الحب لله هو الإيمان، والحب للناس هو عمل الخير، والحب للأقربين هو الود والرحمة، والحب على نطاق التخصيص والتمييز هو العشق.. والفرق بين الهوى والحب، هو: أن الحب مرتبط بالوفاء أو الوعد الصادق به.
 
الحب مادة حرمان، بمعنى أنه إذا نقص من حياتكم لا تحسون بالحاجة إليه، ولكن حياتكم تضطرب بدونه اضطرابًا شديدًا، تحاولون تعويضه بالثروة أو الشهرة أو الجنس الآخر ولكن دون فائدة، تمامًا مثل اليود أو فيتامين C إذا نقصا من حياتكم لا تحسون بالحاجة إليهما، ولكنكم تموتون بـ«الاسقربوط» أو «مرض الغدة الدرقية»!.. هذا غير الطعام أو الشراب، تحسون بالجوع أو العطش، إذن فهما ليسا من مواد الحرمان.
 
لا ينجح حاكم مع شعبه إلا إذا أحبه، وهذا هو الفرق بين المصلح Reformer، والسياسى.. الأول يحب شعبه، والثانى يحب منصبه، كما لا ينجح أب إلا إذا أحب أولاده، أو زوج إلا إذا أحب زوجته، أو طبيب إلا إذا أحب مرضاه، ولا عامل إلا إذا أحب عمله.
 
تقولون: «شوف الزهور واتعلم»، وأنا أقول لكم: «شوفوا حتى الجماد واتعلموا».. سلام المادة قائم على الحب، وما تسمونه جاذبية بين الشمس وكواكبها أو نواة الذرة وإلكتروناتها إنما هو خيوط الحب، وحين تدخّل الإنسان وخلق حالة كراهية أو تنافر أو انشطار بين مكونات الذرة حطّم هيروشيما، ودمّر نجازاكى.
 
كان الأستاذ العقاد يرانى عواطف كثيرة ولست بعاطفة واحدة، ومن هنا كنت أقوى وأعنف من أى عاطفة تواجهكم على انفراد!. تجدون فىَّ حنان الأبوة، ومودة الصديق، ويقظة الساهر، وضلال الحالم، ومن الصدق والوهم، ومن الأثرة والإيثار، ومن المشيئة والاضطرار، ومن الغرور والهوان، ومن الرجاء واليأس، ومن اللذة والعذاب، ومن البراءة والإثم!.
 
أنا الحب ترجمان لإرادة النوع، فكيف لا أنطق بكل عاطفة يتسع لها كيان الإنسان؟!.
 
فى دراسة للعالمة هيلين فيشر «جامعة روتجرز» عن التغيرات البيوكيماوية التى تحدث أثناء الحب، وجدت الـ «فنيل إيثيل آمين (P.E.A)» الذى يجعلك تسير فوق السحاب وتغنى مع عبدالحليم حافظ: «اسبقنى يا قلبى».. أيضًا «الأمفيتامين»، الذى ينظم طعامك ويجعلك غزالًا، لذا قالوا: «السمنة هى غياب الحب!». أيضًا «السيروتونين» هرمون السعادة، أيضًا «التستوستيرون» عند الرجال، و«الإستروجين» عند الإناث، كذلك «البيتوسن» المسؤول عن الرغبة.. ويبقى السؤال: هل هذه المواد تفرز فتؤدى للحب، أم الحب أولًا يؤدى لإفراز هذه المواد؟.
 
يظل السؤال كالبيضة والكتكوت، أيهما قبل الآخر؟!
 
هذه الحياة بكل متاعبها لا يخفف عنكم أثقالها وآلامها إلا وجودى فى حياتكم، ذلك لأنى أجعل أجسادكم تفرز مادة مثل المورفين اسمها «إندورفين»، وهى التى جعلت نجيب الريحانى يقول لليلى مراد: «عشانك إنتِ أدخل النار وألقح جتتى!».
 
أخيرًا، حين سألوا العقاد عنى: هل الحب أمنية نتمناها أم مصيبة نتقيها؟، قال: هو مصيبة واجبة الاتقاء إذا كنت تحمل به نفسًا تريدها وهى لا تريدك، ولكنه أمنية وعزيزة المنال حين تنطلق النفسان على أجنحة الخلود، وما من محبين إلا واتفقت لهما هذه الرحلة السماوية فى سهوة من سهوات العمر والأيام.
نقلا عن المصري اليوم