محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس هذا السبت في الفاتيكان مرسلي رهبنة الآباء المخلصين لمناسبة انعقاد مجمعهم العام في روما ووجه لهم خطاباً شدد فيه على عدم وضع العراقيل أمام العمل المجدد للروح القدس موضحا أن التجدد الذي تحتاج إليه اليوم الكنيسة والحياة المكرسة يمر عبر عملية ارتداد القلب والعقل.
 
استهل البابا كلمته موجها التحية إلى الحاضرين ولافتا إلى أنهم ينشطون كمرسلين في خمسة وثمانين بلداً حول العالم، وعبر عن امتنانه للرئيس العام الجديد الأب روجيرو غوميز على الكلمة التي وجهها إليه باسم جميع الحاضرين. بعدها قال البابا إن انعقاد المجمع العام ليس مجرد إجراء شكلي يقتضيه القانون الكنسي، بل هو عيش العنصرة، القادرة على جعل كل الأمور جديدة، مذكراً بأن تلامذة الرب كانوا يعيشون في أوضاع من الشك والريبة والخوف في العلية، بيد أن الروح القدس دفعهم إلى الخروج وحمل البشرى السارة إلى الجميع.
 
وذكر فرنسيس بعدها بأن المجمع العام الملتئم في روما يتناول خمسة مواضيع رئيسة هي: الهوية، الرسالة، الحياة المكرسة، التنشئة والإدارة. وقال إن هذه المسائل مترابطة فيما بينها، وتساعد الآباء المخلصين على إعادة التفكير في مواهبهم في ضوء علامات الأزمنة. كما أن هذا التمييز الجماعي يتجذر في قدرة كل فرد على البحث عن سر المسيح المخلص، الذي هو سبب تكرسهم وخدمتهم للرجال والنساء المقيمين في الضواحي الوجودية اليوم. وشجع البابا ضيوفه على العمل واضعين نصب أعينهم الإنجيل وتعاليم الكنيسة. وطلب منهم عدم الخوف من سلوك دروب جديدة ومن الحوار مع العالم، تماشيا مع تقاليدهم اللاهوتية الخلقية العريقة.
 
هذا ثم انتقل البابا إلى الحديث عن الجهوزية التي تعني أن يتكرس الشخص بالكامل للرسالة مهما كلف الأمر مبقياً أنظاره موجهة نحو يسوع. وأشار إلى أن الكنيسة والحياة المكرسة تعيشان اليوم مرحلة تاريخية فريدة، وتوجد أمامهما إمكانية التجدد بأمانة خلاقة لرسالة المسيح. وقال إن هذا التجدد يمر عبر عملية ارتداد القلب والعقل، مضيفا أنه يتعين علينا أحياناً أن نتخطى التقاليد التي ورثناها والتي لم تقم بوظيفتها المرجوة. وهذا أمر ضروري – مع أنه مؤلم – كي نستطيع أن نشرب من المياه التي يمنحها الروح القدس، الذي هو مصدر كل تجدد. وشدد فرنسيس في هذا السياق على أهمية ألا نضع العراقيل أمام العمل المجدِّد للروح القدس، بدءا من قلوبنا وأنماط حياتنا.
 
وذكّر البابا الآباء المخلصين بضرورة ألا ينسوا الأعمدة الثلاثة الأساسية، ألا وهي: مركزية سر المسيح، الحياة الجماعية والصلاة، لافتا إلى أن شهادة وتعاليم القديس ألفونس تدعو هؤلاء الآباء إلى المكوث في محبة الرب، لأن بدونه لا نستطيع أن نفعل شيئا، وإذا ثبتنا فيه نحمل الثمار. وحذّر فرنسيس من مغبة التخلي عن الحياة الجماعية والصلاة لأن هذا الأمر يشكل الباب أمام عقم الحياة المكرسة، وموت المواهب والانغلاق حيال الأخوة. أما وداعة روح المسيح، فتحملنا على تبشير الفقراء، وفقاً لما أعلنه المخلص في مجمع الناصرة.
 
وأضاف البابا أن الرسالة التي قام بها العديد من أعضاء الرهبنة، من قديسين وشهداء وطوباويين ومكرمين، تحمل الآباء المخلصين، أينما وُجدوا في العالم على بذل حياتهم في سبيل الإنجيل، وعلى كتابة قصص للخلاص على صفحات زماننا هذا. وتمنى فرنسيس للإدارة العامة الجديدة أن تتمتع بالتواضع والوحدة والحكمة والتمييز كي تقود الرهبنة خلال هذه المرحلة التاريخية الجميلة والمليئة بالتحديات. وقال: العمل هو عمل الرب، ونحن لسنا إلا خداما نصنع ما ينبغي أن نصنعه، موضحا أن من يتبوأون مناصب القيادة من أجل مصالحهم الشخصية لا يخدمون الرب الذي غسل أرجل التلاميذ، بل يخدمون أصنام العالم الدنيوي والأنانية.
 
في الختام أوكل البابا ضيوفه إلى حماية العذراء مريم وسألها أن ترافقهم دوما، كما رافقت ابنها عند أقدام الصليب. وطلب من الرب أن يبقى مرسلو الآباء المخلصين أمناء لرسالتهم، دون أن ينسوا الفقراء والمتروكين الذين يخدمونهم ويعلنون لهم بشرى الخلاص السارة. هذا ثم منح الحاضرين بركاته الرسولية، طالباً منهم أن يصلوا من أجله.