سليمان شفيق
في الذكري الخمسين لرهبنة الاب وليم سيدهم اليسوعي ،لا يمكن كتابة شهادة عن الأب وليم سيدهم اليسوعى.. دون ربط الراهب الثائر، والمثقف العضوى، والزاهد «أبوشبشب»، بما أنتج من ممارسة وفكر واستنباط للاهوت التحرير وتمصيره.

تعرفت على أفكار لاهوت التحرير من خبرتى فى أربعة بلدان فى أمريكا اللاتينية: البرازيل، والسفادور، وكولومبيا، وبيرو، وتعرفت على اسم الأب وليم من آباء لاهوت التحرير، وفى القاهرة 1996 تقابلنا، رجل بسيط.. ذو جمجمة فرعونية، وسحنة مصرية أصيلة، كان شتاء يناير ذو الطقس الغائم يخيم على سماء القاهرة والرجل يرتدى بنطلونا وقميصا من اللون الأسود، و«بلوفر» رماديا «كالحا» يبدو عليه القدم، و«شبشب» فى عز الشتاء، ولأنى تعودت على الكهنة والرهبان الذين يرتدون زيا خاصا.. لم أتخيل هذا الرجل إلا أحد عمال مدرسة العائلة المقدسة (الجيزويت) جلس بجوارى، سألتة: أين الأب وليم؟ انفرجت أسارير الرجل ورد: أنا !!

ثلاث ساعات اكتشفت الخبيئة التى تسكن ابن جراجوس، الرابضة فى عمق الجنوب الأقصرى ترتوى من عبق الحضارات الفرعونية والبيزنطية واليونانية، تفيض ضحكتة مثل موج النيل، والشفتان شاطئان، والأسنان صخور تتوسطهما، تصطدم بهما ضحكاتة فتعود كلماته إلى شط الحديث، عيناه منيرتان واسعتان كقنديلين من قناديل مصر القبطية، ينيران حوارنا.. لن تصدقونى إن قلت إننى لا أتذكر من حوارنا الأول الذى امتد لساعات سوى ضحكات من القلب، ونقاء روحى، وكلمة (الثورة)، للحظات كنت أشعر أننى أمام ناسك من علماء مدرسة الإسكندرية الأولى.. حينما كان «الأبسط هو الأعلم والأعلم هو الأقدس»،

قضى وليم 50 سنة رهبنة، دخل الرهبنة عام 1972، حصل على ليسانس فلسفة من جامعة القاهرة ودرس في السوربون وحصل على الماجيستير في علم التأويل عند ابن رشد، ومدرس فلسفة في مدرسة الجزويت، أستاذ بكلية العلوم الدينية، وله واحد وعشرون كتابا عن لاهوت التحرير، وحاليا رئيس مجلس إدارة جمعية النهضة العلمية والثقافية.

- يعمل في إطار جمعية النهضة العلمية والثقافية بالفجالة «المركز الثقافى لجزويت القاهرة» التى تأسست سنة ١٩٩٨ على يد الآباء والإخوة اليسوعيين «الجزويت» وعدد من المصريين «مسلمين ومسيحيين» المهتمين بالقضايا الفنية والثقافية افخر بأنني احدهم ، وهى تعمل مع الكبار والشباب على توفير مساحة للإبداع والابتكار والنظرة النقدية من خلال العمل الجماعى التطوعى الابتكارى الحر بهدف تشكيل الوجدان ورفع الوعى الثقافى والفنى.

وتعمل على خدمة الإنسان وفن الصورة والمحاولة في المساهمة في توعية وتنمية الإنسان من خلال الفن، والمساهمة أيضا في تكوين الشباب والشابات لكى تصبح لهم أدوات للتعبير سواء في السينما أو المسرح، أو العلوم الإنسانية للتعبير عن أنفسهم. وتم تأسيس أكاديمية النهضة للفنون والآداب وتضم «مدرسة السينما» في القاهرة وأسيوط والاقصر، وتعمل على تدريب ودعم وإنتاج أفلام مجانية تستهدف تدريب صناع الأفلام المبتدئين الأكثر احتياجا، لتمكينهم من أدوات التعبير بالصورة، وذلك عبر تعلم صناعة افلام منخفضة التكلفة، وتقدم منح مجانية بعد اجتياز الاختبارات للشباب وشابات من سن ١٦ سنة إلى ما فوق.

