قصة للأطفال  بقلم : زهير دعيم
سُلافة  حفيدتنا الغالية ابنة السّنتيْن ،  كانت تُداعب دُميتَها وتبتسمُ لها كما عادتها في كلِّ مساء.

ثمَّ مشت نحونا بخفّة ظلٍّ ونغاشةٍ ، وراحت تمُدُّ يدها الصّغيرة نحونا  ، وتفتح فمها الصّغير ببراءة،  تريد قطعةً من كُنافةٍ رأتنا نلتهمها بشَغَفٍ .

  فضحكتُ قائلًا :
 حفيدتنا  الشّطورة سُلافة
بخفّةِ ظلٍّ ورهافة
تُريدُ وبكلّ لطافة
قطعةً صغيرةً من كُنافة.
فامتلأ البيت ضحكًا وأنا أقوم  وأُقدِّمُ لها قطعة صغيرة منَ الكُنافة .
أكلت سُلافة الكُنافة بِشَغَفٍ وهي تتلمظ ، وسرعان ما طلبت قطعة أُخرى.
 وفجأةً أخذ لونها يتغيّر وبدأت تسعل وتختنق .

 خفنا وقلقنا...
 الى أن أكّد لنا الطّبيب أن سُلافة بخير ، ولكن علينا أن نحذرَ مِنْ أنْ نطعمَها الفُستقَ الحَلبيّ .
كان ذلك قبل أكثر من أربع سنوات .
 وظلَّ  سؤالها كلّما رأت الكُنافة أو الفستق الحلبيّ : لماذا  أنا بالذّات ؟.... لماذا أنا ؟!
  في عصر أحد الأيام الرّبيعيّة ، كانت سُلافة عندنا تلعبُ تارةً وتُغنّي أُخرى .
 رأت سلافة من شرفة بيتنا المُطلّة على الشّارع ، رباب ابنة صفّها السّاكنة في البيت المقابل .

 ضحكت لها ودعتها لزيارتنا بعد أن استأذنت جدّتها.
 سأطلب إذنًا من أُمّي قالت رباب ، فإن سمحت لي أكون عندك بعد قليل.
  حضرت رباب ، وحضرَتِ البسمات والضحكات والبراءة ، و " قامت الدُّنيا ولم تقعد."

  ولم ننتبه إلّا على صوت سلافة :
  جَدّتي أريد قطعة خبز بالشوكولاطة... لا بل قطعتيْن .. واحدة لي وأُخرى لصديقتي رَباب.
 احضرت الجدّة قطعتيْن منَ الخبز مطليتيْن بالشوكولاطة ، وأعطت واحدة لِسُلافة وهمّت بإعطاء الأُخرى لرباب التي وقفت حيرى وهي تقول :
  لا .. لا أريد .... فأنا حسّاسة للشوكولاطة ..فهي تضرّني !!!

  ذهلت الجدّة ثمّ قالت : لا بأس يا صغيرتي ، فسأحضر لك قطعة خبزٍ مطليةً باللبَنة.
 ابتسمت سلافة ابتسامة خفيفة ،  وهزّت برأسها الصّغير ، وراحت تلتهم قطعة الخبز بالشوكولاطة بنهم غريب لم أره من قبل.
 ومرّت الأيام ..
 وغابَ السؤال : لماذا أنا ؟
 غابَ ولم يَعُد.
غاب ولم تغِبِ الكُنافة .