: «تعالى ابنك مات.. صاحب البيت قتله».. الأم المكلومة حضرت، وكانت تهيل التراب على جسدها، غير مصدقة: «معقولة ابنى مات.. كان نايم في حضنى إمبارح.. جه زارنى وقالِّى هنام جنبك.. هو أنت يا ملاك كنت بتودعنى؟!».

زوجة «ملاك» راحت تمسك بالفتاة العاملة بالكوافير، وتسألها: «إيه اللى جرى؟»، ثم تلتفت إلى الأهالى: «مش ممكن تكون خناقة وجوزى متعور بس؟!»، الفتاة تقول لها: «(محمود)، صاحب البيت، اتخانق مع عمو ملاك، علشان حاطط يافطة المحل بينه وبين محل جارنا، بتاع الفراخ، واليافطة خرجت شوية على الرصيف في الشارع، وقال له: خلاص هشيلها.. عيب الناس هتتفرج علينا.. و(محمود) طلع بيته، ونزل بالسكينة وضربه في صدره، وقع على الأرض، وبعدين كمِّل ضرب فيه بالسكينة».

الفتاة تحكى لزوجة المجنى عليه: «الناس شالت عمو ملاك وحاولوا يوقفوه وقع تانى على الأرض، وكانت روحه طلعت».. وتكمل الزوجة: «محلنا صغير، واليافطة بنحطها لبرة شوية، وصاحب البيت مستأجر لنا بسعر رخيص من 8 أشهر، وحاسس بغيرة لأننا شغالين كويس والناس كلها بتحبنا».

«أحلام» بكت وأشارت إلى طفليها، أكبرهما 8 سنوات: «بيسألونى بابا فين؟»، تقول: «كنت بقول لهم: راح للسما في مكان أحسن.. بس الصغير قال لى: بابا اتقتل»، وتضيف: «لم أتمالك نفسى وابنى بيقولها، وبسأل: مين هيعولهم، جوزى العائل الوحيد لينا.. وحين طالعت فيديوهات وسمعت كلام شهود العيان عرفت إن جوزى اتقتل غدر.. حبيبى مات شهيد لقمة العيش.. كان رايح ياكل عيش.. جوزى كان بيقول للمتهم عيب، فقطع له القميص وقال له (خلصانة) بعد تدخل الجيران.. وطلع جاب سكينة وضربه غدر، وبعدها غيّر هدومه ونزل الشارع يشرب سجاير».

الأهالى أدانوا سلوك المتهم، وقالوا: «ده بتاع مشاكل»، وعيّنت أجهزة الأمن حراسة على محل «الكوافير»، لحين انتهاء النيابة العامة من التحقيقات، بعدما قررت حبس مرتكب الجريمة احتياطيًّا.