فرغ الكويتيون من انتخاب مجلس الأمة الجديد، وانشغلت «الديوانيات» بتحليل تركيبة المجلس، التى مالت بشدة إلى وجوه المعارضة فى المجلس المنحل، وتوليد أسئلة شائكة من قبيل كم يدوم عمر المجلس؟!.
 
وهل هناك فرصة تعايش سياسى بين المجلس والحكومة؟!.
 
ومدى حكمة المجموع البرلمانى الجديد فى تعاطيه مع قضايا التنمية التى تشغل الشارع الكويتى كالتعليم والإسكان، وزيادة حوافز الكويتيين المالية ومحاربة الفساد، بعيدًا بمسافة كافية عن القضايا المعلقة على مشجب المعارضة، والتى كلفت المجلس الحل مرارًا وتكرارًا!.
 
ويأملون فى العموم الكويتى أن ينجو المجلس الجديد من قرار الحل، ويخشون من تعليقه، كما حدث سابقًا فى عام ١٩٨٦، وكلف الديمقراطية الكويتية غاليًا.
 
لافت فى الحكى الكويتى تحذير سمو ولى العهد، الشيخ «مشعل الأحمد الجابر الصباح» من تكرار الممارسات السياسية التى حكمت الدورات السابقة، تحذير واضح لا لبس فيه، وترجمته رغبة أميرية فى حراك سياسى محكوم بالمصالح العليا للوطن.
 
والرسالة على وقتها.. بعلم الوصول، وقبل إلقاء أول ورقة اقتراع فى الصناديق، وقبل أن يختار الشعب نوابه، قاعدة أميرية حاكمة بغض النظر عن التشكيلة التى جاءت تعبيرًا عن الشارع دون تدخل من الديوان الأميرى الذى حرص على «مسافة مراقب» لمجريات العملية الانتخابية. التشكيلة الجديدة يمكن وصفها بـ«المعارضة الشرسة» بوجوه اختارها الشعب الكويتى على عينه.
 
وعين الشعب ستكون على أداء المجلس، وأجندة الشارع ستحكم عمل المجلس، والشارع ضجر من الممارسات السياسية التى تخلو من الرشادة السياسية التى عطلت خطط التنمية طويلًا.
 
التوقعات المتشائمة تشيع فى الأجواء نفسًا كريهًا، قياسًا على السوابق، مجلس معارض مرشح للصدام مع الحكومة، والحل ينتظره عاجلًا، ويمزح الكويتيون بأنهم ذاهبون لصناديق الاقتراع فى أقرب الآجال.
 
الحكماء فى نادى التفاؤل الكويتى يتوقعون مسارًا مغايرًا، ويتمنون شهر عسل يدوم طويلًا، وعلى الطريقة المصرية «اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى» وترجمتها «اللى اتلسع من قرار الحل يتوقى مسوغات التعليق»، ويبتعد عنها بمسافة.
 
ما يهم الشعب الكويتى من هموم أولى من الاحتراب الذى يؤذن بالحل باكرًا، ويعول الحكماء على حكمة رئيس الحكومة سمو الشيخ «أحمد نواف الأحمد الصباح» وشخصيته الحوارية، وفطنة رئيس المجلس «أحمد السعدون» وخبرته البرلمانية العريضة، لإقامة حوار برلمانى راشد ينحى المختلف، ويشدد على المتفق عليه، محكومًا بقاعدة أصولية تقول: «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه».
 
أخشى تحليل عناصر التشكيلة الجديدة فى وصفها جهويًا، وقبليًا، وفئويًا، وطائفيًا، وحزبيًا يحرف مسار التحليلات، ويعلى النبرة التشاؤمية، ولكن ما يتجاهله المحللون المتشائمون ما هو مستقر فى أعماق الكافة، أن الكويت أولًا، بمعنى قد يكون البرلمانى شيعى الهوى ولكنه كويتى، قد يصنف إخوانيًا أو سلفيًا، لكنه يعبر وطنيًا عن كونه كويتيًا، وهذا ما يؤمن فرصة لإبعاد المجلس عن التجاذبات الفئوية أو القبلية أو الدينية، ويوفر فرصًا سنحت لشعار الكويت أولًا.
 
سمو ولى العهد الشيخ «مشعل الأحمد الجابر الصباح» يوفر لهذه التحليلات الإيجابية المتفائلة مددًا بحسمه وقوة خطابه الأميرى، وخبرته العريضة بالدولة العميقة، ما يؤهله لإدارة الحوار (البرلمانى / الحكومى) على أجندة وطنية، وعدم السماح بالخروج عن النص، والتحذير واضح ولن يُسَرَّ أحدٌ إذا عاد المجلس إلى سيرته الأولى التى كان عليها.
نقلا عن المصري اليوم