كتب - محرر الاقباط متحدون 
قال الكاتب حسام الدين :" بيحكي المُمثل «أحمد كمال» إن المخرج داود عبد السيد كان بيشتغل بشكل مُثابر على ضبط إيقاع محمود عبد العزيز في الكيت كات ، حسب رواية أحمد كمال ، محمود عبد العزيز كان مُقتنع إن الفيلم تقيل جدًا و يجب تخفيفه جماهيريًا ، من آن لآخر كان بيخفف المشهد بدُعابة أو لازمة من لزماته المعروفة ، و في كل مرة كان داود عبد السيد بيرده لمنطق الشخصية ويقوله حتى لو أردت تخفيف الأمر ، لازم منطق الدُعابة ينبع من روح الشيخ حسني مش لزمات محمود عبد العزيز، المُثير إن كل اللي مثلوا مع داود عبد السيد ، من أول أحمد زكي و نور الشريف و محمود عبد العزيز وصولًا لآسر ياسين ، بيفضل عملهم معاه له بصمة خاصة ، مش لازم يكون أحسن أو أسوأ حاجة عملوها ، لكن القاسم المٌشترك إن الشخصيات اللي مثلوها أصيلة في ذاتها ، لم يُعكرها لزمات الممثلين الشهيرة أو حركات الجسد و العين و الحاجب. وحتى لو حاولت تقلد ممثل من دول في فقرة ترفيهية صعب تستدعي شخصية من شخصياتهم مع داود عبد السيد لإنها مستوعبة بالكامل لصالح العمل و لا تحمل شيء من روح النجم ودا بيدل على رؤية مُخرج مُتحكمة كليًا في المُمثل ، الممثل هنا بيبيع روحه زي فاوست للشخصية.
 
وفيما يلي نص منشوره عبر حسابه على فيسبوك :" 
الكونسبت دا مُخيف لكتير من المُمثلين ، بيع روحهم السابقة زي فاوست لرؤية مُخرج يرى قلب العمل أكتر منهم ، و أقل إنشغالًا بمسيرتهم و شباك التذاكر ، هتلاقي فيلم الحريف كمثال ، عادل إمام بيقدم نسخة مُظلمة جدًا من إنسان مُهمش في مدينة توشك على إبتلاعه ، تجربة خالدة سينمائيًا ، لكن تجاريًا تجربة لعنها عادل إمام و خرج بسرعة من جلدها و من عالم محمد خان لأفلام أكتر خفة ، ( مفيش في فيلم الحريف كادر واحد عادل إمام مثل فيه لغة جسده المعهودة زي رفع الحاجب و الغزل و خلافه ) .
 
لا يعني ذلك إن ديكتاتورية المُخرج شيء مُحبب، لإنها عملية ماشية في الإتجاهين ، مُمكن إرتهان الممثلين أرواحهم لمخرج مرهق تطلع عمل سييء ، زي كتير من أعمال يوسف شاهين اللي كان الممثلين فيها إمتداد لذاته مش للعمل بيتحركوا ويتكلموا بنفس لزماته العصبية ، هنا لم يرتهنوا أرواحهم لروح العمل إنما لروح المخرج نفسه لإن في مدرسة شاهين الفيلم ذاتي لدرجة إن ذاته و هواجسها هي روح العمل ( بعض أفلام شاهين فيها إستحواذ شيطاني أشبه بأفلام الرعب فيه المُمثل بيتقمص روح شاهين بشكل كاريكاتوري كالممسوس )
 
في مدرسة كياروستامي مثلًا فيه قدر عظيم من العفوية والتدفق و ترك الحُرية للممثل ليُملي عليه سياق المشهد ما يفعله ، جولييت بينوشيه ، كانت بتحكي إنها خلال تصويرها فيلم مع مخرج بيخرج لأول مرة ، كان يفترض بها لمس مقبض الباب ،لكنها لم تفعل ، قطع المخرج المشهد بعنف و أخبرها أن تلمس المقبض دون تفكير ، أخبرته جولييت بينوشيه أن مدرسة مُخرجين زي كياروستامي أعظم منه بمراحل علموها شيء واحد ، أن يترك المخرج محاولتين أو ثلاث للممثل ، براح صغير خارج أسر السكريبت ، حسب تعبيرها « يُمكن عبره أن يمنحك المُمثل مُعجزة ما » ، أخبرته برفق أن المخرج يدين للممثل بتلك المساحة و بعدها يسلم الممثل نفسه لديكتاتورية النص.
 
في رأيي عملية الإستسلام كممثل لرؤية شعرية لمخرج شيء مش سهل ، خصوصًا في سينما زي بتاعتنا ، النجم أقوى من المٌخرج ، عشان كدا هاجس القلق عند كل النجوم المصريين كان أكبر من المخاطرة و حصيلة التحف السينمائية المحلقة برا السرب في تاريخهم كان قليل جدًا نسبة لتاريخ النجوم الفني الممتد عند بعضهم لأكتر من 3 عقود .
 
بعض المخرجين العظام زي سكورسيزي و تارانتينو هربًا من الإشكاليات دي لا يُغيروا الكاست إلا نادرًا ، تثمينًا للكيميا اللي وجدوها مع ممثلين بعينهم ، فهم أكتر ، مقاومة أقل. 
 
  في رأيي الشخصي لا يولد مُمثل عظيم إلا بصفقات فاوستية ، ببيع متطرف و جذري لروحه لمبدع تلو الآخر ، عملية شديدة المُخاطرة و الصعوبة ، و يكاد يُقامر الممثل بمسيرته كل مرة فيها ، لكن مفيش تحفة عظيمة في السينما لم تنتج عن مُخاطرات زي دي.