أيضًا مدرسة المسرح، وهى مبادرة لخلق تيار مسرحى يتفاعل مع الناس في الشارع ومع القضايا المصرية ويقدم عروضه في الشارع والميادين والأماكن المفتوحة في القرى والمدن، كما توفر المدرسة فرصة التدريب العارضين والعارضات على كل فنون أداء المسرح الجسدى.

- وعن الفن يقول الاب وليم  عن الكنيسة والفن :
توجد كتابات كثيرة عن الإيمان المسيحى توضح أن الله جل جلاله أبدع فسوى حتى القرآن الكريم اتفق في ذلك، إذا ربنا لما بيتجلى الإنسان، وعندما خلق الكون خلقه جميل جمالا، وبالتالى الفن بالعكس من أول ما ظهر الإنسان، وبدأ يعبر عن نفسه وبدأ يرسم على الكهوف والمغارات، ولو تصور العصور الوسطى كل الكنائس في أوروبا كلها كانت تماثيل وفنون ونحت، وهذا بالإضافة إلى أننا لدينا في مصر المعابد وكلها رسومات وفنون وأمور جميلة، إذن الفن ليس غريبا عن الايمان أو الثقافة، كل الشعوب لها فنونها وثقافاتها ولها تعبيراتها، والتميز الخاص بها، ومن هذه الزاوية أستطيع أن أقول إن الكاثوليك في العالم لديهم إيمان قوى بدور الفن والفنون ليس فقط فن النحت والرسم، ولكن في الموسيقى والسينما

من إبداعات الأب وليم، وكتاباته عن لاهوت التحرير، وهي: لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية 1993، لاهوت التحرير في أفريقيا 1997، لاهوت التحرير في آسيا 2001، حقوق الإنسان رؤية مسيحية 2011، لاهوت التحرير الفلسطينى 2018، لاهوت التحرير ـ رؤية مسيحية إسلامية 2008، المجتمع المدنى عبر العمل الاجتماعي 2008، يوكيات كاهن في زمن الثورة 2015، قضية التنوير ولاهوت التحرير2019، مشكلة التأويل عند ابن رشد 2019، وهكذا يعد الأب وليم سيدهم صوتا صارخ ضد الصهيونية من منظور كتابى مسيحى ولاهوتى ، اما عن كتابة "يوميات كاهن في زمن الثورة":

 فى 199 صفحة من القطع المتوسط لخص الأب وليم يوميات ثورة 25 يناير.. وفيه كل «البوستات» اليومية التى كتبها الأب وليم فى الفترة من يناير 2011 إلى سبتمبر 2013، سجل كل الأحداث بطريقه بسيطة ولغة سهلة الفهم، ولكنها تحمل الكثير من المعانى لتعبر عن مشاعر مرت عليه وربما على الكثيرين من أبناء الشعب المصرى من حزن وترقب وغضب وفرح فسوف تجد عزيزى القارئ كما من المشاعر المختلفة التى تجعلك وأنت تقرأ هذه اليوميات تسترجع مشاعرك أنت وتتذكر أحداثا عظيمة مرت فى عمر هذا الوطن وتلك الثورة

وليم سيدهم الراهب والكاهن الثائر.. لم يكتب يومياته عن الثورة «المغدورة» فحسب.. بل دعا تلاميذه من الثوار الذين تبعوه على حمل صليب الثورة والسير على درب الآلام إلى التحرير، فكتب مصطفى وافى، وريهام رمزى، وهناء ثروت، وصموئيل خيرى، وهكذا اتسع صدر دار المحروسة لما ضاق به صدر الوطن.. ليصدر كتاب «يوميات كاهن فى زمن الثورة» شهادة مروية بدماء الشهداء المنسيين للثورة المغدورة.

كل سنه وقدسك طيب الاب والصديق وليم سيدهم اليسوعي ٣٠ سنه علاقة روحية علمتني لاهوت التحرير وكرمتني مع الراحل ابونا نبيل غبريال وا جورج اسحق حينما كنت مستشار اعلام في الامانه العامة للمدارس الكاثوليكية ثم تكريمي كرئيس تحرير لمجلة العدالة والسلام ولن انسي تكريمك بتسمية قاعة بأسمي في جمعية النهضة العلمية لدوري في تأسيس الجمعية

الاب العظيم في عيد رهبنتك الخمسين كل سنه وقدسك طيب والي منتهي الاعوام