Oliver كتبها
- عجيبة هى كلمة الرب.أذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله.أنظروا إلى( نهاية سيرتهم) و تمثلوا بإيمانهم.عب13: 7.لأن نهاية الكثيرين لم تكن كبداياتهم.كان أفضل ما لهم هو النهايات.متى العشار و زكا العشار و شاول الطرسوسى و اللص اليمين و غيرهم نماذج رائعة لمن كانت  نهاياتهم أجمل ما فيهم.كأن هذه الآية ترسم لنا سيرة القديس أوغسطينوس.فمن بدايات متعثرة بمزيج من الشرور و كثير من المعتقدات الردية إلى نهاية مقدسة فيها صورة المسيح المشرقة و فكر الروح القدس كالمنارة.فيها كيف أن خميرة صغيرة من صلاة نقية تخمر الحياة كلها بالمسيح.
 
- أغسطينوس نموذج رائع لإستجابة الصلاة .لم تكتب أمه القديسة مونيكا كتباً و لا كانت قامة فكرية تجيد الإقناع و التفسير لم تكن مرشدة مختبرة و صاحبة مواهب خاصة بل كانت أم بسيطة مؤمنة . داومت على الصلاة واثقة فى قلب الله  الأب و الأم للبشر.لم تكل و لم تفتر سنوات إلحاح على الله لأجل أبدية إبنها أغسطينوس .كان الله يصبر لكي يصنع من مونيكا قديسة الصلاة و يصنع من أغسطينوس قديس التوبة فيخلصان معاً.مما يطمئن كل أم و أب أنه مهما تمادى الأبناء فى تمردهم لأبعد مدى فإن يد الرب عنهم ليست بعيدة .يستجيب الصلاة و يعمل لتوبتنا و يردنا حين نخضع لعمله.
 
- جسديا كان أبوه وثنيا و أمه مسيحية.روحياً كان قدوته أسقف يعتنق المانوية (خليط من ديانات فارسية و بوذية و مسيحية) إدعى مانى أنه هو الروح القدس .كان الأسقف المانوى شهوانى.الويل لمن يعثرون الشباب بأفكار منحرفة و تعاليم مغلوطة مثلما كان الأسقف المانوى فاوستوس الذى ذهب إليه أغسطينوس منبهرا به  متعطشاً لمعرفة الحقيقة لكن هناك تاهت الحقيقة و لم يكن سوى إنحراف و شر أزادت أغسطينوس إرتباكاً و تعثراً.أضاع فاوستوس المعثر سنوات طويلة من عمر أغسطينوس.لكن كان هناك أيضاً القديس إمبروسيوس أسقف ميلان الذى إستخدمه الله لتوبة أغسطينوس .
 
-من الجسديات التى كان يعلم بها فاوستوس إلى فلسفة أفلاطون التى تعلم بالعالم غير المادى (عالم المُثُل) إنتقل عقل أغسطينوس قليلا من الشهوة إلى ما هو غير مادى و وبدأ يتفق قليلا مع تعاليم مسيحية عن الأبدية و الملكوت و فى رواق الفلاسفة سمع عن توبة أحد أتباع أفلاطون و يدعى فيكتورينوس الذى صار مسيحيا و تأثر بهذه السيرة جداً.ثم بعدها تزحزح قلب أغسطينوس شيئا فشيئا نحو السمائيات.
 
- عظات القديس إمبروسيوس فتحت شهية أغسطينوس على الكتاب المقدس حتى نستطيع أن نقول أن الذى صنع أغسطينوس قديساً هو الكتاب المقدس. لنرضع أولادنا كلمة الله أساس الحياة و نبعها.مصدر الحكمة و معلمة اللاهوت.شبع الرجاء و قوة التوبة.صانعة القديسين و الشهداء.
 
-نضج قلب أغسطينوس و إستنار فكره الذى لا يمكن إختصاره و لو فى كتب كثيرة.بعد بنتينوس فيلسوف المسيحية يعد أغسطينوس الرجل الذى وضع الفلسفة فى بوتقة الإيمان.لم يحتقرها بل رقاها إلى أفكار الإنجيل و سدد ثغراتها رافضاً منها ما لا يليق.هو الرجل الذى دون سيرته  فى كتابه (الإعترافات) دون خجل من أخطاءه. يعترف كالإبن الضال أخطأت يا أبتاه فى السماء و فى الأرض قدام جميع الناس.وثق إعترافه بكتاب يقول فيه أنا خاطئ يا رب فإجعلنى بك تائباً.كتاب الإعترافات مدرسة للتوبة يصلح للشباب بالذات.
 
القديس العظيم أغسطينوس هو من أواخر الآباء الذين كتبوا باللغة اللاتينية.من أواخر القديسين  الذين تجمع عليهم كنائس الشرق و الغرب معاً.الروح القدس فيه كشف الكثير من نفائس الكتاب المقدس.كتب أكثر من 230 كتاب موجودة فى ثمان مجلدات للأباء النيقاويين. وعظ أكثر من ستة آلاف عظة مكتوبة.لم يكن خالياً من الأفكار الجدلية ككل العظماء.لكنه بالإجمال من أعظم كتاب الشرق بعد أثناسيوس و كيرلس ويوحنا ذهبي الفم آباء الكنيسة الكبار القديسين.
- من فضائل القديس أنه بعدما نضج روحياً حارب بدعة مانى التى توهجت قروناً.التى تورط فيها فى بداياته.كما حارب بدعة الدوناتيين الذين يؤمنون بتكرار المعمودية و قطع الذين أنكروا الإيمان حتى لو رغبوا العودة كذلك بدعة البيلاجية التي تنكر الخطية الأصلية و و ضرورة النعمة للخلاص .
 
- القديس أغسطينوس نموذجاً روحياً يعلمنا أنه لا حدود قصوى للتوبة.إنها باب ندخله و لا نخرج منه أبداً.كل السمائيات تنكشف لمن يستمر فى السير فيه.إنفتاح القلب على الله فى أغسطينوس أثمر تعليماً غذى المسكونة كلها.أغسطينوس الرجل الذى توبته توبت ربوات ربوات من البشر.